الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يختلف عن وسط قناة الشرج، والعضلات التي تساهم في حركة المهبل تختلف عن تلك التي تتسبب الانقباضات في قناة الشرج، والألياف المرنة الكثيرة التي تسبب في مرونة المهبل لا توجد في الشرج، بمعنى أن المهبل مهيأ تمامًا لأداء وظيفته وهي استقبال عضو الجماع وكممر للولادة، بينما وظيفة الشرج الرئيسية هي المساهمة مع المستقيم في إخراج فضلات الطعام على هيئة براز، وسبحان اللَّه كيف يستخدم ممر مهيأ لخروج الفضلات على هيئة براز كبديل لمكانٍ مهيأ لخروج خلق جديد. (1)
إن المهبل كمستقبل لعضو الجماع به ما يؤهله للمحافظة على هذا العضو فسيولوجيًا وما يسهل عملية الإيلاج، ويجعل للجماع كل أهدافه السامية التي تنتهي بتكوين خلق جديد بإذن اللَّه تعالى.
يقول الدكتور محمد علي البار: وبما أن المصابين بالشذوذ الجنسي (اللواط) يقدرون في الولايات المتحدة بـ 18 مليونًا حسب آخر الإحصائيات؛ فإن عددًا كبيرًا منهم يعاني من الأمراض الجنسية، وكذلك ينتشر بينهم الهربس (2) بصورة تبلغ عدة أضعاف ما هي عليه عند الزناة ثم يقول: "وتنتشر الأمراض الجنسية في الشاذين بصورة مرعبة حقًا يكادون ينفردون ببعض الأمراض وأشهرها وأكثرها إثارة (الإيدز)، أو (مرض فقدان المناعة المكتسبة)، وخطورة هذا المرض أنه مميت في خلال عامين أو ثلاثة منذ ظهور الأعراض. (3)
ومن أخطر الآثار المترتبة على وطء المرأة في دبرها:
أن ذلك يؤدي إلى توسعة الشرج وارتخاء المعرّة الشرجية وقد يصاب بسلس غائطي، أي يخرج البراز بشكل لا إرادي، وقد يصاب بالانعكاس النفسي لانعكاس الوطء من
(1) أبحاث المؤتمر العالمي الخامس عن الطب الإسلامي (صـ 499) الكويت. الطب الإسلامي نقلًا عن مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية نفس العدد السابق.
(2)
الهربس: هو مرض حاد جدًّا يتميز بتقرحات شديدة حمراء اللون تكبير وتتكاثر بسرعة ويسببه فيروس هربس مومنس ينتقل هذا المرض بالاتصال الجنسي إلى الأعضاء الجنسية أو الفم عند الشاذين. اهـ نقلًا من مجلة الشريعة.
(3)
الأمراض الجنسية د/ محمد البار (371) نقلًا من مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية المصدر السابق.
الوضع الطبيعي إلى الشذوذ. (1)
وبعد؛ فلقد سد الإسلام كل المنافذ التي تجعل الرجل ينحرف جنسيًا حفاظًا على صحته ونسله؛ لذا حرم وطء المرأة في دبرها، وقد جاء النهي صراحة في السنة النبوية -كما فصلنا قبل ذلك- علاوة على الأمراض التي تصيب الرجل والمرأة على حد سواء، فالتوازن الذي أوجده اللَّه تعالى في جسم الإنسان بين الأجهزة المختلفة ووظيفة كل جهاز والملائمة بين الوظيفة والتركيب ليس عشوائيًا؛ إنما كل عضو له تركيب نسيجي معين مرتبط بوظيفة معينة، فما بالنا أبعد ما نكون عن فهم هذا التوازن في جسم الإنسان خاصة في عصرنا الحالي! ! . (2)
ولهذه العلل وهذه القواعد حرم الإسلام الدبر، وهذا التحريم موافق للمنقول والمعقول وقواعد الشريعة التي جاءت بإزالة الضرر وتقليله؛ حيث أثبت الطب أن الوطء في الدبر يكون سببًا في أمراض خبيثة منهكة كما ذكرنا.
وقد يحتج أصحاب هذه الشبهة بما ورد عن ابن عمر في المسألة. فقد روى نافع عنه: أنه كان رضي الله عنه إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا، فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ قَالَ: تَدْرِى فِيمَا أُنْزِلَتْ؟ قُلْتُ لَا. قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ مَضَى. (3)
وعنه أيضًا قال: كنت أمسك على ابن عمر رضي الله عنهما المصحف إذ تلا هذه الآية {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ، فقال: أن يأتيها في دبرها. (4)
وعن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر رضي الله عنهما أنه -يعني عن الوطء في الدبر- فقال: لا بأس به. (5)
(1) الطب النبوي والعلم الحديث د. محمد ناظم النسيمي (2/ 123) نقلًا من مجلة الشريعة المصدر السابق.
