المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القواعد والضوابط لمعرفة الأحكام وتعيين المقاصد: - مقاصد الشريعة الإسلامية - جـ ٢

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌بَيْنَ عِلْمَيِّ أصُوْل الْفِقْهومَقَاصِد الشَّرِيْعَةِ الإسْلاميَّةِ

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد لمقاصد الشريعة

- ‌الباب الأولقضايا ذات صلة بالفقه وبعلمي أصول الفقه ومقاصد الشريعة الإسلامية

- ‌الفصل الأول: بين الفقه وأصول الفقه ومقاصد الشريعة

- ‌ الفقه

- ‌علم أصول الفقه:

- ‌علم مقاصد الشريعة:

- ‌الفصل الثاني: قضايا أصولية وكلامية

- ‌قطعيّة أدلةِ علم أصول الفقه وظنّيّتها:

- ‌من أسباب ظنّية علم الأصول:

- ‌أ - الأحوال العارضة للنصوص:

- ‌اختلاف أنواع الدلالة:

- ‌أنواع المفاهيم:

- ‌تباين المحكم والمتشابه:

- ‌خبر الآحاد:

- ‌الإجماع وأنواعه:

- ‌ب -‌‌ التعليل، والعلة، والتعبّدي:

- ‌ التعليل

- ‌العلَّة:

- ‌شروط العلة:

- ‌التعليل عند المتكلمين:

- ‌رد الشيخ ابن عاشور على الأشاعرة:

- ‌الوجوب والغرض:

- ‌رد الجويني على الأشاعرة:

- ‌الأصوليون والتعليل:

- ‌العول:

- ‌أهميّة التعليل:

- ‌إصرار ابن حزم على رأيه واستدلاله على صحّة موقفه:

- ‌التعبّدي:

- ‌حكم القياس:

- ‌العمل بالقياس:

- ‌القياس بين المثبتين والنُّفاة:

- ‌مجالات الإثبات والإنكار للقياس:

- ‌القياس عند الظاهرية:

- ‌حجية القياس: أدلة المثبتين:

- ‌أدلة نفاة القياس:

- ‌الباب الثانيمع روّاد علم أصول الفقه وعلم مقاصد الشريعة

- ‌الفصل الأول: من طلائع الأصوليين وعلماء المقاصد

- ‌1 - الجويني: البرهان:

- ‌2 - الغزالي: شفاء الغليل، المنخول، المستصفى:

- ‌3 - العز بن عبد السلام: القواعد:

- ‌4 - القرافي: الفروق:

- ‌الفصل الثاني: موضوعات من علم المقاصد في كتب جماعة من الفقهاء

- ‌(1) المقاصد وكتاب الفروق للإمام القرافي:

- ‌الموضع الأول: انتصاب الشارع للتشريع:

- ‌الموضع الثاني: الحقوق وإسقاطها:

- ‌الموضع الثالث: نوط الأحكام الشرعية بمعانٍ وأوصاف لا بأسماء وأشكال:

- ‌الموضع الرابع: سدّ الذرائع:

- ‌الموضع الخامس: نفوذ الشريعة:

- ‌(2) المقاصد وكتاب نفائس الأصول:

- ‌(3) المقاصد وكتاب تنقيح الفصول:

- ‌الشاطبي وكتاب الموافقات:

- ‌ رأي ابن عاشور في عمل الشاطبي

- ‌تأييد ابن عاشور للشاطبي في بيان قصد الشارع من التكليف:

- ‌انصباب تكاليف الشريعة على العبادات والمعاملات والعادات:

- ‌مناقشة الشاطبي قوله بقطعيّة الأدلة:

- ‌تعريف الشيخ ابن عاشور بأنواع المصالح والمفاسد الراجعة إلى الدنيا:

- ‌تقسيم التكاليف إلى عزائم ورخص:

- ‌التحيّل:

- ‌الفصل الثالث: المقاصد العامة والمصالح

- ‌الفطرة:

