الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
سوء معاملة الزوجة باستمرار.
7 -
إصابة الزوج بمرض خبيث أو ممارسته عملًا أو تجارة محرمة. (1)
7 - الطلاق عند النصارى:
والآن نصل معًا إلى النظر في شريعة النصارى في العهد الجديد وفي القانون لديهم؛ لنرى هل استطاع القوم الإبقاء على تحريم وضع الطلاق؟ أم أن هذا أمر لا يطاق؟ وبدايةً:
1 -
اعلم أن الذين نتكلم بلسانهم كانوا يحرمون الطلاق تحريمًا قطعيًا نهائيًا، وكانوا يعيبون على الإسلام أنه يبيح الطلاق، ولكنهم بعد أن وجدوا أنفسهم محرجين غاية الإحراج أمام مجتمعاتهم، وأن الكنيسة الغربية أفلست في هذا المضمار، ووجدوا أن الناس هناك قد ضربوا بقدسية الزواج عرض الحائط، وصار كل رجل وكل امرأة تحت ظل بيت الزوجية يوهم نفسه أنه زوج، أو توهم نفسها أنها زوجة؛ ثم ينطلق كل واحد منهما لإشباع رغباته وشهواته مع الأصدقاء، والأخلاء، والصديقات، والخليلات على غير رضا اللَّه سبحانه وتعالى، وشاعت الفواحش، وما تزال شائعة حتى الآن، فوجدوا أنفسهم مجبرين أن يبيحوا الطلاق، فأباحوه، ولكن أباحوه على غير نظام، ولا اتزان، وبكل تعسف؛ إلى أن رأينا ما نرى، وسمعنا ما نسمع من نسب الطلاق المرتفعة جدًا في الغرب؛ بسبب أنهم لا يتبعون هدى اللَّه، وإنما يتبعون أهواءهم وما تزينه لهم عقولهم، فهذا حال من نتكلم بلسانهم وندافع عنهم، وإلا فاعلم أن في المنع من الطلاق إهانة للمرأة وللرجل وللبشرية كافة ولعقد الزواج الذي ينادي باحترامه، وهذا واضح، وهذه تجربة الهند في تصعيب الحصول على الطلاق:
كان المصلحون الدينيون الأوائل قد حظروا الطلاق، فضلًا عن سد كافة الطرق أمام المرأة للحصول على الزواج الثاني؛ لاستئصال أي نزعة للحصول على الطلاق، والتشريعات التي وضعت في هذا الشأن قضت بأنه لا يحق للرجل أن يطلق امرأته بعد
(1) إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى (361 - 362).
استكمال اجراءات الزواج كما لا يمكن للمرأة أن تتزوج مرة ثانية في حالة انفصالها عن زوجها الأول، إلا أن الأسلوب لم يطابق الطبيعة مما أدى بالمجتمع الهندوسي إلى أن يدفع ثمنه باهظًا فانعدام الانسجام والاتفاق بين رجل وامرأة هندوسيين بعد الزواج كان يعني تحول حياتهما إلى الجحيم بصفة دائمة، فلم يكن بوسع الرجل أن يطلق زوجته ولا بوسع المرأة أن تتزوج مرة ثانية بعد الطلاق، وكان السبيل الوحيد للمرأة الهندوسية أن تعيش في عذاب دائم مع زوج غير مرغوب فيه، وأن تسلم نفسها إلى النار المحرقة إذا مات زوجها في حياتها، وقد اتخذت هذه المشكلة وضعًا جديدًا في الوقت الحاضر، فبالرغم من أن القانون الهندي يبيح للمرأة أن تنفصل عن زوجها وتتزوج مرة أخرى إلا أن المجتمع الهندوسي مازال متشتتًا من الناحية العملية بالتقاليد الموروثة منذ آلاف السنين، ومن نتائجها المروعة ارتفاع عدد النساء اللاتي يقبلن على الانتحار؛ لعدم التوافق والانسجام مع أزواجهن، إلى جانب هذا الانتحار يعمد الأزواج للتخلص من زوجات غير مرغوب فيهن إلى حرقهن، ثم الادعاء بأنهن قد انتحرن، وحوادث الحرق هذه كثيرة في أنحاء الهند، والغالبية العظمى منها بين الهندوس إلا أن طوائف أخرى لم تسلم من هذه الجرائم. (1)
وهذا أمر من الأمور التي ترتبت على المنع من الطلاق أن يتم التخلص بهذه التي رأيت، وهناك شيء آخر نتج عن عدم إباحة الطلاق؛ وهو عدم الدخول في الزواج أصلًا، وهذا ملخص لما نشرته صحيفة هندية عن أوضاع المرأة الغربية نقلًا عن تقارير صحفية غربية:
الزواج الفعلي وهو أن يعيش رجل وامرأة معًا بدون زواج قانوني؛ لا يتزايد فقط في مدينة هامبورج الألمانية، بل أخذ هذا النوع من العيش المشترك طابعًا ألمانيًا متميزًا؛ بأن الزوجين يستعينان بالمحامين لإعداد عقود واضحة ومفصلة بين الزوجين غير المترابطين بالزواج، وقد زاد عدد الأزواج الذين يعيشون معًا بدون زواج على أربعة أضعاف خلال السنوات العشر السابقة طبقًا لإحصاء أجرته شركة إيميند أما في الشباب الذين تتراوح
(1) المرأة بين شريعة الإسلام والحضارة الغربية (261 - 262).
