الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - الغزالي: شفاء الغليل، المنخول، المستصفى:
أما الغزالي تلميذ إمام الحرمين قد تعددت كُتبه، وتميّز به عصره، فاكتشف تصوّرات جديدة وقوانين معتبرة. نلمسها جميعَها في كتابه شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل، وكتابه المنخول، وكتابه المستصفى وهو أكمل هذه الكتب وأدقها وأتمّها وأوفاها. سلك به سبيله إلى علمي الأصول والمقاصد، وقال عنه في مقدمته:"وضعت تصنيفاً في أصول الفقه أصرِفُ العنايَة فيه إلى التلفيق بين الترتيب والتحقيق، وإلى التوسط بين الإخلال والإملال ..... وجمعت فيه بين الترتيب والتحقيق لفهم المعاني. فلا مندوحة لأحدهما عن الثاني. فصنّفته وأتيت فيه بترتيب لطيف عجيب، يُطلع الناظر في أول وهلة على جميع مقاصد هذا العلم، ويفيده الاحتواء على جميع مسارح النظر فيه. فكل علم لا يستولي الطالب في ابتداء نظره على مجامعه ومبانيه، فلا مطمح له في الظفر بأسراره ومباغيه"(1).
ورجع الشيخ ابن عاشور في المصلحة المرسلة أو الكليّات إلى مقالات الغزالي. ونقل عنه من المنخول قوله في المصلحة المرسلة: كل معنى مناسب للحكم مطرد في أحكام الشرع لا يَرُدُّه أصل مقطوع به يقوم عليه من كتاب أو سُنة أو إجماع فهو مقول به، وإن لم يشهد له أصل معيّن (2).
وأورد في نفس الغرض من شفاء الغليل قول الغزالي: قد رتبنا المناسب على ثلاث مراتب: ما يقع منه في رتبة الضروريات، ما يقع
(1) المستصفى: 1/ 4.
(2)
المنخول: 364؛ شفاء الغليل: 208، 209؛ المقاصد: 246 - تع 1.
منه في رتبة الحاجيات، وما يقع في رتبة التحسينيات والتزيينيات. فالواقع في الرتبة الأخيرة لا يجوز الاستمساك به ما لم يُعضَد بأصل معين ورد من الشرع الحكيم فيه على وفق المناسبة، فأمّا إذا لم يرد من الشرع حكم على وفقه فاتباعه وضعٌ للشرع بالرأي والاستحسان.
وأما الواقع من المناسبات في رتبة الضروريات أو الحاجيات فالذي نراه فيها أنه يجوز الاستمساك بها إن كان ملائماً لتصرفات الشرع، ولا يجوز الاستمساك بها إن كان غريباً لا يلائم القواعد (1).
وذهب في مكان آخر إلى أن الواقع في رتبة الحاجيات والتحسينيات لا يجوز الحكم بمجرده إن لم يعتضد بشهادة أصل (2).
وقد سبق تصوير الإمام الأكبر سلوكَ الغزالي بأنّ فيه إقبالاً وإدباراً (3).
أما رجوع صاحب المقاصد إلى أقوال الغزالي في المستصفى فهو أكثر وأوسع. فمن ذلك وقوفه على جملة من الآراء نقلها عنه مثل:
1 -
عدم قول الغزالي بدخول العِرض في الكليات الخمس (4). وقد صوب الشيخ ابن عاشور هذا الرأي واختاره على نحو ما فعل الغزالي في المستصفى، وابن الحاجب في مختصره.
2 -
جرى المؤلّف في تقسيمه المصالح باعتبار آثارها في قوام أمر الأمة فجعلها على نحو ما ذهب إليه الإمام الغزالي ثلاثة أقسام: ضرورية، وحاجية، وتحسينية (5).
(1) شفاء الغليل: 208، 209 وما بعدها.
(2)
المستصفى: 1/ 213.
(3)
المقاصد: 245 - 246.
(4)
المستصفى: 2/ 18.
(5)
المقاصد: 231 - 234.