- ‌السماحة:

- ‌ المساواة

- ‌موانع المساواة:

- ‌الحرية:

- ‌تشوف الشارع للحرية:

- ‌تعريف المصلحة والمفسدة:

- ‌المصلحة والمفسدة محضتان خالصتان ومشوبتان مختلطتان:

- ‌الفصل الرابع: ضوابط المقاصد وأقسامها

- ‌القسم الأول من المقاصد:

- ‌المقاصد بين كلية وجزئية:

- ‌المقاصد بين قطعيّة وظنيّة:

- ‌المقاصد الأصلية والمقاصد التابعة:

- ‌المقاصد والوسائل:

- ‌الفصل الخامس: بحث المقاصد في أطراف الكتاب

- ‌الباب الثالثفي إثبات مقاصد التشريع الإسلامي وحاجة الفقهاء إلى معرفتها والوقوف عليها

- ‌توطئة

- ‌الفصل الأول: منهج السلف في طلب مقاصد الشرع من الأحكام

- ‌الفصل الثاني: الأنحاء الخمسة لتصرّفات الفقهاء في طلب المقاصد

- ‌الفصل الثالث: من طرق إثبات المقاصد الشرعية

- ‌الفصل الرابع: في القواعد الشرعية

- ‌الكليات:

- ‌الطريق الممهِّدة للتعرّف الدقيق على المقاصد وتعيينها:

- ‌القواعد والضوابط لمعرفة الأحكام وتعيين المقاصد:

- ‌الباب الرابعأمثلة للمقاصد مستخرجة من كتب المؤلف:

- ‌الفصل الأول: أمثلة للمقاصد الشرعية المستخرجة من التحرير والتنوير

- ‌المثال الأول: النبي الأمي صلى الله عليه وسلم

- ‌الْمَعْرُوفِ}

- ‌الطيبات:

- ‌الرحمة:

- ‌المثال الثاني: ضرب المرأة:

- ‌المثال الثالث: الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد:

- ‌المثال الرابع: مثال من كتاب النظر الفسيح: حديث الوصيّة

- ‌المثال الخامس: مثال من كتاب كشف المُغطَّى: حديث بيع الخيار

- ‌الباب الخامسمنهجية الشيخ ابن عاشور في كتاب المقاصد

- ‌الفصل الأول: أسس النظر في المقاصد والأحكام

- ‌الإسلام حقائق لا أوهام:

- ‌من صفات الشريعة رفع خلط الاعتبارات بالأوهام:

- ‌الخطاب الشرعي أو النصوص التشريعية:

- ‌الفصل الثاني: منهج الشيخ ابن عاشور في تقريراته وفي تناوله لبعض متممات الخطاب

- ‌التفصيل والتقسيم:

- ‌الضوابط والشروط:

- ‌التقرير والتقعيد:

- ‌الأسباب:

- ‌إعمال النظر الشرعي طلباً لتحديد الأحكام:

- ‌الاستدلال:

- ‌المقام والسياق:

- ‌الاستقراء:

- ‌تنوُّع الأحكام بين التعبّدي والمُعلَّل:

- ‌تعقيبات الإمام ابن عاشور ومناقشاته:

- ‌الفصل الثالث: مع فقهاء الشريعة الإسلامية

- ‌1 - التضييق في الرخص:

- ‌2 - تعارض الروايات:

- ‌3 - الإجماعُ:

- ‌4 - اختلاف الفقهاء:

- ‌5 - من صور اختلاف الفقهاء:

- ‌توجيه وتنبيه:

- ‌التنبيهات:

- ‌6 - المقادير:

- ‌7 - المصطلحات الشرعية:

- ‌من المصطلحات:

- ‌المنهج:

- ‌المسائل والأحكام في "مقاصد الشريعة الإسلامية

- ‌القواعد والمقاصد باعتبار ما ينبني عليها، أو ما تدعو إليه من ترتيبات وتصرفات:

- ‌القسم الأول: يتضمن جملة من القواعد والمقاصد:

- ‌القسم الثاني: استنباط الأحكام من القواعد العامة:

- ‌القضاء بالعوائد:

- ‌الأوصاف الطردية:

- ‌ترجيح المصلحة الكبرى:

- ‌العمل بالمصلحة المرسلة:

- ‌القسم الثالث: موضوعات ذات صلة بالأصول والمقاصد للإمام عليها ملاحظات أو له بشأنها اقتراحات:

- ‌الباب السادسمصادر التشريع

- ‌الكتاب:

- ‌السُّنة:

- ‌الإجماع:

- ‌القياس:

- ‌أنواع القياس:

- ‌أقيسة الاستدلال:

- ‌جريان القياس:

- ‌المصلحة المرسلة:

- ‌الاستحسان:

- ‌سدّ الذرائع:

- ‌الحيلة:

- ‌أركان الحيلة:

- ‌أنواع التحيّل:

- ‌الباب السابعتوجه الأحكام التشريعية إلى المعاملات وتعيين الحقوق لأنواع مستحقيها

- ‌توطئة

- ‌الفصل الأول: الحقوق وأنواعها

- ‌تعيين مستحقي الحقوق يرفع أسباب النزاع:

- ‌أصحاب الاستحقاق:

- ‌حقوق العمال:

- ‌القواعد العامة لقيام المجتمعات الإنسانية:

- ‌الفصل الثاني: مقاصد العائلة في الشريعة

- ‌آصرة النكاح:

- ‌ آصرة النسب

- ‌آصرة الصهر:

- ‌طرق انحلال الأواصر الثلاث:

- ‌الفصل الثالث: الأموال

- ‌ تعريف المال:

- ‌ أنواع المال:

- ‌ أقسام المال في الملكية:

- ‌ الفوارق بين الأموال العينية والنقدية:

- ‌ المقايضة

- ‌النقود

- ‌من النقود السلعية إلى النقود المعدنية:

- ‌رأي الغزالي والمقريزي في النقدين:

- ‌النقود عند ابن القيم وابن عابدين:

- ‌أنواع النقود:

- ‌النقود المساعدة:

- ‌الفصل الرابع: مقاصد التصرّفات المالية ونظر الشريعة في أهمية الأموال

- ‌من مقاصد المعاملات المالية

- ‌أ - مصارف المال: البرّ، والصدقات، والزكاة:

- ‌الزكاة:

- ‌ب - التملُّك والتكسُّب:

- ‌1 - الأسباب المشروعة وغير المشروعة للتملك:

- ‌2 - أصول التكسّب:

- ‌ الأرض

- ‌ العمل:

- ‌ أنواع العمل:

- ‌ اختيار المسؤولين والعمال:

- ‌ج - رأس المال:

- ‌د - مجالات التكسب:

- ‌ التجارة

- ‌ الفلاحة:

- ‌ الصناعة:

- ‌ الاحتكار:

- ‌ الرواج:

- ‌استنفادُ بعض الثروة:

- ‌من أحكام المعاوضات:

- ‌توسيع الدراسات الفقهية:

- ‌الفصل الخامس: العقود

- ‌المجموعة الأولى: عقود التمليك:

- ‌التبرعات:

- ‌الرهن:

- ‌الوقف:

- ‌الهبة:

- ‌المجموعة الثانية: عقود المعاوضات:

- ‌البيع:

- ‌الإجارة:

- ‌السَّلَم:

- ‌المجموعة الثالثة: عقود المشاركة أو الشركات القائمة على عمل الأبدان:

- ‌ المضاربة

- ‌المساقاة:

- ‌المزارعة:

- ‌المغارسة:

- ‌تحريم المعاملات الربوية كلها:

- ‌العقود المنهي عنها:

