الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د) مسئولية رواية السنة المبينة للكتاب، وهذه يجمع عليها علماء المسلمين. (1)
ومن هذه المسئوليات ما تختص به وهو حضانة الأطفال، وهذه ما كان اللَّه ليسندها إلا لإنسان سوي. وما كان لنا نحن الرجال أن نأمن على أبنائنا وبناتنا في كنف إنسان عاجز مختل العقل والدين.
الوجه الثاني: لابد من مراعاة مناسبة الحديث
.
إن المناسبة التي قيل فيها النص خلال عظة للنساء في يوم عيد، فهل نتوقع من الرسول الكريم صاحب الخلق العظيم أن يغض من شأن النساء، أو يحط من كرامتهن، أو ينتقص من شخصيتهن في هذه المناسبة البهيجة؟ !
الوجه الثالث: أوجه نقصان عقل المرأة
.
إن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن بأن المراد من نقصان العقل هي أن شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل فقط، وعلى ذلك نرى أنفسنا ملزمين بالوقوف عند حدود تفسير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للنقص لا نتعداه، أما إذا تجاوزنا هذه الحدود فسنخبط في متاهة الاحتمالات، وربما خضنا في الأوهام، ونكون عندها قد وقعنا في محظور اتباع المتشابه.
وقد بينا في الشبهة حول مساواة الرجل بالمرأة، لماذا جعل اللَّه شهادة المرأة نصف شهادة الرجل.
الوجه الرابع: قول النبي صلى الله عليه وسلم-هذا تمهيد لما بعده
.
إن من أوضح ما يدل عليه سياق الحديث، أنه صلى الله عليه وسلم وجَّه إلى النساء كلامه هذا على وجه المباسطة التي يعرفها ويمارسها كل منا في المناسبات، لا أدل على ذلك من أنه جعل الحديث عن نقصان عقولهن توطئة وتمهيدًا لما يناقض ذلك من القدرة التي أوتينها، وهي خلب عقول الرجال، والذهاب بلب الأشداء من أولي العزيمة والكلمة النافذة منهم، فهو كما يقول أحدنا لصاحبه: قصير، ويتأتى منك كل هذا الذي يعجز عنه الآخرون، إذن
(1) تحرير المرأة في عصر الرسالة (1/ 279).
فالحديث لا يركز على قصد الانتقاص من المرأة، بمقدار ما يركز على التعجب من قوة سلطانها على الرجال (1).
يقول د/ مروان إبراهيم (2): لا من ريب أن دماغ المرأة مثل دماغ الرجل تمامًا لا فرق بينهما، والدماغ غير العقل، فالعقل هو قوة التفكير، وهي عنصر مهم في حياة كل إنسان
(1) يقول الدكتور/ محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه: (المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني 174 - 177): (المرأة تبحث دائمًا في الرجل عن شريك جنسي لها، وعن حماية ورعاية لها في كنفه، وهذا يقتضي أن تكون أضعف منه. وهو ذاته الشرط الذي لابد منه ليجعلها تهيمن عليه. إنها ليست معادلة صعبة أن تفهم بأن سلاح المرأة إنما يكمن في ضعفها، وأن سلطانها على الرجل إنما يكمن في احتمائها به واحتياجها إليه، واحتياجُها إليه إنما يتمثل في أن يكون أقوى منها بدنيًا، وأقدر منها فكريًا.
(2)
دراسات في الأسرة في الإسلام (121 - 123).
ولعل الرجال متهمون، عندما يكونون هم المدلون بهذا القرار.
إذن، فإليك ما تقوله الكاتبة الألمانية إسترفيلار، في كتابها المعمق والطريف، حق الرجل في التزوج بأكثر من واحدة: إن كانت القوة البدنية حَرِيَّة بأن تكون عاملَ ضغطٍ وتحكمٍ في طبقة اجتماعية ما، فهي لا يمكن البتة أن تنجح في إخضاع جنس إلى جنس آخر.
إن الشخص الذي يستطيع اضطهاد شخص آخر هو الشخص الضعيف المحتاج إلى المساعدة، وليس الشخص الأقوى بدنيًا، فليس العاشق هو صاحب السلطة، وإنما المعشوق.
وهي تؤكد في أكثر من موضع في كتابها هذا أن المرأة لا تركن إلا إلى الرجل، الذي هو أحدُّ منها ذكاءً، وقد تبدو إلى جانبه كغبية ساذجة، إذ إن ذلك شرط لابد منه؛ لاحتمائها به، وهي تبحث في الرجل عن الرعاية والحماية قبل البحث عن الجنس.
