الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يضربون زوجاتهم ضربًا مبرحًا لدرجة أنه بدأت تنشأ هناك جمعيات لحماية الزوجات من ضرب الأزواج، واللَّه سبحانه وتعالى قد جعل بين الأزواج والزوجات مودة ورحمة، وذلك مصداقًا لقوله تبارك وتعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21).
هذه المودة والرحمة هي الرابطة بين الزوج وزوجته أوجدها اللَّه لذلك لا تجد من هو أكثر تسامحًا من الزوج مع زوجته أو الزوجة مع زوجها، يحدث بينهما الكثير، وبعد ساعة أو أقل تجدهما نسيا ما حدث، وعادا إلى الحب والصفاء، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"استوصوا بالنساء خيرًا" الحديث. وهكذا نرى أن الضرب ليس علامة الكراهية، ولكنه قد يكون علامة حب، وأنه ما دام غير مبرح فإنه يسبب ألمًا بسيطًا وأن الإنسان قد يلجأ إلى ضرب خفيف مع من يحب، لأنه يحب مصلحته ويهمه أمره.
والمرأة بطبيعتها تتفهم ذلك من زوجها وتعرف أن غضبه عليها ومعاقبته لها، سرعان ما يتلاشى ويزول بزوال أسبابه فتدوم بينهما العشرة وكأن شيئًا لم يكن. (1)
الوجه السابع: إن الضرب المشروع ضرب غير موجع، بخلاف غيرنا من الغرب
.
قال د/ محمد سعيد رمضان البوطي: وقد انتشرت في أمريكا أخيرًا ملاجئ من نوع خاص، تستقبل النساء اللواتي أتيح لهن الفرار من وابل الضرب والتحطيم من قبل الأزواج أو الأصدقاء، وتحيط بمباني هذه الملاجئ عادة جدران مزخرفة وديكورات لا توحي بطبيعة ما وراءها للتمويه، ابتغاء قطع السبيل إلى معرفة الأماكن التي يأوى إليها هذا القطيع الكبير من النساء المنكوبات، كي لا يلاحقهن الأزواج والأصدقاء بالضرب والأذى إلى المأمن الذي التجأن إليه. .!
وقد امتدَّ من هذا البلاء الصاعق وباء عمَّ الولايات المتحدة كلها، وهو الآن ينتشر بسرعة في مختلف البلاد الأوربية. (2)
(1) المرأة في القرآن صـ 81.
(2)
المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني صـ 32: 31.
وقد كتب (Rechard. F. Jones) الأستاذ في معهد القبالة وأمراض النساء في أمريكا (American College Obstetricias and Gynecologists) كتب مقالًا عن هذه الظاهرة الوبائية المخيفة، في المجلة العائدة لهذا المعهد، في عدد يناير عام 1993 م بعنوان: Domestic Violence: Let our voices be heard
أي: الاغتصاب العائلي، أو المنزلي: فلندع أصواتنا تسمع.
افتتحه بقوله: "هنالك وجاء يجتاح بلدنا. . إنه لشنيع. . وإنه غير قابل للتجاوز عنه أو التساهل في أمره. . إنه يجب أن يوقف، وإنه لمرض يبعث على الاشمئزاز ولا يمكن لأي بلد حضاري أن يقبل به.
ثم قال الكاتب: إنه في كل (12) ثانية في الولايات المتحدة الأمريكية تخضع امرأة لهذا الوباء. . في كلِّ (12) ثانية امرأة تُضرب إلى درجة القتل أو التحطيم من قبل زوج أو صديق! . . وفي كلِّ يوم نرى نتائج هذا الضرب وآثاره في مكاتبنا. . وفي غرف الطوارئ. . وفي عياداتنا! .
ثم يقول الدكتور/ البوطي: فالذي يعاقَبُ في شخص المرأة في ديننا هو شذوذها المتمرد الذي تطاول أمده، ومن ثم فهو أندر ما يكون في البيوتات الإسلامية.
وأما الذي يُعاقبُ في شخص المرأة في الغرب، فهو إنسانيتها الوديعة التي لا تنشد أكثر من حقها، ومن ثم فهو بلاء ماض في التفاقم والانتشار، وأذكرك بالتقرير الأمريكي القائل: في كلِّ اثنتي عشرة ثانية امرأة تضرب إلى درجة القتل أو التحطيم من قبل زوج أو خليل، في الولايات المتحدة الأمريكية.
