الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء أولاده أرقاء لسيدها إلا أن يكون الزوج عربيا فلا يكون أولاده منها أرقاء في قول قديم للشافعي، ولهذا قال:{وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ومن هذه الآية الكريمة استدل جمهورُ العلماء في جواز نكاح الإماء، على أنه لا بد من عدم الطَّوْل لنكاح الحرائر ومن خوف العنت؛ لما في نكاحهن من مفْسَدة رق الأولاد، ولما فيهن من الدناءة في العدول عن الحرائر إليهن. (1)
فانظر شروط التسري أو نكاح الإماء لما في ذلك من دناءة فما بالك بدناءة الاستمناء وخسة السحاق واللواط، إذا كان الحلال والمباح للرجل فعله طلب منه أن يصبر عليه حتى يطلب العفائف الحرائر فما بالنا بما حرم علينا فعله من شذوذ واستمناء وسحاق ولواط وإتيان البهائم، وقد أخبر الحق تبارك وتعالى أنه أباح لنا نكاح الإماء لأنه لا يريد لنا العنت. . . ولا يريد لنا المشقة وطالما لم يذكر لنا الاستمناء والسحاق وغيرهما فلنعلم أنه لا راحة فيهما ولا هدوء للشهوة بهما؛ لأنهما لو فيهما خير لأباحهما لنا لوعده وأخذه على نفسه عدم إرهاقنا، ولزم من قال أن فيهما الراحة والسعادة أن يتهم ربه بالنسيان وعدم معرفته ما يريحنا وحاشا وكلا أن يتصف اللَّه بذلك {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} (مريم: 64) {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك: 14)(2).
الوجه الثاني: السنة النبوية لم تدع إلى هذه الفاحشة وإنما دعت إلى تحصين الفرج
.
وإليك الأدلة على ذلك.
1 -
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"(3)
قال ابن حجر: وفي الحديث أيضًا إرشاد العاجز عن مؤن النكاح إلى الصوم، لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل تقوى بقوته وتضعف بضعفه، واستدل به الخطابي على جواز
(1) تفسير ابن كثير 1/ 631.
(2)
الجاهلية الجنسية. لأبي عبد الرحمن حسن السيد زهرة (45).
(3)
رواه البخاري (5065)، ومسلم (1400).
المعالجة لقطع شهوة النكاح بالأدوية، وحكاه البغوي في "شرح السنة"، وينبغي أن يحمل على دواء يسكن الشهوة دون ما يقطعها أصالة لأنه قد يقدر بعد فيندم لفوات ذلك في حقه، وقد صرح الشافعية بأن لا يكسرها بالكافور ونحوه، والحجة في أنهم اتفقوا على منع الجب والخصاء فيلحق بذلك ما في معناه من التداوي بالقطع أصلًا، واستدل به الخطابي أيضًا على أن المقصود من النكاح الوطء ولهذا شرع الخيار في العنة. وفي الحث على غض البصر وتحصين الفرج بكل ممكن وعدم التكليف بغير المستطاع، ويؤخذ منه أن حظوظ النفوس والشهوات لا تتقدم على أحكام الشرع بل هي دائرة معها، واستدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لأنه أرشد عند العجز عن التزويج إلى الصوم الذي يقطع الشهوة، فلو كان الاستمناء مباحًا لكان الإرشاد إليه أسهل. وتعقب دعوى كونه أسهل لأن الترك أسهل من الفعل. (1)
فهذا حث نبوي وإرشاد سنة من المعصوم صلى الله عليه وسلم للشباب من قدر وقوي على تكاليف الزواج ومؤنه "فليتزوج" فليتحصن بالحصن القوي الذي يتمم له العفة ويكمل له طهارته فهذا هو الحل الأول وهذا الطريق الأمثل لمن أراد العفة، ومن لم يقدر على الزواج ومؤنه ماذا يفعل أينساق وراء الشهوات؟ أيقع في الفاحشة والفجور؟ كلا، وإنما أرشد فقال ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء "أي وقاية" أي حصنًا ثانيًا فإن لم يستطع التحصن بالأول وهو الزواج فعليه بالثاني وهو الصوم ولم يوضح لنا صلى الله عليه وسلم طرقًا غير هذا. وفي ذلك الكفاية والحصن بإذن اللَّه لمن أراد. (2)
2 -
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "رد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا". (3)
(1) فتح الباري (9/ 14).
(2)
بهذا المعنى من الجاهلية الجنسية لأبي عبد الرحمن حسن السيد زهرة صـ (47).
(3)
رواه البخاري (5073)، (5074)، ومسلم (1402)، والتبتل هنا كما قال ابن حجر: الانقطاع عن النكاح وما يتبعه من الملاذ إلى العبادة.