الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجوه، إضاءتها لنا المسالك، ووضعها أيدينا على الحِكمة الشرعية، وعلى العلّة من التشريع الإلهي فيما قضى به الشارع الحكيم.
الكليات:
تطلق الكليات على القسم الضروري من أقسام المصالح. وهي الكليات الخمس: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل (1)، وتوسع آخرون فأطلقوها على جميع المقاصد من ضروريّات وحاجيّات وتحسينيّات، لأن الشارع قصد بها أن تكون مصالح على الإطلاق. فلا بد أن يكون وضعها على ذلك الوجه أبدياً وكلياً وعاماً في جميع أنواع التكليف والمكلفين وجميع الأحوال (2).
ومثل هذا الحصر أو التوسع في إطلاق مصطلح الكليات نجده في استعمال المصطلحين: المقاصد والمصالح فهما مرّة ملتقيان، وأخرى مفترقان. تطلق كلمة مقاصد ويراد بها المصالح وكذا العكس. قال الشاطبي: تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق. وهذه المقاصد لا تعدو الأقسام الثلاثة مما ذكرنا (3). وقال مرّة أخرى، جاعلاً القسم الضروري من المصالح وحدَه من المقاصد: إن مصالح الدين والدنيا مبنية على المحافظة على الأمور الخمسة (4).
وفي شرح التحرير: حصرُ المقاصد في هذه الخمسة ثابت بالنظر للواقع وعادات الملل والشرائع بالاستقراء (5).
(1) الموافقات: (3) 2/ 7.
(2)
الموافقات: (3) 2/ 37.
(3)
الموافقات: (3) 2/ 8.
(4)
الموافقات: (3) 2/ 17.
(5)
ابن أمير الحاج. التقرير والتحبير شرح التحرير: 3/ 143 - 144.
والمقاصد متضمّنة للمصالح والمفاسد في أنفسها (1). والمصالح والمفاسد على ضربين "دنيوية وأخروية". والمصالح المجتلبة، والمفاسد المستدفعة شرعاً إنما تعتبر من حيث تقام الحياة الدنيا للأخرى (2). ويظهر من هذا الحصر دلالة المصالح والمفاسد على خصوص الجلب والدرء.
وعند تأمل التركيب الإضافي "مقاصد الشريعة"، نتصوّر معناه على الجملة، وندرك أن القَصد يراد به المقصود لغة، فَهُما بمعنى. وفي الاصطلاح أطلقوه على المطلب والغرض والحكمة التشريعية، ومن ثم انصبّ القصد العام في استعمال الأصوليين على المصلحة، كما ذكر ذلك صاحب مقاصد الشريعة الإسلامية في قوله: إذا نحن استقرينا موارد الشريعة الإسلامية الدالة على مقاصدها من التشريع، استبان لنا من كليات دلائلها، ومن جزئياتها المستقراة أن المقصد العام من التشريع فيها هو حفظ نظام الأمة واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه وهو الإنسان (3).
وحاول بعض المتأخرين التفريق بين المصطلحين: المقاصد والمصالح. وقال: إن المصلحة هي مادة المقاصد ومجال فعلها. وفسّر الجملة باعتبار أن المقصد هو المبدأُ النظري أو القاعدة العامة، وقال في المصلحة: إنها المقصدُ حين يتجسّد، أي حين يتحول إلى فعل له. والظاهر أننا في غناء عن التفرقة بين المقصد والمصلحة. وكان ذلك هو الأصل والأساس من وضع كتاب المقاصد. وهو اعتبار المصالح مناطاً لأحكام الشريعة. فهي المقصودة من تلك
(1) المقاصد: 400.
(2)
الموافقات: (3) 2/ 37.
(3)
المقاصد: 194.