الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أول المجددين للدين في نظر صاحب المقاصد هو الإمام مالك بن أنس:
قال الشيخ ابن عاشور إثرَ الحديثِ عن فقهاء المدينة ورواتها: ثم انحصر علمهم في مالك بن أنس عالِم المدينة، فأزبد عنده ذلك المخض، وأفصح عن الخالص المحض، وانفرد في زمنه بحمل السنة الصحيحة، وعرْضِ المرويات على محكِّ النقد. وكان اعتماده في النقد على معايير ثلاثة:
- عمل أهل المدينة.
- قواعد الشريعة.
- وصفات الرواة.
ولم تجتمع هذه المعايير لغير مالك في عصره ولا قبل عصره. كان ظهور مالك في أوائل القرن الثاني في حدود سنة 112؛ لأن مالكاً قد نبغ وهو شاب، وكانت ولادته سنة 93 أو 96، فيكون في حدود سنة 110 قد بلغ الحلم أو تجاوزه.
وفيه تأوّل أهل عصره حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون أعلم من عالم المدينة"(1).
قالوا: وفيه إشارة إلى مالك بن أنس. ذهب إلى هذا سفيان بن عيينة وابن مهدي ويحيى بن معين وابن المديني، وجمعٌ كثيرٌ (2).
إمام الحرمين:
سبق الإمامَ ابنَ عاشور إلى دعوة التجديد لعلم أصول الفقه إمامُ
(1) حَم: 2/ 299؛ تَ: 5/ 47، ع: 2680؛ كم: 1/ 90 - 91.
(2)
مقالات الإمام محمد الطاهر ابن عاشور: 89.
الحرمين عبد الملك الجوينى. ذكر ذلك الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، منوهاً بعلمه وبمنهجه في تجديد علم أصول الفقه. قائلاً: إن التجديد الذي أبرز ثوابتَه ومعالِمه الواضحة، التي لا يعزب عن المتخصّصين الذين يعيشون على الفكر الأصولي في مدوّناته ومصادره الأصلية .. ، هو كما يقتضيه الإنصاف بالحكم ما تَفَرَّدَ به إمام الحرمين، في هذا المجال بكل ما قيل، بل والأحرى أن يعدّ كتابه البرهان في أصول الفقه مشروعاً لتجديد هذا العلم، بكل ما يعنيه التجديد موضوعاً ومضموناً وشكلاً أيضاً في صورة غير مسبوقة وغير ملحوقة، أنموذجاً رفيعاً لتحقيق هذه الغاية (1).
ثم ذكر الأستاذ الدكتور في حديث طويل عناصر تجديد الفكر الأصولي. وجعل منها:
(1)
التسليم التام لأصول الشريعة وإبقاؤها على الرأي.
(2)
التحليل الموضوعي وتصويب المجتهدين في المظنونات.
(3)
تفهم آراء المخالفين وإنصافهم.
(4)
كيفية استخلاص الرأي الصحيح.
(5)
إعطاء كل موضوع خاصيته وعدم اعتباره بغيره.
(6)
إحكام صياغة حدود المصطلحات الأصولية.
وذيل هذا البحث بقوله: بهذا يكتمل الفكر الأصولي: الموضوع والمضمون والمنهج. ولا يسلم كل هذا إلا بالخلو عن العوائق والموانع التي تناولها العرض آخر هذا البحث. وقد عُدّ منها في هذه الرسالة:
(1) أبو سليمان. الفكر الأصولي: 546 - 549.