الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حماية ذوي آصرة النسب والقرابة أشار إلى طرق تقويتها. وذلك بالنفقة على الأبناء والآباء باتفاق، وعلى الأجداد والأحفاد عند بعض الأئمة. قال أبو شجاع: الإنفاق على الأبوين والأجداد والجدات الفقراء واجب على الموسرين من الأولاد عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد، كما تجب النفقة على الأب فيما فضل من قوته وقوت زوجته على ولده الحر المعسر حتى يبلغَ قادراً على الكسب، وعلى ابنته الحرة المعسرة، حتى تتزوج ويدخل بها زوجها (1).
وقال الشافعي: تجب على الأصول الموسرين وإن علوا نفقة الأولاد وإن سفلوا لفقر وصغر، أو فقر وزمانة، أو فقر وجنون (2). وقال صاحب الهداية: ليس من الإحسان أو من المعروف أن يعيش المرء في نعم الله تعالى ويتركهما يموتان جوعاً (3).
ومن أسباب تقوية آصرة النسب والقرابة ما أوجبه الله من الميراث.
آصرة الصهر:
وثالثة الأواصر آصرة الصهر. وهي متولدة عن اجتماع آصِرَتيَ النكاح والنسب. فالصهر آصرة بقرابة أهل آصرة النكاح كالربائب وأخت الزوجة وعمتها وخالتها وأم الزوجة.
أو عن نكاح أهل آصرة القرابة كزوجة الابن وزوجة الأب. فهذان يستوجبان الجلال والوقار. وذلك مما يدعو إليه قول الله تعالى:
(1) الشيباني: 3/ 244.
(2)
الشربيني. الإقناع في حلِّ ألفاظ أبي شجاع: 2/ 140.
(3)
العَيني. البناية: 4/ 906.
{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (1). ومن هذه الآصرة قريب وبعيد. فقد حرّم الشارع أم الزوجة وابنتها على الزوج، وحرم أبا الزوج وابنه على الزوجة، اعتباراً للحرمة المركّبة من قرابة أولئك بالزوجة أو الزوج، ومن صهرهما للزوج أو الزوجة، كما حرمت الشريعة زوجة الابن على الأب وزوجة الأب على الابن. وليس المقصد من ذلك مجرد حفظ أواصر المودة لأن تحريم الصهر يبقى مستمراً بعد موت الشخص المحرّم أو فراقه وبين الشخص الذي وقع التحريم بسببه. ثم أتبع الشيخ رحمه الله هذا الكلام ببيان معنى وحُكم الصهر القريب، وذكرَ البعيد وجعلَه مراتب إذ منه ما يحرّم. وفيه الجمع بين الأختين، والمرأة وعمتها ونحو ذلك، ومنه ما لا يحرم بحال لضعف آصرته.
وهذه العلاقات الأُسرية التي أقامها الإنسان ليحيى بها حياة كريمة مأمونة من كل ما يسلبها الخير والنعمة والسعادة والبهجة، هي التي رعاها الله، وأوجد لها نظاماً تسير عليه، وقوانين تخضع لها، وحدوداً وأحكاماً تلتزم بها وتقف عندها، راغبة أن يتحقق من المقاصد أهمها كالعدل والاستقامة، والأمن والطمأنينة. وبذلك تخرج العلاقات من الحيرة والتباس الأمر، ومن الظلم والإصرار عليه، ومن الاستخفاف الكبير بحقوق الغير، والظهور مظهر المسرفين المتكبّرين الضالّين فلا يزيدهم ذلك إلا عنتاً وحقداً، وأنانية وكبراً.
وكما تُساس المجتمعات الإنسانية بالحِكمة والنصيحة وحُسن المعاملة نجد بعضها ينحرف عن الجادة وعمّا شرعه الله له، وما هداه إليه، وحدّده له في كل حالة وفي كل معاملة من التصرّفات العملية
(1) سورة الشورى، الآية:23.