الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السادس
مصادر التشريع
الفصل الأول: أنواع مصادر التشريع
إلى جانب مباحث مقاصد الشريعة وما لها به من علاقة، ننبّه من جديد إلى أنّ مهمة الدارس لهذا الفنّ لا تقتصر على التعريف بالمقاصد وبيان أقسامها، بل تمتد إلى الوقوف على أنحاء وطرق إثبات المقاصد من جهة، وإلى معرفة الأدلة التفصيلية التي تُستنبط منها أحكام الشريعة من جهة ثانية. وهكذا تكون النظرة شاملة ودقيقة تصل الأحكام بأدلّتها التفصيلية، وتربط تلك الأدلة بما تصوّره من مقاصد ومصالح يَتحقّق بها غرض الشارع من التكليف، وغرض المكلف من الحصول على الغايات والأهداف التشريعية التي كتبها الله له لاستجابته لأحكامه.
وليس في قول الإمام: وقد يظن ظانٌّ أنّ في مسائل علم أصول الفقه غُنيةً لمتطلّب هذا الغرض فيقوم هذا دليلاً على جواز إلغاء مسائل علم المقاصد وعدم ذكرها والتعرّض إليها، كما أنه لا يريد من عدم اطّراح علم أصول الفقه أو إغفاله أن يبقى على ما هو عليه من جمود وخلط (1)، بل دعا إلى تجديده وفصْل ما ليس من القضايا الأصولية عنه. فإنّ هذا لا يقتضي أبداً تجاوزه إلى غيره من العلوم في قضاياه الأساسية، بل هو محل إفادة ونقد وتطوير. وهل هو إلا
(1) المقاصد: 6.
كاشف عن محامل ألفاظ الشارع في انفرادها واجتماعها وافتراقها حتى تقرّب فهم المتضلّع فيها من أفهام أصحاب اللسان
…
مثل مسائل مقتضيات الألفاظ وفروعها من عموم وإطلاق، ونص وظهور، وحقيقة وأضدادها، وكمسائل تعارض الأدلة الشرعية من تخصيص وتقييد وتأويل وجمع وترجيح ونحو ذلك (1).
ومصادر الشريعة المتّفق عليها وما في حكمها هي الكتاب والسُّنة، ثم الإجماع والقياس.
من مصادر التشريع:
وألحق أئمةُ المذاهب بها مصادر أخرى اختلفوا في الاعتداد بها والاعتماد عليها. وهي: المصلحة المرسلة، والاستحسان، وسدّ الذرائع، وإبطال الحيل، وقول الصحابي، والعرف، وشرع مَن قبلنا، والاستصحاب.
وبيّن الشاطبي وجهَ حصرِ الأدلة في المصادر المذكورة أعلاه في موافقاته حين قال: أصول الأدلة الشرعية ضربان:
أحدهما: ما يرجع إلى النقل المحض.
والثاني: ما يرجع إلى الرأي المحض.
والأول هو الكتاب والسُّنة، والثاني هو القياس والاستدلال. ويلحق بكل واحد منهما وجوه. فيلحق بالضرب الأول الإجماع على أي وجه قيل به، ومذهبُ الصحابي، وشرع مَن قبلنا لأنّ ذلك كله وما في معناه راجع إلى التعبّد بأمر منقول صرف لا نظر فيه لأحد. ويلحق بالضرب الثاني الاستحسان والمصالح المرسلة إن قلنا إنها راجعة إلى أمر نظري (2).
(1) المقاصد: 9.
(2)
الموافقات: (3) 3/ 41.