أعمارهم بين 18 - 25 سنة زاد هذا النوع من الارتباط عشرة أضعاف عما كان عليه قبل عشر سنوات، وهذا يعني أن مليون ألماني ومليون ألمانية يستيقظان كل يوم معًا بدون ارتباط بزواج قانوني، وقريب من هذا في فرنسا حتى تساءل علماء الاجتماع: ما هذا الذي يحدث لمؤسسة الزواج؟ .
وفي جوابهم عن ذلك جعلوا من أسباب انتشار هذا الزواج الغير قانوني سهولة الحصول على الطلاق فيه بسهولة.
ويقول المركز القومي لإحصاءات الصحة في الولايات المتحدة الأمريكية: إنّ نسبة الزواج بين النساء الأمريكيات قد وصل أدنى معدل له.
ويقول تقرير آخر: إن نسبة الزواج بين النساء البالغات من العمر 15 - 44 سنة قد انخفض عن مائة لكل ألف امرأة، وهذا واضح إذا كان الحصول على الطلاق صعبًا؛ لأن النهي عن الخروج من الشركة نهي عن الدخول فيها. (1)
2 -
جاء في إنجيل متى (5: 17 - 19). قول عيسى: لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. 18 فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لَا يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19 فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هكَذَا، يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 20 فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.
وأمر الجموع من أتباعه أن يلتزموا به: حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلَامِيذَهُ 2 قَائِلًا: "عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، 3 فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالهِمْ لَا تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلَا يَفْعَلُونَ.
فهذه نصوص تدل على أن المسيح جاء متبعًا مكملًا لشرع موسى عليه السلام لا ينقض الناموس.
(1) المرأة بين شريعة الإسلام والحضارة الغربية (260).
3 -
وعلى الرغم من التزامه بالناموس والدعوة للعمل به والتمسك به فقد نسب إليه نقض الناموس بتحريمه الطلاق إلا لعلة الزنا وحدها كما في متى أنه قال: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلَّا لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي. (متى 5 - 32).
4 -
ووجهة نظر المسيحية في الطلاق: أن ما جمعه اللَّه لا يفرقه إنسان؛ إنما أخذت من نظام الرومان في وثنيتهم، إذ كان يشترط لإحداث الطلاق إقامة حفل ديني بنفس الشروط والأوضاع التي أقيم بها حفل الزواج، إذ أن الآلهة وحدها هي التي تستطيع أن تفرق شمل ما جمعت.
5 -
واستقرت المسيحية على شرط واحد من الشروط الثلاثة التي شرعها الرومان لإحداث الطلاق وهو الزنا، وإن كانت المرأة ليس لها حق في الطلاق حالة زنا الرجل لأنه لا يصح أن تتساوى معه.
6 -
ومعنى ذلك أن المرأة التي تريد الطلاق في المسيحية ليس أمامها إلا الرضوخ للحياة الكئيبة التي تحياها مع رجل تكرهه؛ تكيد له، ويكيد لها ويتمنى كل منهما التخلص من الآخر، أو على الأقل موت الآخر، أو إنها تزني في بيت الزوجية ليضبطها زوجها فيقتلها، أو يأتي بشهود عليها ليتخلص منها.
