الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحتاج إلى العمل (1).
الوجه الثاني: المرأة في الغرب تختلف عن الشرق
.
إن المرأة في الغرب هناك مضطرة للعمل اضطرارًا لعدة أسباب منها:
أولًا: إن المرأة عندهم هي التي تهيئ بيت الزوجية فلابدَّ لها أن تعمل وتجمع المال حتى تقدمه مهرًا لمن يريد الزواج بها، وكلما كان مالها أكثر كانت رغبة الرجال فيها أكثر.
ثانيًا: إن الأب هناك غير مكلف بالإنفاق على ابنته إذا بلغت الثامنة عشر من عمرها لذا فهو يجبرها على أن تجد لها عملًا إذا بلغت ذلك السن، فكثيرًا ما يكلفها دفع أجرة الغرفة التي تسكنها في بيت أبيها فضلًا عن أجرة غسل الثياب وكيها.
ثالثًا: إن الناس هناك يحيون لشهواتهم فهم يريدون المرأة في كل مكان فأخرجوها من بيتها؛ لتكون معهم. . . ولهم. . ألا ترين كيف يسخرونها لشهواتهم الدنيئة في الأفلام الهابطة والصور العارية والإعلانات.
رابعًا: إن البخل والأنانية شديدان عندهم، فهم لا يقبلون أن ينفقوا في زعمهم على من يعمل أعمالًا بسيطة وهم لا يرون تربية الأولاد أمرًا هامًا ومهما لأنهم لا يبالون بدين ولا تربية.
يقول د. محمد علي البار: وقد لا يدرك القارئ أن على الفتاة إذا بلغت سن السادسة عشرة أن تغادر منزل والديها وتبحث عن عمل؛ لأن الوالدين لا يستطيعون الإِنفاق عليها بعد هذه السن، وإن عليها أن تعيش من دخلها، وهذه إحدى دلائل المساواة في المجتمع الأمريكي والأوربي حيث تطرد الفتاة من منزل أمها وأبيها بعد سن تتراوح ما بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة تمامًا كما يطرد الفتى، ويقال لكليهما: الآن انتهى دورنا عليكما أن تبحثا عن عمل تعيشان منه، ولا شأن لنا بكما، تفضلا اخرجا من المنزل، أو يمكنكما البقاء بشرط دفع أجرة السكن والأكل! ! ولا غرابة بعد ذلك أن نرى الأولاد عندما يكبرون يكيلون لآبائهم وأمهاتهم الصاع صاعين. . فيموت الأب أو الأم دون أن يدري عنه أحد
(1) فتاوى معاصرة للقرضاوي 2/ 306: 305.
في غرفة باردة. . حتى يبدأ الجيران في الشك فيطلبون الشرطة التي تفتح الباب عنوة لتجد المسن قد توفي منذ أيام (1).
يقول د. القرضاوي: وقد ذكر أستاذنا/ محمد يوسف رحمه الله في كتابه: "الإسلام وحاجة الإنسانية إليه" أثناء حديثه عن عناية الإسلام بالأُسرة قال: ولعل من الخير أن أذكر هنا أني حين إقامتي بفرنسا كانت تخدم الأُسرة التي نزلتُ في بيتها فترة من الزمن فتاة يظهر عليها مخايل كرم الأصل، فسألت ربَّ البيت: لماذا تخدم هذه الفتاة؟ أليس لها قريب يجنبها هذا العمل، ويوفر لها ما تقيم به حياتها؟ فكان جوابها: إنها من أُسرة طيبة في البلدة، وعمها غني موفور الغِنَى، ولكنه لا يعني بها ولا يهتم بأمرها. فسألت: لماذا لا ترفع الأمر للقضاء، ليحكم لها عليه بالنفقة؟ فدهشت السيدة من هذا القول، وعرَّفتني أن ذلك لا يجوز لها قانونًا. وحينئذٍ أفهمتها حكم الإسلام في هذه الناحية، فقالت: ومَن لنا بمثل هذا التشريع؟ لو أنَّ هذا جائز قانونًا عندنا لما وجدتَ فتاة أو سيدة تخرج من بيتها للعمل في شركة أو مصنع أو معمل أو ديوان من دواوين الحكومة، يعني: أن خوفهن من الجوع والضياع هو الذي دفع تلك الجيوش من النساء إلى العمل بحكم الضرورة.
ويقول د/ نور الدين عتر: أمَّا الإسلام فقد كرم المرأة تكريمًا لا يوجد في أي نظام سواه، ورحم ضعفها أن تجبر على خوض غمار الحياة، تقديرًا لمهمتها، وهي صنع المجتمع، بتربية النشء على قيم الأمومة الإنسانية، التي هي ضرورية لنشأة الإنسان سوي الأخلاق، سوي النفس، مستقيم التفكير، سليم البنية، فهي إذًا مصدر للتنمية بأنواعها الاجتماعية والخلقية والاقتصادية، لذلك لم يفرض عليها أن تعمل لكسب المال، بل ألزم نفقتها على أبيها، أو ابنها أو زوجها، ممن تلزمه نفقتها، كما هو مفصل في باب النفقات في كتب الفقه، وبالتالي فإنه لا يجوز للأب أن يُلْزِم ابنته أن تعمل لكسب المال، إلا إذا كان فقيرًا، ولا يجوز للزوج أن يلزم امرأته أن تعمل لكسب المال، وهكذا تتمتع المرأة في الإسلام بحظ أكبر من
(1) عمل المرأة في الميزان صـ 223.