- ‌بيع حاضرٍ لبادٍ ممن لا يعرف الأسعار، ومن كل وارد على مكان وإن كان من مدينة:

- ‌تلقي الركبان

- ‌البيع وقت النداء لصلاة الجمعة:

- ‌البيع والشرط وهو ما يسميه الفقهاء بيع الثُّنْيَا وبيع الوفاء:

- ‌الفصل السادس: مسائل مختلفة

- ‌تصرّفات المكلفين وأفعالهم، وما يترتب عليها من تشاريع وأحكام تناط بها أغراض الشارع ومقاصده

- ‌أثر المقاصد والمصالح في التشاريع والأحكام التي تحكم تصرّفات المكلفين:

- ‌جواز كراء الأرض بالخارج منها:

- ‌الفصل السابع: بيان طرق الاستدلال على مقاصد الشريعة

- ‌طرق التعرف إلى المقاصد:

- ‌دلالات المقاصد:

- ‌الرخصة:

- ‌الإصلاح والمصلحة:

- ‌الباب الثامنمقاصد أحكام القضاء والشهادة

- ‌توطئة

- ‌تولية القاضي:

- ‌عزل القاضي:

- ‌الباب التاسعالغرض من مقاصد الشريعة

- ‌مع علم مقاصد الشريعة:

- ‌النزوع إلى التجديد عند ابن عاشور وغيره من العلماء:

- ‌أول المجددين للدين في نظر صاحب المقاصد هو الإمام مالك بن أنس:

- ‌إمام الحرمين:

- ‌التطوّر والتجديد:

- ‌التجديد بين اتجاهين تحيط بهما محاذير:

- ‌المحاذير من التجديد:

- ‌التراث عروبة وإسلام:

- ‌تصورات للتجديد:

- ‌الباب العاشرالاجتهاد

- ‌الفصل الأول: مقدمات في الاجتهاد

- ‌واجب الاجتهاد:

- ‌إعادة النظر في قضايا اجتهادية:

- ‌الإجراءات الشرعية:

- ‌الفصل الثاني: عالميّة الشريعة والعمل بها

- ‌عالمية الشريعة وأسباب العمل بها:

- ‌العمل بالشريعة:

- ‌الفصل الثالث: بعض ما يحتاج إلى إعادة النظر فيه من الأحكام

- ‌مسائل بيع الطعام:

- ‌المُقاصّة:

- ‌بيوع الآجال:

- ‌كراء الأرض بما يخرج منها:

- ‌الشفعة في خصوص ما يقبل القسمة:

- ‌الفصل الرابع: الدعوة إلى إقامة مجمع للفقه الإسلامي

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌القواعد والضوابط لمعرفة الأحكام وتعيين المقاصد:

ومراعاة المقاصد الشرعية عند وضع الأحكام، وتجنُّبُ كل ما فيه انحراف عن الأدلّة أو مناقضة لها.

فالتمسك في كل هذا يكون بالآيات القرآنية بعد فقهها وفهمها الفهم الدقيق المحقّق للغرض منها، وبالسُّنة الصحيحة التي اتفق علماء الحديث ونقاده على العمل بها، حصر بعضهم هذه فيما تواتر منها تواتراً معنوياً (1). وبالمقاصد الشرعية المرادة للشارع، وهي التي من أَجلِ تحقيقها وضعت الأحكام.

فالأحكام هي التي تتحقّق بها مصالح الخلق في الدنيا والأخرى. ويفتقر النظر فيها والتمييز لها إلى العلم بالسُّنة ومصطلحاتها. فلا يقدر على هذا غير من ثبت للناس بصرُه بمصادر الشريعة، وقدرتُه على الاجتهاد، وفق قوانين العلم بالعربية والأصول والاجتهادات الشرعية للسابقين من الأئمة. ومن لم يكن هذا شأنه كان من المتقوّلين على الله، ومن يفعل ذلك يلق أثاماً وكَلامُه ردّ.

