الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 - شبهة حول: حديث الوصية بالنساء
نص الشبهة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ. فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ". (1)
يستدل بعض الناس بهذا الحديث على الحط من منزلة المرأة في الإسلام
والجواب على ذلك من وجوه
الوجه الأول: الحديث يتضمن عدة أمور للرجل والمرأة
.
الوجه الثاني: الحديث يؤكد الاهتمام بالمرأة والحرص عليها.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: الحديث يتضمن عدة أمور للرجل والمرأة.
(أ) توصية عامة بالنساء في قوله صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء، وقيل معناه: تواصوا بهن، والباء للتعدية والاستفعال، بمعنى الإفعال كالاستجابة بمعنى الإجابة.
(ب) تعليل هذه الوصية بأمر يتصل بخلقة المرأة، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فهي أولًا متميزة عن خلقة الرجل، ثم إن بها بعض عوج، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يبين مجال هذا العوج ولا مداه، وإنما أشار إلى أثر العوج الخلقي في بعض سلوك المرأة مما يضيق به الرجل. فهل يمكن بناء على الواقع المشاهد أن تفسر العوج بسرعة الانفعال وشدته، أو بفرط الحساسية، أو بتقلب المزاج؟ والعوج أصلًا يقابل الاستقامة، فإذا كان اتزان الانفعال وضبطه استقامة، فإن سرعة الانفعال وشدته عوج، وإذا كان ضبط الإنسان لعواطفه استقامة فغلبة العاطفة عليه عوج. والمرأة -بخاصة- قد تغلبها العاطفة، فتفوتها الحكمة في اتخاذ قرار، أو يكون منها ما لا يَجْمُل من قول أو فعل، وقد ينتج من سرعة انفعالها تقلب في المزاج، وصدق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لن
(1) البخاري (3331)، (5186)، ومسلم (1468).
تستقيم لك على طريقة وهذا التقلب مما يكدر خاطر الرجل ويثير غضبه. ويرجح هذا التفسير ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في عظته للنساء: تكثرن اللعن، وتكفون العشير فهذا سلوك عادة ما يكون ساعة غضب، أي: نتيجة سرعة الانفعال وشدته، أما إذا أراد البعض أن يفسر (العوج) بأن المرأة ذات طبيعة ملتوية، والالتواء هنا يعني: المكر والخديعة، فإنا نعتقد أن في هذا القول بعدًا وغلوًا وتجريحًا لعموم النساء يعارض النصوص المتكاثرة عن حياة الصحابيات، التي تدل على براءتهن من المكر والخديعة والالتواء، ويخالف الواقع المشاهد بين أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا، وهل يعقل أن نوكل الإشراف على تربية أولادنا إلى إنسان ذي طبيعة ملتوية؟ !
(ج) وفي الحديث توجيه الرجل إلى الصبر على ما يصدر من المرأة من سلوك مبعثه ذاك (العوج)، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها وعلى الرجل أن يتذكر أنها لا تتعمد هذا السلوك لمضايقته وإحراجه، فإنما هو نتيجة ما قدره اللَّه على المرأة من طبيعة خاصة تتميز بسرعة الانفعال وشدته، فليصبر، وليكن سمحًا كريمًا، وليعلم أن هذه الخاصية من خصائص المرأة يمكن أن يكون لها أثر طيب في إقدارها على أداء مهمتها الأساسية من حمل وإرضاع وحضانة؛ إذ تحتاج إلى عاطفة بالغة وحساسية مرهفة؛ ثم ليعلم الرجل أيضًا أنه إذا حاول الوقوف عند كل خطأ من زوجه -نتيجة انفعالها البالغ- مؤاخذًا ومعاتبًا، فإن هذا لن يسفر عن شيء سوى مزيد من التباعد والشقاق، ثم يقع الفراق والطلاق.
وأخيرًا ليذكر الرجل أن لزوجته من الفضائل والمحاسن ما قد يعوض هذا العيب، وصدق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في قوله الحكيم الذي فيه علاج عندما يبدر من المرأة ما يبدر: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر. (1)
(1) رواه مسلم (3639).