الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَارِحَةً كَاللَّكْزَةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الصَّلَاحُ لَا غَيْرَ. فَلَا جَرَمَ إِذَا أَدَّى إِلَى الهَلَاكِ وَجَبَ الضَّمَانُ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي ضَرْبِ المُؤَدِّبِ غُلَامَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْأَدَبِ. وَفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ:(اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْربُوهُنَّ ضرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ) الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ، أَيْ لَا يَدْخِلْنَ مَنَازِلَكُمْ أَحَدًا مِمَّنْ تَكْرَهُونَهُ مِنَ الْأَقَارِبِ وَالنِّسَاءِ الْأَجَانِبِ. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ التِّرْمذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ أنَّهُ شَهِدَ حَجة الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَّرَ وَوَعَظَ فَقَالَ:(أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إليهن في كسوتهن وطعامهن (. قال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَقَوْلُهُ: (بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) يُرِيدُ لَا يَدْخِلْنَ مَنْ يَكْرَهُهُ أَزْوَاجُهُنَّ وَلَا يُغْضِبْنَهُمْ. وَلَيْسَ المُرَادُ بِذَلِكَ الزِّنَى، فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ وَيلْزَمُ عَلَيْهِ الْحَدُّ. وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام:(اضْرُبوا النِّسَاءَ إِذَا عَصَيْنَكُمْ فِي مَعْرُوفٍ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ). قَالَ عَطَاءٌ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا الضَّرْبُ غَيْرُ المُبَرِّحِ؟ قَالَ بِالسِّوَاكِ وَنَحْوِهِ. وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه ضَرَبَ امْرَأَتَهُ فَعُذِلَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ ضرَبَ أَهْلَهُ)(1).
الوجه الثاني: ما هو المباح من الضرب
؟
الضرب الذي أباحه اللَّه للأزواج لتأديب أزواجهن ضرب غير مُبَرِّح؛ أي: أنه ضرب لا يكسر عظمًا، ولا يشين عضوًا، ولا يدميها، ولا يؤثر فيها شيئًا، ولا يقترن بشيء من
(1) تفسير القرطبي (5/ 172).