والزوجة المسلمة التي تعيش في دار إسلامية مع زوج مسلم، لا يدعها إسلامها تنزلق إلى النشوز أصلًا، فإن انزلقت بدافع من نزق أو هياج نفسي عارض، فلسوف تعود، مستغفرة اللَّه، خلال المرحلة العلاجية الأولى، ولن يدعها التزامها الإسلامي تبقى حبيسة هذا الانزلاق إلى المرحلة الثالثة قط، والزوج المسلم الذي يعيش مع زوجته المسلمة، لن
يجنح في التعامل مع زوجته إلى أي إساءة بضرب أو شتيمة بلسان، حتى ولو بدر منها خطأ أو نشوز، أي: إن الالتزام الحقيقي بالإسلام يشكل لدى كل من الزوجين صمام أمان ضد تطاول الآخر بالسوء في حق صاحبه، وإن تجاوز كلُّ منهما الحدَّ لبعض الوقت.
والبيوتات الإسلامية عندنا، خير شاهد ناطق بما نقول.
أما البيوتات الأخرى. فإنما وبال جنوحها عليها ومن الأعاجيب التي يعرفها الناس جميعًا -ولا عجب- أن الذين يتظاهرون بالغيرة على المرأة وحقوقها، من حيث ينتقصون الإسلام ويعيبون فيه آية النشوز التي ورد فيها ذكر الضرب، هم أسرع الناس إيذاء لزوجاتهم، وأطولهم أيْدي إليهن بالضرب واللكم. وفي الذهن أسماء كثيرة، وقصص مؤلمة مثيرة، ولكن اللَّه أمر بالسّتر.
قلت: نعم أمر اللَّه بالستر، ولكن هؤلاء لا يستحقون الستر، فإنهم على ما هم فيه يلقون التهم على الإسلام فهم كما قال الشاعر: رمتني بدائها وانسلت.
فنحن نقول بأنهم أسرع الناس إيذاءً لزوجاتهم.
دليل ذلك ما ذكره، الأستاذ/ محمد رشيد العويد:
من أن دراسة أمريكية جرت في عام (1407 هـ)(1987 م) أشارت إلى أن "79%" من الرجال يقومون بضرب النساء، بخاصة إذا كانوا متزوجين بهن، وكانت الدراسة قد اعتمدت على استفتاء أجراه د/ جون بيرير الأستاذ المساعد لمادة علم النفس في جامعة "كارولينا الجنوبية" بين عدد من طلبة الجامعة.
وقد أشارت الدراسة إلى أن استعداد الرجال لضرب زوجاتهم عالٍ جدًّا، فإذا كان هذا بين طلبة الجامعة، فلا شك في أنه أعلى نسبة بين من هم دونهم تعليمًا. (1)
وفي دراسة أعدها المكتب الوطني الأمريكي للصحة النفسية: جاء أن "17%" من النساء اللواتي يدخلن غرف الإسعاف: هن ضحايا ضرب الأزواج أو الأصدقاء. وأن
(1) من أجل تحرير حقيقي للمرأة صـ 24: 16 بتصرف.
"83 %" دخلن المستشفيات سابقًا مرة على الأقل، للعلاج من جروح وكدمات أصِبن بها، كان دخولهن نتيجة للضرب.
وقال إفان ستارك: معد هذه الدراسة التي فحصت (1360) سجلًا للنساء في المستشفيات: "إن ضرب النساء في أمريكا ربَّما كان أكثر الأسباب شيوعًا للجروح التي تصاب بها النساء، وأنها تفوق حتى ما يلحق بهنَّ من أذى نتيجة حوادث السيارات، والسرقة، والاغتصاب مجتمعة".
وأكدت الدكتورة/ آن فليتكرافت: التي ساهمت في وضع الدراسة: "أن ضرب النساء هو إحدى حقائق المجتمع الأميركي. . ومشكلة اجتماعية واسعة الانتشار".
وقالت جانيس مور -وهي منسقة في منظمة "الائتلاف الوطني ضد العنف المنزلي" ومقرها واشنطن-: "إن هذه المأساة المرعبة وصلت إلى حد هائل، فالأزواج يضربون نساءهم في سائر أنحاء الولايات المتحدة، مما يؤدي إلى دخول عشرات الآلاف منهن إلى المستشفيات للعلاج.
وأضافت: إن نوعية الإصابات تتراوح بين كدمات سوداء حول العينين، وكسور في العظام، وحروق وجروح وطعن بالسكين، وجروح الطلقات النارية، وبين ضربات أخرى بالكراسي والسكاكين والقضبان المحماة.
وأشارت إلى أن الأمر المرعب، هو أن هناك نساء أكثر يصبن بجروح وأذى على أيدي أزواجهن، ولكنهن لا يذهبن إلى المستشفى طلبًا للعلاج، بل يضمدن جراحهن في المنزل.