7 -
وقد يأتي الرجل بشهود زور ليشهدوا على زوجته بالزنا دون وقوعه ليتمكن من طلاقها، فأين بناء الأسرة في ظل جو المشاحنات والكيد والكره الذي يملأ البيت؟ ! هل عدم الطلاق أو تعليقه على شرط الزنا يقيم أسرة قويمة نفسيًا أو أخلاقيًا وهل هذا من صالح المجتمع الذي يعيش فيه النصارى؟
8 -
هل النص المنسوب لعيسى عليه السلام قد نسخ ما قاله موسى في الناموس، وجعل الطلاق الذي شُرع لموسى وقومه من أجل غلاظة قلوب بني إسرائيل، وأوقفه على الزنا فقط.
قال (متّى 19: 3 - 12): "3 وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: "هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟ " 4 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: "أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ
الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟ 5 وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. 6 إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللَّهُ لَا يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ". 7 قَالُوا لَهُ:"فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلَاق فَتُطَلَّقُ؟ " 8 قَالَ لَهُمْ: "إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا. 9 وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلَّا بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْني، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْني". 10 قَالَ لَهُ تَلَامِيذُهُ: "إِنْ كَانَ هَكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلَا يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ! " 11 فَقَالَ لَهُمْ: "لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلَامَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم.
9 -
وبنظرة سريعة على النص نجد أن عيسى عليه السلام قاله على سبيل الاستحسان لا على سبيل الفرض لذا قال من استطاع أن يقبل فليقبل. (متّى 19 - 10).
10 -
ومقولة "أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرًا وأنثى" حجه على النصارى لا لهم، فهو يحكي خبر لا شريعة فالطلاق لم يكن موجودًا عندما كانت البشريةُ رجلًا وامرأةً لهما نفس الطباع والثقافة ولا يوجد بشر غيرهما، ولكنه قد شرع لزيادة أعداد الناس وتطور المجتمعات وهذا ينفي وجود الرهبنة عندهم. . . ويناقض النص الذي يطالب الرجل المؤمن أن يخص نفسه وما دام اللَّه قد خلق الإنسان كذكر وأنثى للتناسل فلابد أن يكون الطلاق محللًا على الأقل في حالة العقم، إلا أن الطلاق عندهم لا يقع أيضًا حالة عقم الزوج أو الزوجة، أو الإصابة بمرض يمنع من القيام بواجبات الزوجية، أو للكراهة، أو سوء المعاشرة، أو عدم الإنفاق، أو عدم التوافق الجنسي، والعاطفي، والأخلاقي. . . إلخ.
ولا يسمحون بالتعدد الذي قد يَجْبُرَ هذا. أيُّ: جحيم هذا الذي يسمى بالزواج؟ ! وما هذا التحكم في الإنسان من إجباره على حياه كرهها أو كرهتها؟ قد تتغير حالته النفسية أو الأخلاقية فيما بعد دون وجود مخرج من هذه الزيجة؟
11 -
وقد أدرك التلاميذ صعوبة تطبيق هذه التعاليم غير المثالية للبشر حتى إن الدكتور (هستون) أسقف درهام قال في حديث له عن الطلاق عام 1923 م:
إنه لو كان عيسى موجودًا في هذه الأيام لكان أعقل مما كان عليه من قبل!
12 -
أما الطوائف المسيحية الأولى فالطلاق كان متفشيًا فيهم بدليل أنه حين اعتنق الامبراطور قسطنطين المسيحية سنة 324 م وجد الطلاق متفشيًا كما كان قبل عهد السيد المسيح ولذلك اضطر إلى أن يصدر أمرًا بتحديد الحالات التي يجوز فيها الطلاق، ثم جاء بعده الإمبراطور جستنيان سنة 529 فحصرها في أربع حالات فقط، ومعنى ذلك أن نص عدم الطلاق لم يكن موجودًا وقتها في الأناجيل وإلا لما أَقْدَمَ قسطنطين أو جثنيان على اتخاذ هذا القرار، وأين كان آباء الكنيسة الذين كانوا يقومون بالتطليق وقتها؟ ! .
13 -
ولاستحالة تطبيق تعاليم الأناجيل التي تفرض على النصارى من العصمة والملائكية ما لم تفرضه على الأنبياء فقد تحايل رجال الدين، والفكر، والقانون، النصارى على هذه التعاليم وشرعوا رغم أنفهم الطلاق المدني أي الذي يتم بغير الكنيسة، وأسموه بالتطليق حتى لا يقال إنهم نسخوا أو ألفوا الطلاق فاستبدلوا لفظ التطليق بالطلاق!
