الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
داخلات فيها؛ وذلك أنّ اللَّه -تعالى ذكره- أحل بقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} للمؤمنين من نكاح محصناتهن، مثلَ الذي أباح لهم من نساء المؤمنات. (1)
قال ابن حجر: وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّ عُمُوم آيَة الْبَقَرَة خُصَّ بِآيَةِ الْمَائِدَة وَهِيَ قَوْله: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} فَبَقِيَ سَائِر المُشْرِكَات عَلَى أَصْل التَّحْرِيم. (2)
القول الثالث: لفظ الشرك في آية البقرة لا يتناول أهل الكتاب لتفريق القرآن بين أهل الكتاب والشرك
.
قال القرطبي: وقال بعض العلماء: وأما الآيتان فلا تعارض بينهما، فإن ظاهر لفظ الشرك لا يتناول أهل الكتاب؛ لقوله تعالى:{مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} ، وقال:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)} ؛ ففرق بينهم في اللفظ، وظاهر العطف يقتضى مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، وأيضًا فاسم الشرك عموم وليس بنص، وقوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} بعد قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ} نص، فلا تعارض بين المحتمل وبين ما لا يحتمل. (3)
قال شيخ الإسلام: قيل الجواب من ثلاثة أوجه: أن الشرك المطلق في القرآن لا يدخل فيه أهل الكتاب؛ وإنما يدخلون في الشرك المقيد. قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ. . .} (البينة: 1)، فجعل المشركين قسمًا غير أهل الكتاب.
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} (الحج: 17) فجعلهم قسمًا غيرهم.
(1) تفسير الطبري (2/ 377).
(2)
فتح الباري (9/ 237)، ومجموع فتاوى ابن تيمية (9/ 241).
(3)
تفسير القرطبي (3/ 72).