وقالت جانيس مور: "إننا نقدر بأن عدد النساء اللواتي يُضربن في بيوتهن كل عام، يصل إلى ستة ملايين امرأة، وقد جمعنا معلومات من ملفات مكتب التحقيقات الفدرالي، ومن مئات الملاجئ التي توفر المأوى للنساء الهاربات من عنف وضرب أزواجهن". مائة ألف ألمانية يضربهن الرجال سنويًا.
وذكرت دراسة ألمانية أن ما لا يقل عن مائة ألف امرأة تتعرض سنويًا لأعمال العنف
الجسدي أو النفساني التي يمارسها الأزواج، أو الرجال الذين يعاشرونهن، مع احتمال أن يكون الرقم الحقيقي يزيد على المليون.
وقالت الدراسة: إن الأسباب المؤدية إلى استخدام العنف هي البطالة زمنًا طويلًا، والديون المالية، والإدمان على المشروبات الكحولية، والغيرة الشديدة.
وقد وضعت الوزارة الألمانية الاتحادية لشئون الشبيبة والأسرة والصحة مشروعًا لتقديم المساعدة من قبل منظمة خيرية، على أن يتم ذلك خلال عامين.
وفي فرنسا تتعرض حوالي مليوني امرأةٍ للضرب، وأمام هذه الظاهرة، التي تقول الشرطة إنها تشمل حوالي عشرة في المائة من العائلات الفرنسية، أعلنت الحكومة أنها ستبدأ حملة توعية لمنع أن تبدو أعمال العنف هذه كأنها ظاهرة طبيعية.
وقالت أمينة سر الدولة لحقوق المرأة ميشال أندريه: حتى الحيوانات تعامل أحيانًا أحسن منهن، فلو أن رجلًا ضرب كلبًا في الشارع فسيتقدم شخص ما بشكوى إلى جمعية الرفق بالحيوان، ولكن إذا ضرب رجل زوجته في الشارع فلن يتحرك أحد.
وأضافت في تصريح إلى وكالة "فرانس برس": يجب إفهام الجميع بأن الضرب مسألة تطالها العدالة، أريد أن يتم التوقف عن التفكير بأن هذا الأمر عادي.
وتابعت: إن عالمنا يقر بأن هنالك مسيطرًا ومسيطَرًا عليه، إنه منطق يجب إيقافه.
ونقلت صحيفة "فرانس سوار" عن الشرطة، في تحقيق نشرته حول الموضوع: أن (92.7%) من عمليات الضرب التي تتم بين الأزواج تقع في المدن. وأن (60%) من الدعوات الهاتفية التي تتلقاها شرطة النجدة في باريس أثناء الليل، هي نداءات استغاثة من نساء يسىء أزواجهن معاملتهن.
وذكرت أمانة سر الدولة لحقوق المرأة: أن هنالك أنواعًا من العنف الذي يمارس على النساء، منها معنوي (تهديدات وإهانات) ومنها جسدي (ضرب).
ولاحظت جمعية (نجدة النساء اللواتي يتعرضن للضرب) أن النساء اللواتي تستقبلهن تتراوح أعمارهن بين (25) و (35) سنة، ولهن ما معدله طفلان، ومستواهن التعليمي متدنٍ، وهن غالبًا معزولات عن عائلاتهن أو جيرانهن، وكثيرًا ما أدت ذريعة مثل: المرض، أو إدمان الكحول، أو البطالة إلى تفاقم العنف الذي يمارس أساسًا عليهن، ولكن قليلات من الضحايا يجسرن على فضح عمليات العنف هذه بسبب الخوف من الانتقام، أو بسبب نقص الشجاعة.
وأظهر استطلاع نُشرت نتائجه في بريطانيا، تزايد العنف ضد النساء، ففي استطلاع شاركت فيه سبعة آلاف امرأة قالت (28) من المشاركات إنهن تعرضن لهجوم من أزواجهن أو أصدقائهن.
وحسب تقدير للوكالة الأميركية المركزية للفحص والتحقيق f. p. t فإن هناك زوجة يضربها زوجها كلَّ (18) ثانية في أمريكا.
وكتبت جريدة (Paychology Today) أن امرأة من كلِّ عشر نسوة يضربها زوجها، فعقبت عليها جريدة (Family Relation) بقولها: لا، بل واحدة من كل امرأتين تتعرض للظلم والعدوان من قبل زوجها! .