ذلك أن العالِم المؤمن يقوم اجتهاده على مراعاة تلك المقاصد والمصالح المعتبرة التي أذن فيها الشارع، فيقضي ويفتي بها صائناً بذلك تشاريع ربه من أيّ تغيير أو تبديل، ومن غير تحريف للكلم عن مواضعه. وهو ما توعّد الله عليه. وقد حفظ سبحانه تشريعاته، وتولّى بنفسه جل جلاله حمايةَ كتابه بقوله:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (2).

‌القواعد والضوابط لمعرفة الأحكام وتعيين المقاصد:

وضع كثير من شيوخ العلم من المجتهدين والفقهاء جملة من

(1) المقاصد: 62 - 63.

(2)

سورة الحجر، الآية:9.

ص: 173

القواعد والضوابط يتقيّد بها الفقهاء يسيرون على نهجها، ويهتدون بها، حرصاً منهم على طلب مقاصد الشريعة، وتطلعاً إلى ما يترتب على ذلك من التزام بها في الدنيا وجزاءٍ عليها في الأخرى.

وهذه جملة من القواعد تسطّر منهاجاً للمجتهدين وسبيلاً للباحثين والدارسين.

° فهي: تُحدد ما يترتب على الإيمان والاستقامة والعمل الصالح من ثواب وجزاء على ذلك في الدنيا والآخرة. يشهد لهذا قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} (1)، وقوله:{لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} (2)، وقوله:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} (3).

كما حَدّدت قواعدُ الشريعة ما يترتب على الكفر، والإعراض عن الحق، والفساد في الأرض من عذاب وعقاب. قال تعالى:{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} (4)، وقوله:{فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} (5).

ومن الوعيد على الكفر العذاب الأكبر الذي أعدّه الله لهم. وهو ما ينبئ عنه قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} (6).

(1) سورة الحجر، الآية: 45 - 46.

(2)

سورة الحجر، الآية:48.

(3)

سورة الزمر، الآية:73.

(4)

سورة الزخرف، الآية: 74 - 75.

(5)

سورة الحج، الآية: 19 - 21.

(6)

سورة طه، الآية:74.

ص: 174

فهذه الآيات تحمل أولي النُّهَى على جعل الآخرة موضع اهتمامهم، واعتبارِ هذه الدار متْجراً لهم، كما تضبط المنهج السلوكي الذي دعاهم الرحمن إلى الالتزام به. والقاعدة في هذا أن المصالح المجتلبة والمفاسد المستدفعة إنما تعتبر من حيث تقامُ الحياة الدنيا، لا من حيث أهواء النفوس في جلب مصالحها أو درء مفاسدها العادية (1)، والمعتمد في هذا اتباع منهج الشرع. فهو جل جلاله العليم بالمصلحة من هذه الناحية، الموفّق بينها وبين ما أجراه في سُنة الوجود.

والقاعدة بهذه الصورة ليست تلك التي عرفها علماء الأصول بكونها الأمرَ الكلي المنطبق على جميع جزئياته عند تعرف أحكامها منه، بل هي هنا كما ذكرها التهانوي في اصطلاح العلماء، أوسع من ذلك. وعلى هذا جرى العز بن عبد السلام في قواعده (2).

وإلى جانب هذا النوع من القواعد التي لا ينبغي أن تغيب عن المرء طوال حياته، أشير إلى قسم ثان منها مثاله:

° إن مجيء الشرع كان لهداية الناس إلى مصالح العباد، وإن دور الشريعة حفظُ مصالحها في الخلق (3).

° إن الشريعة تحيط بجزئيات من المصالح لا يحيط بها العقل (4).

(1) الموافقات: (5) 2/ 29.

(2)

التهانوي. اصطلاح الفنون: 5/ 1176.

(3)

الموافقات: (3) 2/ 8، 37، 3/ 5، 105.

(4)

القرافي. النفائس: 1/ 402؛ الموافقات: (3) 2/ 48.