14 -
وكذلك تحايل النصارى للحصول على الطلاق من صور هذا التحايل:
(أ) تغيير المذهب أو الملة للحصول على الطلاق.
(ب) قد يتفق الزوجان على إثبات الزنا بأن يتهم أحدهما الآخر فيقر، أو بتدبير حيلة ما لإثباته، ولك أن تتخيل أن زوجتك أم أولادك تقف في المحكمة وتشهد على نفسها بالزنا لتطلق من زوجها وكيف تصبح صورة الأولاد في مجتمعهم بعد ذلك؟
(جـ) ومن الحيل التي تتخذ في تلك البلاد الأوربية أن تذهب المرأة مع عشيق لها إلى أحد الفنادق وتثبت اسمها واسم عشيقها في سجلات الفندق وتمكث مع عشيقها المدة التي تريدها ثم تذهب هي بعد ذلك إلى المحكمة لتبلغ عن جريمتها حتى توافق المحكمة على طلاقها، وبهذا قتلوا حياء المرأة الذي هو شعبة من الإيمان بسبب وقف الطلاق على الزنا فقط.
(د) القتل للتخلص من الزوج حتى يصبح القاتل أرملًا فيجوز له الزواج مرة أخرى.
(هـ) الهجرة وترك البلد بما فيها، وبالتالي تخلص الزوج من كل مسئولياته تجاه الزوجة وأولاده فأين نفقتها؟ وأين مؤخر صداقها؟ وإلى أن تثبت أنه هاجر أو اختفى ولن يعود، فلا بد من مرور أربع سنوات حتى يعترف القانون أن الرجل قد فُقد.
(و) الانفصال التام ولو بدون طلاق وكل طرف يمارس حياته الاجتماعية والشخصية ويقيم علاقات جنسية من معاشرة كاملة وغيرها مع عدم اعتراض من الطرف الآخر.
15 -
وبذلك يلاحظ أن الزواج الفاشل عند النصارى هو سجن إجباري لا فكاك منه إلا بارتكاب جرائم كالقتل والزنا والقذف، لذا ظهرت فكرة الـ (boy frind) في الغرب ليختبر الأحبة حياتهم قبل الدخول في سجن لا مخرج منه، فالنصرانية لم ترع يومًا واقع البشر، ويتغنى النصارى بتعاليم المسيح التي لا يمكن أن تكون من عند اللَّه ولا نطق بها المسيح فهي تبدوا مثالية في الظاهر، ولكن في حقيقة الأمر هي تعاليم خربة لا تزيد اتباعها إلا شقاء.
16 -
فالمرأة لو طلقت ليس لها الحق في الزواج مرة أخرى ولتحيى هكذا كالأموات حتى لو طلقت بلا ذنب يقول بولس (9. لتكتتب أرملة إن لم يكن عمرها أقل من ستين سنة امرأة رجل واحد 10. مشهودًا لها في أعمال صالحة إن تكن قد ربت الأولاد أضافت الغرباء غسلت أرجل القديسين، ساعدت المتضايقين اتبعت كل عمل صالح 11. أما الأرامل والحدثات فارفضهن لأنهن متى بطرن على المسيح يردن أن يتزوجن 12. ولهن دينونة لأنهن رفضن الإيمان الأول.
تيموثاوس الأولى (5: 9 - 12).
17 -
فها هو لا يبيح للمرأة الزواج إذا كانت أقل من الستين ويهينها ويتهجم عليها.
18 -
أما يسوع عندهم فقد حرم على المطلقة الزواج مرة أخرى حتى لو كان طلاقها بسبب الزنا كما أمر واعتبر كل من يتزوج بها زان.
19 -
وأيضًا فالمطلقة كانت تعامل دائمًا في الكتاب المقدس على أنها حقيرة شأنها شأن الزانية والمدنسة ولننظر بما أمر رجال الدين المقربون وفق التوراة:
(6. مقدسين يكونون لإلههم ولا يدنسون اسم إلههم لأنهم يغربون وقائد الرب طعام إلههم فيكونون قدسًا 7. امرأة زانية أو مدنسة لا يأخذوا ولا يأخذوا امرأة مطلقة من زوجها لأنه مقدس لإلهه. . . إلخ (سفر اللاويين 21: 6 - 7).