فهي تقول: بالنسبة للنساء فإن بإمكانهن بسط سلطتهن على الرجال، وذلك بالتحكم في غرائزهن الجنسية مما يجعل الرجال تابعين لها، وبما أن النساء في أغلب الأحيان هن أضعف جسميًا وفكريًا من الرجال، فإنهن يستطعن إضافة إلى إمكانية امتناعهن جنسيًا عنهم أن يلفتوا انتباه الرجال إليهن بمثابتهن مواضيع رعاية.
وتقول: فقط، عندما تكون المرأة أضعف من الرجل، ثم إضافة إلى ذلك أغبى منه، فإنها تصبح بالنسبة لهذا الأخير طرفًا مغريًا جذابًا.
وتمضي فتؤكد هذه الحقيقة على ألسنة النساء قائلة: والمعروف في النساء قولهن: إن الرجل الذي أبتغيه هو ذاك الذي باستطاعته أن يكون قادرًا على حمايتي، وهو لن يقدر على ذلك إلا إذا كان أطول قامة، وأقوى بنية، وأشد ذكاء مني. وتقول: إن الرجل الذي أبتغيه هو ذاك الذي أستظل بقامته، وأرفع عيني لمشاهدة وجهه. =
يقابله العاطفة، وهي أيضًا إحدى قوى الإنسان وأحد عناصر حياته الهامة، وكل إنسان لديه هاتان القوتان: العقل، والعاطفة، وفي كثير من الأحيان يتعارض عمل كل منهما ودوره مع عمل الآخر ودوره.
فمن يريد أن يتخذ قرارًا عقلانيًا، لابد أن يتجرد عن العاطفة مؤقتًا، ومن اتخذ قرارًا عاطفيًا لابد أن يُغيب سلطان العقل مؤقتًا، أو يُضْعِفَه على الأقل، وكلَّما ظهر أحدهما غاب أو كاد أن يغيب الطرف الآخر مؤقتًا، وغياب أحدهما مؤقتًا لا يعني اختفاءه كليًا، فمتى زاد سلطان العقل ضعف سلطان العاطفة، لكن لا يُقال في هذه الحال: إنه لا عاطفة للإنسان حينئذ، ومتى زاد سلطان العاطفة ضعف سلطان العقل، ولكن لا يُقال أيضًا: إنه لا عقل للإنسان حينئذ. فهما كعنصري محلول مكون من ماء وملح، فإذا زادت كمية الماء خف التركيز، مع العلم أن كمية الملح لم تنقص، وإذا زاد الملح ازداد التركيز، مع العلم أن كمية الماء لم تنقص، ومن هنا فإن نقصان العقل الذي ورد في الحديث ليس المراد منه نقصان قوى التفكير عند المرأة، وإنما المراد منه زيادة العاطفة.
وزيادة العاطفة ليست عبثًا، فهي مهمة للأنثى حتى تكون من الجنس اللطيف، وهي ضرورية لها كأمٍ تحتاجها للصبر على أطفالها والعناية بهم، وتحتاجها كأخت وعمة وخالة، لذا كانت العاطفة من علامات كمال أنوثة المرأة.
= إذن، فمما هو ثابت علميًا، ومؤكد بشهادة النساء أنفسهن، أن المرأة أضعف من الرجل جسميًا وأقل منه ذكاء؛ وأنها لا تضيق بذلك، وإنما تراه مظهرًا لضعفها النسوي الذي هو في الواقع رأس مالها الذي تستخدمه في السيطرة على الرجل، في الوقت الذي تجعل منه راعيًا لها مهتمًا بحمايتها.
فهل قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للمرأة -بطريقة المباسطة- أقل أو أكثر من هذا الكلام؟
إن العجيب أن الذين يتبرمون بالإسلام، ويمارسون حرفة هابطة مكشوفة في التقول عليه، يجلجلون بهذا الحديث في الأوساط، وربَّما في الأوساط النسائية خاصة، ويطيلون ألسنتهم بالنقد عليه حتى إذا رأوا ما يقوله كتاب علم النفس، ووقفوا على ما يقوله أمثال هذه الكاتبة، مما أتينا على بعض نصوص منه، ألجموا ألسنتهم عن النقد، وأصغوا إليه بالاحترام والقبول إن لم نقل بالاستسلام والتقديس.
هذا الذي يسمونه الراديتير وهو جزء هام من أجزاء السيارة، يقوم بتبريد المحرك، ولولاه لاحترق. . . وتوقفت السيارة.
