الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)} (الإسراء: 31).
وقال ابن كثير: وذلك أنهم كانوا يقتلون أولادهم -كما سولت لهم الشياطين ذلك- فكانوا يئدون البنات خشية العار، وربما قتلوا بعض الذكور خيفة الافتقار، ولهذا جاء في "الصحيحين" من حديث عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قلت: يا رسول اللَّه، أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل للَّه ندًّا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك (1).
وهكذا سوى الإسلام بين الذكر والأنثى في حق الحياة، وحرم التعدي على هذا الحق، وجعله من أكبر الذنوب التي لا تتفق مع تكريم اللَّه تعالى للإنسان (2).
6 - التساوي في الحرية:
وفي نطاق حق الحرية، لم يفرق الإسلام بين الرجل والمرأة في شيء من الجوانب المختلفة مما يشمله هذا الحق. كالحرية السياسية والفكرية والدينية وحرية العمل. بل ضمن لكل منهما من ذلك ما قد ضمنه للآخر.
فلكل فرد عاقل رشيد، رجلًا كان أو امرأة، أن يشترك في إدارة شئون الدولة وأن يراقب سيرها وينقد أعمالها.
وقد فرغ الفقهاء من بيان أن مجلس الشورى في أنظمة الحكم الإسلامي يجوز أن يضم نساء مسلمات يساهمن في عرض المشورة والتنبه إلى المصالح، دون أن يُرَاعى في ذلك شيء أكثر من الشروط العامة التي يجب أن تتوفر في أعضاء هذا المجلس، رجالًا ونساءً، من البصيرة النافذة والعلم الكافي والإخلاص للأمة. (3)
7 - التساوي في الأخوة:
(1) تفسير ابن كثير 3/ 356.
(2)
مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة (81، 82)، باختصار.
(3)
على طريق العودة إلى الإسلام (174).
لقد شرع اللَّه للمؤمنين شِرعة الإِخاء بقوله جل شأنه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10)، فلم يكن يفرق بين المسلمة والمسلم، ولا بين المسلم والمسلمة، وكذلك استنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سنة المساواة بقوله:"المسلم أخو المسلم". (1)
مزَّق الإسلام حجب الفوارق بين النساء كما مزقها بين الرجال، فتطامنت الرءوس، وتساوت النفوس، فلم يكن بين المرأة والمرأة إلا الخير تتقدم به، أو العمل الصالح تسبق إليه، فأما أن تُدِلَّ بعَرَض طارف، أو تعتز بحسب قديم فذلك ما لا يقدمها أُنملة، ولا يغني عنها من اللَّه شيئًا.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين أنزل اللَّه عز وجل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} (الشعراء: 214) قال: "يا معشر قريش! -أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من اللَّه شيئًا، يا بني عبد مناف! لا أغني عنكم من اللَّه شيئًا، يا عباس بن عبد المطلب، لا أغني عنك من اللَّه شيئًا، ويا صفيةُ عمةَ رسول اللَّه، لا أغني عنكِ من اللَّه شيئًا، ويا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئتِ من مالي، لا أغني عنكِ من اللَّه شيئًا"(2)، ولا أدل على ما نقول من: حديث فاطمة بنت الأسود المخزومية -وهي امرأة من ذوات الشرف والحسب في قريش- وَهَنت نفسها، فسرقت، فقامت عليها البينة، فوجب عليها الحد فأَهَمَّ ذلك قريشًا، فقالوا: من يكلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكلَّم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فتلوَّن وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"أتشفع في حَدٍّ من حدود اللَّه؟ "فقال أسامة: استغفر لي يا رسول اللَّه، فلما كان بالعشي، قام فاختطب، فأثنى على اللَّه بما هو أهله، ثم قال:"أما بعد: فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم اللَّه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"(3)، ثم أمر صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة التي سرقت،
(1) رواه البخاري (2310) ومسلم (2564).
(2)
رواه البخاري (2602)، ومسلم (206) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
رواه البخاري (3288)، ومسلم (1688).