(14. أما الأرملة والمطلقة والمدنسة والزانية فمن هؤلاء لا يأخذ بل يتخذ عذراء من قومه امرأة (لاويين 21: 14).
20 -
وهكذا نستوعب وضع المطلقات والأرامل عند أهل الكتاب، وهو حلقة في سلسلة إهانة المرأة في هذا المعتقد بينما أنصف الإسلام، فجاء سيد الأولين والآخرين فعلمنا أن طلاق المرأة أو موت زوجها لا يقدح فيها أبدًا فكانت كل زوجاته أرامل ومطلقات باستثناء عائشة رضي الله عنها فالحمد للَّه على نعمة الإسلام (1).
21 -
وما ذكرنا سابقًا من إيقاع الطلاق بسبب العيوب المذكورة سابقًا إنما هو شريعة النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام، وكذا نحوه عند اليهود كما مر - أما شريعة النصارى فلا تجيز للمرأة حق طلب الطلاق لأي عيب من هذه العيوب، ثم هم يزعمون أنهم يدافعون عن حقوق المرأة.
22 -
لكن الكنائس الأرثوذكسية خرجت عن هذا الاتجاه العام عندهم، وأباحوا للمرأة طلب التفريق بسبب العيوب، ولهم اتجاهان:
الأول: وهو الاتجاه القائم على اعتبار كل من الجنون، والعجز الجنسي، والمرض المعدي، من مبررات الطلاق وفي هذا تقول الخلاصة القانونية: إذا حدث لأحد الزوجين بعد الزواج
(1) إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى (362 - 368)، والمرأة بين الدين والمجتمع (343). وقد ضرب مؤلف الكتاب بعض الأمثلة على هذا التعسف الديني عند النصارى فقال: ومن الأمثلة على ذلك أن الملك الإنجليزي الراحل إدوارد الثامن كان يعاشر ليدي سمبسون معاشرة الأزواج في قصره وهي على زمة زوج آخر وهذه الزوجة لما طلقها زوجها رفضت الكنيسة أن يتزوج الملك بها لأن زواجه بها من الناحية الدينية زنا ومن هنا اضطر الملك للتنازل عن العرش والتزوج بها، والمصور بيترتا ونسند عندما أراد زواج الأميرة مارجريت شقيقة الملكة أليزابيث ملكة بريطانيا رفضت الكنيسة أيضًا هذا الزواج على اعتبار أن بيتر كان متزوجًا من قبل وطلق زوجته ومن ثم فإن زواجه بتلك الأميرة في تلك الأوضاع يعتبر زنا. اهـ
ما يمتنع بواسطته الاجتماع المقصود بالزيجة؛ من الموانع الشخصية غير الممكن برؤها، ورغب المعافى منها الفرقة بعد أن تكون قد مضت مدة ثلاث سنوات مستمرًا مع قرينه من عهد ما أصيب بذلك المرض المانع، ولم يتمكنا من الاجتماع الزوجي التناسلي، وتحقق ذلك جليًا يجاب وتفسخ الزيجة (1)، كذلك نصت هذه الخلاصة على أن "العنة، والخنوثة، والخصاء، وعيب المرأة الذي يمنع المعاشرة، والجنون المطبق، والجذام، والبرص. . . . "(2)
كذلك سلكت هذا المسلك المادة 54 من مجموعة 1938 حيث نصت على أنه: إذا أصيب أحد الزوجين بجنون مطبق أو بمرض معد يخشى منه على سلامة الآخر يجوز للزوج الآخر أن يطلب الطلاق إذا كان قد مضى ثلاث سنوات على الجنون أو المرض؛ وثبت أنه غير قابل للشفاء، ويجوز للزوجة أيضًا أن تطلب الطلاق لإصابة زوجها بالعنَّة إذا مضى على إصابته ثلاث سنوات؛ وثبت أنه غير قابل للشفاء وكانت الزوجة في سن يخشى فيه عليها من الفتنة.