(2)
مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية السنة السادسة عشر العدد السابع والأربعين.
(3)
البخاري (4526).
(4)
الطبري في التفسير (2/ 394).
(5)
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 41)، والنسائي (79، 89) =
والرد على ذلك بما يلى:
1 -
ذهب بعض العلماء إلى القول بوهم النقلة عن ابن عمر ونفي الوهم عنه كما قال ابن القيم، ومن هاهنا نشأ الغلط على من نقل عنه الإباحة من السلف والأئمة، فغلط عليهم الغالط أقبح غلط وأفحشه اهـ. (1)
قلت: وقد ذكر ذلك نافع كما في الرواية التي سنذكرها الآن.
قال ابن حجاج: وأما ما حكي أن قومًا من السلف أجازوا ذلك فلا يصلح مع ما ذكره من إضافته إليهم بل يحمل على سوء ضبط النقلة والاشتباه عليهم فإن الدبر اسم للظهر؛ قال تعالى: {وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} وقال: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} أي ظهره والمرأة تؤتى من قبل ومن دبر أي، أنها تؤتى من جهة الظهر في قبلها. (2)
2 -
ثبت عن ابن عمر خلاف ذلك حيث قطع بالتحريم وهو الأولى أن يقدم في المسألة:
فعن أبي النضر أنه قال لنافع: قد أكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر أنه أفتى بأن يؤتى النساء في أدبارهن! قال نافع: لقد كذبوا علي؛ ولكن سأخبرك كيف كان الأمر؛ إن ابن عمر عرض المصحف يومًا وأنا عنده حتى بلغ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قال: يا نافع، هل تعلم ما أمر هذه الآية؟ إنا كنا معشر قريش نجبي النساء فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد من نسائنا فإذا هن قد
= بلفظ عن عبد الرحمن بن القاسم قال: قلت لمالك: إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار قال: قلت لابن عمر: إنا نشتري الجواري فنحمض لهن؟ قال وما التحميض؟ قال: نأتيهن في أدبارهن. قال: أو يفعل هذا مسلم! ! قال لي مالك: فأشهد على ربيعة فحدثني عن سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر عنه قال: لا بأس به، قال الحافظ في الفتح (8/ 190)، ورواه الدارقطني في غرائب مالك من طريق عبد الرحمن القاسم وقال: هذا محفوظ عن مالك صحيح.
(1)
زاد المعاد (4/ 233).
(2)
المدخل لابن الحاج (2/ 194).
كرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل اللَّه {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} . (1)
قال ابن القيم: فهذا هو الثابت عن ابن عمر، ولم يفهم عنه من نقل عنه غير ذلك. (2)
قلت: وفي هذا تصريح من نافع أنه نفى أنه روى عن ابن عمر بجواز الإتيان في الدبر وهو الأولى أن يقدم في هذه المسألة، ووضح من هذا أيضًا ما جاء عن سعيد بن يسار قال: قلت لابن عمر: إنا نشتري الجواري فنحمض لهن، قال: وما التحميض؟ قال: نأتيهن في أدبارهن! قال: أف أويفعل هذا مسلم! ! ! . (3)
قال ابن القيم: فقد صح عن ابن عمر أنه فسر الإتيان في الفرج من ناحية الدبر، وهو الذي رواه عنه نافع وأخطأ من أخطأ على نافع فتوهم أن الدبر محل الوطء لا طريقًا إلى وطء الفرج فكذبهم نافع، وأيضًا إنه إن كان قد حفظ عن ابن عمر أنه رخص في الإحماض للجواري؛ فإنما مراده إتيانهن من طريق الدبر، فإنه قد صرح في الرواية الأخرى بالإنكار على من وطأهن في الدبر وقال أو يفعل هذا مسلم؟ فهذا يبين تصادق الروايات وتوافقها عنه.
ثم قال: فوقع الاشتباه في كون الدبر طريقًا إلى موضع الوطء أو هو مأتى، واشتبه على من اشتبه عليه "من" بمعنى "في" فوقع الوهم. (4)
ولو سلمنا جدلًا أن ابن عمر قد ثبت عنه الجواز ولم يثبت عنه التحريم ما قبل رأيه؛ لأنه مخالف لكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم مقدم لأنه الأصل -على كلام الصحابة- فقد يتكلم الصحابب بكلام خلاف كلام النبي وهذا ليس لكونه يعارض كلام النبي، كلا وإنما لأن كلام
(1) النسائي (8978)، واستشهد بها ابن القيم في كتابه التهذيب قال: وهذا هو الثابت عن ابن عمر رضي الله عنه.
(2)
تهذيب معالم السنن (6/ 141).
(3)
أخرجه النسائي (8979)، والدارمي (1143)، الطبري في تفسيره (2/ 394)، وصحح إسناده الألباني في آداب الزفاف (29).
(4)
تهذيب مختصر سنن أبي داود، ومعالم السنن لابن القيم (9/ 141، 142).