الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه التاسع:
إن هذا وضع فيه اجهاد للمرأة، ولعلهم ينتظرونها خلف بعض ليقعوا عليها، ولعلها لا تحتمل ذلك فماذا تصنع هل تقسم لهم؟ !
الوجه العاشر:
لا أدري كيف يستقيم حال امرأة فيها شركاء متشاكسون، يقتل بعضهم بعضًا لأجلها وكيف يُربى الأبناء في هذا البيت؟
الوجه الحادي عشر:
هذا الأمر لا وجود له في نص سماوي أو في أي كتاب سماوي، ولا فعله نبي من الأنبياء، ولا صاحب نبي، ولا تابع للنبي، بخلاف تعدد الزوجات، فقد كثر واشتهر في الكتب السماوية وعن أنبياء اللَّه تعالى. (1)
قال ابن القيم: فإن قيل كيف روعي جانب الرجل وأطلق له العنان أن يسيم طرفه ويقضي وطره، ويتنقل من واحدة إلى واحدة بحسب شهوته وحاجته، داعي المرأة داعية وشهوتها شهوته؟ قيل: لما كانت المرأة من عادتها أن تكون مخَّبأة من وراء الخدور، ومحجوبة في بيتها، وكان مزاجها أبرد من مزاج الرجل، وحركتها الظاهرة والباطنة أقل من حركته، كان الرجل قد أعطي من القوة والحرارة التي هي سلطان الشهوة أكثر مما أعطيته المرأة، وبلي بما لم تبل به، أطلق له عدد من المنكوحات ما لم يطلق للمرأة، وهذا مما خص اللَّه به الرجال وفضلهم به على النساء، كما فضلهم عليهن بالرسالة والنبوة والملك والإمارات وولاية الحكم والجهاد وغير ذلك، وجعل الرجال قوامين على النساء ساعين في مصالحهن يدأبون في أسباب معيشتهن، ويركبون الأخطار، ويجوبون القفار، ويعرضون أنفسهم لكل بلية ومحنة في مصالح الزوجات، والرب تعالى شكور حليم متشكر لهم ذلك، وجبرهم بأن مكنهم مما لم يمكن منه الزوجات، وأنت إذا قايست بين تعب الرجال وشقائهم وكدهم ونصبهم في مصالح النساء وبين ما ابتلي به النساء من الغيرة وجدت حظ الرجال من تحمل الغيرة فهذا من كمال عدل اللَّه
(1) مكانة المرأة بين الإسلام والقوانين الأخرى (1930).
وحكمته ورحمته؛ فله الحمد كما هو أهله.
وأما قول القائل: إن شهوة المرأة تزيد على شهوة الرجل؛ فليس كما قال، والشهوة منبعها الحرارة، وأين حرارة الأنثى من حرارة الذكر؟ ، ولكن المرأة لفراغها وبطالتها يغمرها سلطان الشهوة ويستولي عليها ولا يجد عندها ما يعارضه، بل يصادف قلبًا فارغًا ونفسًا خالية فيتمكن منها كل التمكن فيظن الظان أن شهوتها أضعاف شهوة الرجل وليس كذلك، ومما يدل على هذا أن الرجل إذا جامع زوجته أمكنه أن يجامع غيرها في الحال.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وطاف سليمان على تسعين امرأة في ليلة؛ ومعلوم أن له عند كل امرأة شهوة وحرارة باعثة في الوطء، والمرأة إذا قضي الرجل وطره فترت شهوتها وانكسرت نفسها، ولم تطلب قضاءها من غيره في ذلك الحين؛ فتطابقت حكمة القدر والشرع والخلق والأمر والحمد للَّه (1).
ثم كيف أنتم الآن تقولون بعظم شهوتها؟ فإذا تكلمتم في الختان قلتم إن الختان يضعف شهوتها ويؤدي إلى البرود فنرجو منكم أن تكونوا في جهة واحدة، هل تريدون إشعال شهوتها بترك الختان لتكفي زوجًا واحدًا، أم تريدون إطفاء شهوتها بكثرة الأزواج؟
ولقد سخر بعض الكتاب من إثارة هذا السؤال فقال: أما عدم إباحة زواج المرأة بأكثر من رجل؛ فإني أحسب هذه من مسائل الهزل والمزح التي لا تثار في مسائل النقد العلمي، فهل عندكم في دينكم أو حتى مدنيتكم زوجة لعدد من الرجال؟
إن المرأة وعاء فهل يتسع إناء لضدين؟
لقد عرف زواج المرأة من عدة رجال في الشعوب البدائية، وما زال يوجد هذا النوع في جنوب الهند وعلى حدودها الشمالية، والحكومات الهندية تحاول إخضاع هذه القبائل لقوانينها العامة التي لا تبيح مثل هذا الزواج، وهذا الزواج كذلك موجود في جنوب أمريكا وأماكن أخرى تجمعها كلها البداوة وعدم التحضر، وقد كان هذا أحد أنواع الزواج التي أبطلها
(1) إعلام الموقعين 2/ 91، 92.