الاتجاه الثاني: وهو قائم على الجنون والعنَّة من مبررات الطلاق دون غيرهما من العيوب والأمراض الأخرى وهذا هو نص المادة 52 من مجموعة 1955 حيث قالت: إذا أُصيب أحد الزوجين بجنون مطبق يجوز للآخر أن يطلب الطلاق إذا كان قد مضى خمس سنوات على الجنون، وثبت أنه غير قابل للشفاء، ويجوز للزوجة أيضًا أن تطلب الطلاق إذا أصيب زوجها بالعنة، وثبت أنه غير قابل للشفاء، وكانت الزوجة في سن يخشى عليها من الفتنة؛ ولم يكن قد مضى على الزواج خمس سنوات. (3)
وهكذا أجمعت الكنيسة عند الأقباط الأرثوذكس على اعتبار كل من الجنون والعجز الجنسي والمرض المعدي من مبررات الطلاق ما عدا مجموعة 1955 يتعارض مع اتجاه
(1) الخلاصة القانونية المسألة 17 رقم 45.
(2)
الخلاصة مسألة 25 رقم (81، 17) رقم 45، وانظر تبديل المجموع الصفوي (441 - 442).
(3)
الفرقة بين الزوجين (79 - 80).
نصوص المجموعات الكنسية ذلك الاتجاه الذي استقر عليه عرف الأقباط الأرثوذكس وبالتالي يتعين عدم التعويل عليه خصوصًا وإن مجموعة 1955 ليست لها قوه ملزمة. (1)
وفي شريعة الأرمن من الأرثوذكس المادة 39 من قانون الأحوال الشخصية: يجوز الحكم بالطلاق بعد مضي ثلاث سنوات من إصابة أحد الزوجين الجنون لا يشفي.
وفي المادة 49 منه إصابة أحد الزوجين بمرض سري أثناء الزواج يجيز للآخر طلب الطلاق. (2)
ومن خلال النظر في نصوص الأرثوذكس السابقة نفهم أن العلة التي توجب الفسخ بسبب العيوب والأمراض هي:
1 -
تفويض المقصود الأصلي من الزواج وهو التوالد والتناسل.
2 -
الإعفاف عن المعاصي
3 -
استحالة الحياة الزوجية وتعذرها.
4 -
دفع الضرر الواقع على الزوج الآخر. (3)
(1) أحكام الأسرة (244)، نقلًا عن الفرق بين الزوجين لمحمد عبد الرحيم محمد (80).
(2)
الفرق بين الزوجين لمحمد عبد الرحيم 81، تشريعات الأحوال الشخصية (326 - 327)، وانظر الزواج والطلاق في جميع الأديان (326) والأحوال الشخصية لغير المسلمين د. جميل الشرقاوي (361 - 363).
(3)
الخلاصة القانونية (45) وأحكام الأسرة (254) وتشريعات الأحوال الشخصية (327) نقلًا عن كتاب الفرقه بين الزوجين لمحمد عبد الرحيم محمد (89 - 90)، وانظر كتاب الزواج المسيحي بين الدين والدولة ومما جاء فيه قول القمص أندراوس عزيز.
الباب الثاني الطلاق: الفصل الأول في أسباب الطلاق:
وهي لائحة المجلس الملي لأقباط الأرثوذكس لسنة 1938.
1 -
يجوز لكل من الزوجين أن يطلب الطلاق لعلة الزنا.
2 -
إذا خرج أحد الزوجين عن الدين المسيحي وانقطع الأمل من رجوعه إليه جاز الطلاق بناءً على طلب الزوج الآخر.
3 -
إذا غاب أحد الزوجين خمس سنوات متوالية بحيث لا تعلم مقره ولا تعلم حياته من وفاته وصدر حكم بإثبات غيبته جاز للزوج الآخر أن يطلب الطلاق. =
وهكذا نرى أن الأرثوذكس رجعوا بأنفسهم في شريعة الطلاق إلى قريب مما عليه حال المسلمين، غير أنهم جعلوه عند القاضي لهذه الأسباب، وعلى كل حال فقد خرجوا عن أصلهم الموجود في الإنجيل أن الطلاق لا يجوز إلا لعلة الزنا، وعن أصلهم القائل إن ما جمعه اللَّه لا يفرقه إنسان، وما خرجوا هذا الخروج عن أصلهم، إلا لاستحالة تطبيق شريعة المنع من الطلاق، فهل يقول هذا المتكلم: إن التطليق عند الأرثوذكس بهذه الشروط عند القاضي هدم لقدسية الزواج واعتداء على المرأة؟ أم أنه سيكيل بمكيالين؟
(23)
"قولهم ما جمعه اللَّه لا يفرقه إنسان"
هذه هي فلسفة النصارى في المنع من الطلاق لكن كيف أصحاب هذا الاتجاه من النصارى الذين يوافقون على الطلاق على هذه الفلسفة؟
= 4 - الحكم على أحد الزوجين بعقوبة الأشغال الشاقة أو السجن أو الحبس لمدة سبع سنوات فأكثر فأكثر يسوغ للزوج الآخر طلب الطلاق.