الراديتير هذا ببساطة، وعاء معدني يُملأ بالماء ويصل بأنابيب تحيط بالمحرك لتبرده وباستمرار حركة الماء داخل هذه الأنابيب مع الوعاء المائي الذي تبرده مروحة موجهة نحوه، تتم المحافظة على درجة محدودة للمحرك لا تزيد.
أريد أن أشبه المحرك بالعقل، والراديتر بالعاطفة، ولا يمكن للمحرك مهما كان نوعه، وجودته، أن يستغني عن تبريد الراديتر له.
وبعبارة مباشرة أقول: إن العاطفة كثيرًا ما تذكّر العقل بأشياء نسيها، أو تمنع العقل من أن ينسى أشياء بسبب شدة عمله في التفكير، فإذا ما نقصت العاطفة، فإن العقل قد ينسى أشياء هامة لا يذكره بها إلا العاطفة القوية.
هذا مدخل قصير لهذا الخبر الذي أرجو قراءته قبل أن نقف عنده قليلًا:
سان فرانسيسكو - رويتر:
توفيت طفلة عمرها 13 شهرًا بعد أن نسيها والدها في شاحنة ثماني ساعات في درجة حرارة مرتفعة وصلت إلى 55.65 درجة مئوية وذهب إلى عمله.
وقال بوب نيكولاس المتحدث باسم الشرطة إن دارين رودريجز 29 عامًا ربط طفلته بريانا في مقعد للأطفال في سيارته الفورد اكسبلورر وغادر منزله في تورلوك على بعد 160 كيلو مترًا جنوب شرقي سان فرانسيسكو صباح الأربعاء متوجهًا إلى عمله.
وكان رودريجز ينوي توصيل ابنته إلى مركز لرعاية الأطفال وهو في الطريق ولكنه نسي وتوجه إلى عمله مباشرة، وأوقف سيارته ناسيًا أن طفلته ما زالت في المقعد الخلفي.
وأضاف نيكولاس أن الأب عمل طوال النهار ولم يتذكر طفلته إلا في الساعة الخامسة مساءً عندما اتصلت به زوجته نيكول 24 عامًا من مركز رعاية الأطفال الذي توجهت إليه لأخذ ابنتها بعد أن انتهت من عملها.
وقال نيكولاس: إن الأب هب مذعورًا وجوى إلى السيارة وأخرج الطفلة وتم استدعاء الأطباء والشرطة الأطباء والشرطة ولكن الطفلة كانت قد لفظت أنفاسها من شدة الحرارة.
وأضاف أن الأب والأم اعتادا توصيل ابنتهما إلى مركز رعاية الأطفال وفقًا لمواعيد عمليهما. (1)
ألا توافقونني على أنه لا يمكن للأم أن تنسى طفلتها هذه في السيارة كما نسيها أبوها؟
بل لا يمكن لأي أم أن تنسى ما قد ينساه الآباء!
هل رأيتم كيف أن نقص العقل في المرأة إنما هو لصالح العاطفة التي تمنعها من أن تنسى أطفالها؟ أو أن العاطفة تمنع العقل من أن ينسى. . . وهو العقل!
لقد كان انشغال تفكير الأب في عمله أكثر من انشغاله في طفلته التي تركها في السيارة، فنسيها، ولو كانت عاطفته أقوى. . . ما نسيها.
لقد ظل يعمل طوال النهار. . . ولم يتذكرها إلا حين اتصلت به زوجته التي ذهبت إلى مركز رعاية الأطفال لأخذ ابنتها في الساعة الخامسة مساءً. . . فلم تجدها.
كيف يكون الحال لو نقص مقدار العاطفة في المرأة. . . ليتساوى مع مقداره في الرجل. . . وزاد مقدار العقل في المرأة ليتساوى مع مقداره في الرجل أيضًا؟ !
سيخسر الأطفال المساكين كثيرًا. . .!
إذن، إذا كانت زيادة العقل في الرجل ميزة فإن زيادة العاطفة في المرأة ميزة كذلك، ولا تقل أهمية وخطورة عن ميزة الرجل.
لأن نقص العقل الذي أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ليس نقصانًا ينتقص منها، وإلا لما كانت مكلفة مثل الرجل، وإنما هو نقصان لصالح العاطفة التي تزيد عندها لتعينها في إنجاز مهام خلقت لها. . . ولم يخلق لها الرجل، ولهذا أقول مطمئنًا: قد تنجح المرأة في القياس
(1) وكالة أنباء رويتر 23/ 2/ 1418 هـ - 28/ 6/ 1997.