الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* ولقد كانت سودة رضي الله عنها مسنة حيث كانت قرابة الستين من العمر، وليس لها من الجمال أو المال نصيب، وما تزوجها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا ليجبر كسرها ويرحم شيخوختها، وقد أبلت في الإسلام بلاء حسنًا وتحملت المخاطر والأهوال في الهجرة مع زوجها إلى الحبشة ثم في العودة إلى مكة، ولما مات زوجها صارت مهيضة الجناح معرضة لنكال أبيها الذي كان مشركًا.
* كان الحل الوحيد لسودة أن يتزوجها رجل من المسلمين -والمسلمون يومئذ قليل- ليحميها ويرد عنها الفتنة في دينها.
* لم يكن غير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لينقذ هذه المسكينة، ويعوضها خيرًا فيتخذها زوجًا ويجعلها أمًا راعية لبناته.
* لقد ظل النبي صلى الله عليه وسلم معها قرابة ثلاث سنوات حتى دخل بعائشة، وعلى هذا كان صلى الله عليه وسلم فوق الثلاث والخمسين ولم يكن عَدَّدَ الزوجات.
* لما تزوج صلى الله عليه وسلم بعائشة تنازلت سودة عن ليلتها لعائشة حبًا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولم يكن رغب في طلاقها كما تذكر بعض الروايات، إنما الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة وكانت صغيرة فرحمت سودة وحشتها وأرضت رسول اللَّه بدرجة أكثر فتنازلت عن ليلتها لعائشة.
* وبهذا ترى أن التعدد الفعلي لم يبدأ إلا بعد زواج النبي صلى الله عليه وسلم بحفصة رضي الله عنها كما سنذكر.
* مَنْ أولى العقول قال إن مَنْ أراد أن يرضي شهوته بعد وفاة زوجته لأنها شهوة جامحة فليذهب ليتزوج بامرأة عجوز مسنة أرملة أكبر منه في السن وهو فوق الخمسين؟
* وبهذا ترى وتعلم أن الزواج بسودة لا يوجد فيه أدنى شيء ولا اتهام بشهوة؛ ولو كان لما كان عيبًا ما دام في الطيب الحلال المشروع، فمن الثالثة. . .؟
الزوجة الثالثة: عائشة رضي الله عنها
-.
* تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وكانت بكرًا؛ وهي البكر الوحيدة من بين نسائه الطاهرات؛ فلم يتزوج بكرًا غيرها، وكانت عائشة أذكى أمهات المؤمنين وأحفظهن، بل كانت أعلم من
أكثر الرجال، فقد كان كثير من علماء الصحابة رضي الله عنهم يسألونها عن بعض الأحكام التي تشكل عليهم فتحلها لهم.
* كان الزواج من عائشة بمثابة المكافأة لأبيها على سبقه في الإسلام، وتقوية للصلة بينه وبين قائده وحبيبه صلى الله عليه وسلم.
* خطبها رسول اللَّه وهي بنت ست وقيل سبع ودخل بها وهي بنت تسع وقيل عشر.
4.
كان من عادة العرب ولا يزال إلى اليوم أن تخطب الفتاة مبكرًا ثم تتزوج خلال بضع سنين بعد أن ينضج ويكتمل بناؤها، وهذا ما كان أمر عائشة رضي الله عنها قبل خطبتها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقد خطبها المطعم بن عدي لابنه جبير، فلما جاءت خولة بنت حكيم لتخطبها لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال لها أبو بكر: انتظريني حتى أرجع، وقالت أم رومان (زوجه): فجلوا الموقف للخاطبة أن المطعم بن عدي كان قد ذكر عائشة على ابنه جبير، ولا واللَّه ما وعد أبو بكر شيئًا قط فأخلف، فدخل أبو بكر على المطعم وعنده امرأته أم جبير وكانت مشركة فقالت العجوز يا ابن أبي قحافة لعلنا إن زوجنا ابننا ابنتك، أن تصبئه وتدخله في دينك الذي أنت عليه؟
فلم يرد عليها أبو بكر، بل التفت إلى زوجها المطعم، فقال: ما تقول هذه؟
فأجاب: إنها تقول ذلك الذي سمعت، فخرج أبو بكر وقد شعر بارتياح لما أحله اللَّه من وعده وعاد إلى بيته، فقال لخولة: ادعي لي رسول اللَّه".