ص: 175

° أن في الأمر والنهي والتخيير حظاً للمكلف وحفظاً لمصالحه، أما الله فهو غني عن الحظوظ، مُنزّه عن الأغراض (1).

وهذه جميعها تؤكد على هدي الشريعة في الأخذ بقواعد الدين، واعتبار أن ما جاء عن طريقها هو خير الطرق وأفضلها. بل هو جماع الطرق المحققة للسعادة، الكفيلة بجلب المصالح ودرء المفاسد. ولهذا الاعتبار حذّر العلماءُ من مخالفة الشرع. ومن الاستغناء عنه بما يمليه أو يدل عليه النظر والعقل. وقد اخترت من القواعد أمثلة مما نبه إليه الإمام الغزالي:

° يجب أن يكون اتباع المصالح مبنياً على ضوابط الشرع ومراسمه (2).

° وجوب المحافظة على حدود الشريعة والإعراض عن المصالح (3).

° اتباع المصالح مع مناقضة النص باطل (4).

وفي هذا تحذير من مجاراة الهوى واتباع الشهوات والصدوف عن الهدي الشرعي.

ومن القواعد الواردة في هذا الغرض أيضاً:

° أن القصد الشرعي من التشريع هو إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبداً لله اختياراً، كما أنه عبد له اضطراراً (5). وتتعلق هذه القاعدة بالأمر الأعظم، وهو جهة المصلحة التي هي عماد الدين

(1) الموافقات: (3) 1/ 148.

(2)

شفاء الغليل: 245.

(3)

شفاء الغليل: 202.

(4)

شفاء الغليل: 220.

(5)

الموافقات: (3) 2/ 186.

ص: 176

والدنيا، لا من حيث هوى النفوس، ولكن من جهة دلالة الشرع عليها والدعوة إليها. والآيات الواردة في هذا الغرض كثيرة، منها قوله تعالى:{يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (1)، وقوله:{فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} (2)، وقوله:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} (3).

° اتباع الهوى في المحمود طريق إلى المذموم، لأنه إذا تبيّن أنه مضاد بوضعه لوضع الشريعة، فحيثما زاحم مقتضاها في العمل كان مخوفاً (4). وقد حذّر العلماء من قبح هذا السلوك الخطير بقولهم: متبع الهوى كالمرائي يتخذ الأعمال الصالحة لما في أيدي الناس لاقتناص أغراضه.

° قصد الشارع من المكلف أن يكون قصدُه في العمل موافقاً لقصده في التشريع، فإن ذلك اعتباراً لمصالح العباد على الإطلاق والعموم. والمطلوب من المكلف أن يجري على ذلك في أفعاله، وألّا يقصد خلاف ما قصده الشارع.

وقد اقترنت بالملحظ المتقدم عند الشيخ الإمام قضايا المقاصد ومسائلها بموضوعات المصالح وتفاريعها.

واعتباراً لهذه القواعد، وما ينجم عن مخالفتها من محاذير، تضمن القسم الأول من مقاصد الشريعة الإسلامية فصلين هامَّين:

(1) سورة ص، الآية:6.

(2)

سورة النازعات، الآية: 37 - 38.

(3)

سورة الجاثية، الآية: 23؛ الموافقات: (3) 2/ 37، 331.

(4)

الموافقات: (3) 2/ 174.

ص: 177

يقرر أولهما صعوبة التوصل إلى تعيين المقاصد، وزعم الرازي أن أحكام الله ليست معللة بعلة البتة، كما أن أفعاله كذلك (1)، وهو الذي ترجم له باحتياج الفقيه إلى معرفة المقاصد.

ويكشف ثانيهما عن الطرق المعتمدة لذلك عند علماء السلف، ومن جاء بعدهم من العلماء والفقهاء (2).

* * * * *

(1) الموافقات: 2/ 6.

(2)

المقاصد: 19 - 26.

ص: 178