5 -
إذا أصيب أحد الزوجين بجنون مطبق أو بمرض معد يخشى منه على سلامة الآخر يجوز للزوج الآخر أن يطلب الطلاق إذا كان قد مضى ثلاث سنوات على الجنون أو المرض، وثبت أنه غير قادر على للشفاء، ويجوز للزوجة أيضًا أن تطلب الطلاق إذا أصيب زوجها بمرض العنة ومر عليه ثلاث سنوات؛ وثبت أنه غير قابل الشفاء وكانت زوجته شابه يخشى عليها من الفتنة.
6 -
إذا اعتدي أحد الزوجين على الآخر أو اعتاد إيذاءه إيذاءًا جسميًا يعرض صحته للخطر جاز للزوج المجني عليه أن يطلب الطلاق.
7 -
إذا ساء سلوك أحد الزوجين أو فسدت أخلاقه وانغمس في حمأة الرذيلة، ولم يُجْدِ في إصلاحه توبيخ الرئيس الديني ونصائحه؛ فللزوج الآخر طلب الطلاق.
8 -
يجوز أيضًا طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين إلى الآخر في المعاشرة، أو أخل بواجباته نحوه إخلالًا جسميًا مما أدى إلى استحكام النفور بينهما وانتهى الأمر بافتراقهما عن بعضهما واستمرت الفرقة ثلاث سنين متواليه.
9 -
كذلك يجوز الطلاق إذا ترهبن أو ترهبن أحدهما برضا الآخر. اهـ (61 - 62 - 118 - 199).
يقول القمص أندراوس عزيز بعد بيانه أن المنع من الطلاق مع كون الزوجين لا يتفقان يقود إلى الزنا: ويجب أن نعرف جيدًا أنه بالنسبة لكلام الكتاب المقدس ما جمعه اللَّه لا يفرقه إنسان (متى 19/ 16).
فالذي يقوم بدور اللَّه في الوحدة بين العريس والعروس هو الكاهن الذي يربط الاثنان برباط الزوجية لا ينزل اللَّه غير المرئي، ويعقد الزواج من دون أن نرى أحدًا ولكن الكاهن فيها محل اللَّه الذي يجمع الاثنين هنا هو اللَّه على يد الكاهن؛ والكاهن الذي جمع الاثنين يستطيع أن يفك ما جمعه الذي يستطيع أن يربط يستطيع أن يحل للأسباب الاستثنائية التي سنذكرها فيما بعد، وهذا بموجب السلطان المخول له من قبل اللَّه "ما حللتموه على الأرض يكون محلولًا في السماء وما ربطموه على الأرض يكون مربوطًا في السماء" (متى 16: 19).
فهذا السلطان وضع أصلًا لحل هذه المشاكل، لا لكي يتخذ لأجل الخصام، أو الانتقام، أو الحقد، أو التشفي، بل لحل مثل هذه المشاكل التي ليس لها قاعدة وتختلف من إنسان لآخر.
(24)
يقول بولس: أنت مرتبط بامرأة فلا تطلب الانفصال أنت منفصل عن امرأة فلا تطلب امرأة كورنثوس الأولى (7/ 27).
فبولس يسمح بالطلاق وإعادة الزواج تحت ظروف محددة وإن لم يكن عنده في الطلاق من عند الرب شيء كما قال: وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب.
ولكن عدم وروده عن الرب ليس حكمًا نهائيًا كونيًا، ففي رأي بولس أن القاعدة العامة تسمح الاستثناءات، فتحريم يسوع للطلاق هو قاعدة عامة، ولو وضعت كقانون فهو يحتاج إلى تفسيره وشرحه، إذ بولس يتلقى الوحي من نفس الروح الذي في يسوع، فهو يرغب أن يعطي رأيه في المطلقين الذين لم يتزوجوا ثانية، وبولس هنا يقرر حريتهم في الزواج مرة أخرى فالزواج مرة أخرى بعد الطلاق مباح في بعض الظروف. (1)
(1) الزواج في المسيحية (135).