وهذا الكلام مهم جدًا لأنهم يقولون كيف يخطبها وهي صغيرة هكذا مازالت طفلة، ويبدوا مما سبق أن هذه كانت عادة عند العرب، ولا شيء فيها فقد كانت عائشة نفسها مخطوبة لجبير بن مطعم قبل أن تذكر لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما أحل اللَّه أباها من تلك الخطبة خطبها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
* ولقد خاض جهلة المستشرقين في أمر فارق السن بين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبين عائشة رضي الله عنها، إذ غابت عنهم خصائص تلك البيئة العربية وما شابهها قديمًا وحديثًا والتي لا تجعل فارق
السن بين الزوجين محل اعتبار، حيث إن إنجاب الذرية هدف أساسي يرجع تحقيقه في حالة الزوجة صغيرة السن ذات الخصوبة العالية التي لا تلبث أن تتضاءل كلما مرت الأيام، فلقد تزوج عبد المطلب الشيخ هالة بنت عم آمنة في اليوم الذي تزوج فيه عبد اللَّه أصغر أبنائه ترب هالة: آمنة بنت وهب، وتزوج عمر بن الخطاب بنتَ علي وهو أكبر من أبيها، وكان عمر يعرض ابنته على أبي بكر وعثمان وهما أكبر منه سنًا، وفي تاريخ الأنبياء السابقين مثل ذلك؛ بل أكثر من ذلك، فها هو إبراهيم خليل اللَّه وأبو الأنبياء يخبرنا كتبة التوراة أنه لما خرج مهاجرًا إلى أرض كنعان كان ابن خمس وسبعين سنة (تكوين 12: 4)
وبعد ذلك حدثت مجاعة اضطرته أن ينحدر إلى مصر ليتغرب هناك وبعد ما حدث من فرعون مصر لسارة وما منح إبراهيم بسببها من عبيد وجواري وأنعام عاد ثانية إلى أرض كنعان (التكوين 12: 10 - 20).
ولما كان لا يزال من غير ذرية بسبب عقم، فقد أخذت هذه هاجر المصرية وأعطتها لإبراهيم رجلها زوجة له فدخل على هاجر فحبلت. (تكوين 16: 116)
وباعتبار أن هاجر قدمت لإبراهيم سارة كهدية فرعونية كانت لم تتعد العشرين ربيعًا وهي السن المقبولة لهؤلاء الفتيات نجد أن عمر إبراهيم عندما تزوج هاجر 86 - 1 = 85 سنة، وعمر هاجر عندما تزوجت إبراهيم 75 - 20 = 55 سنة وبذلك يكون فارق السن 55 سنة وفي حالة داود نجد أنه لما توفى كان عمره حسب (سفر صموئيل الثاني 5: 4) يبلغ سبعين عامًا:
"ولما شاخ الملك داود وتقدم في الأيام. . . فتشو على فتاة جميلة. . . فوجدوا أبيشنج الشونمية فجاؤا بها إلى الملك"، وهذه الفتاة ما كانت لتتعدى العشرين ربيعًا أو دون الخامسة والعشرين على أقصى الفروض وهي حاضنة لداود يداعبها وتداعبه، لقد كان فارق السن بين داود وبين آخر نسائه يتعدى 45 سنة على أقل تقدير.
* وفوق هذا كله كان زواج عائشة بوحي من اللَّه تعالى، ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أريتك في المنام ثلاث ليال يجيء بك" أي