ويفيد تقرير بريطاني أن الزوج يضرب زوجته دون أن يكون هناك سبب يبرر الضرب، ويشكل هذا نسبة (77%) من عمليات الضرب.
ويستفاد من التقرير نفسه أن امرأة ذكرت أن زوجها ضربها ثلاث سنوات ونصف السنة منذ بداية زواجها. وقالت: لو قلت له شيئًا إثر ضربي لعاد إلى الضرب ثانية، ولذا أبقى صامتة. وهو لا يكتفي بنوع واحد من الضرب، بل يمارس جميع أنواع الضرب من اللطمات، واللكمات، والركلات والرفسات، وضرب الرأس بعرض الحائط، ويحكى التقرير عن امرأة أدْنَتْ أذنها إلى زوجها فضربها ضربة انصدع منها صمام الأذن.
ولا يبالي الزوج إذا وقعت لكماته أو ركلاته في أعضاء من الجسد ذات حساسية زائدة، وربما تكون المرأة حاملًا وهو لا يكترث لذلك، فيركل برجله في بطنها فيسقط حملها، وقد وقعت عدة
أحداث بالفعل من هذا النوع. كما انكسرت أضلاع عدد من النساء نتيجة الضرب. وقد يبلغ الأمر ببعض الرجال إلى حد يمسكون فيه بأعناقهن، ثم يضيقون عليهن الخناق، ويجن جنون بعضهم فيحرقها بالسجائر، أو يكبلها بالسلاسل والأغلال ثم يغلق عليها الباب.
وفي الصين: نشرت صحيفة "العمال" اليومية نبأ إعدام مسئول صغير بتهمة الاعتداء على فتيات، وتعذيب زوجته بالسجائر والكهرباء، والإبر والأحزمة.
ونشرت صحيفة تشوانغ منغ المحلية رسالة كتبتها "تشاي جيانكسيونغ" وهي طبيبة في مقاطعة شانكسي وصفت فيها كيف ضربها زوجها على وجهها ومعدتها وأطرافها؛ لأنها رفضت الموافقة على الطلاق، وعولجت في المستشفى من إصابات خارجية وداخلية خطيرة. ثم حاولت والدة الزوج طردها من المستشفى، وقد حدث ذلك دون أن يعاقب الزوج.
وفي قضية أخرى: قام رجل بكسر ذراع زوجته في أثناء شجار بينهما، ولم تجرؤ الزوجة على البقاء في المنزل، واضطرت إلى قضاء عدة ليالٍ في قن البط.
وكتبت إحدى الزوجات إلى مجلة "النساء" في الصين تشكو من سوء معاملة زوجها وأفراد أسرته الذين يقيمون معها في منزل واحد، وتحكي كيف ضربها زوجها؛ لأنها رفضت أن تعطي والديه مبلغًا من المال يعادل عشرة دولارات.
وفي الصين لا توجد مراكز للزوجات اللواتي يتعرضن للضرب، ويلجأن في العادة إلى اللجان الاجتماعية القريبة، أو إلى فروع الاتحاد النسائي، وفي بعض الحالات إلى المحاكم، ولكن المرأة الصينية تخاف في الأغلب من تحدي زوجها، وتخجل من طلب المساعدة.
وفي كندا: مائة وخمسون ألف كندي يضربون زوجاتهم، والمؤسسات الاجتماعية والثقافية في البلاد تعتبر الأمر فضيحة. و"التجمع الذكوري ضد العنف العائلي" أنشئ خصيصًا في مونتريال للحد من عمليات ضرب النساء. وقد وضع في تصرف الرجال السريعي الغضب خط هاتفي، على مدى 24 ساعة، يتصل به الزوج ليفرغ غضبه إلى الطرف الآخر. . لعلَّ هذا يغنيه عن ضرب زوجته.
ونشرت مجلة "التايم" الأميركية أن حوالي أربعة آلاف زوجة، من حوالي ستة ملايين زوجة مضروبة، تنتهي حياتهن نتيجة ذلك الضرب.
وأشار خبر نشره مكتب التحقيقات الفيدرالية جاء فيه أن أربعين في المائة من حوادث قتل السيدات ارتكبها أزواجهن.
وأشار أيضًا إلى دراسة جرت في إحدى المستشفيات الأميركية الكبيرة، واستغرقت أربع سنوات، وجاء فيها أن (25%) من محاولات الانتحار التي تُقدم عليها الزوجات يسبقها تاريخ من ضرب الأزواج لهن، أي: أنهن لا يجدن نجاة من هذا الضرب إلا في الانتحار.
جاء في جريدة الرأي العام العدد 10685 بتاريخ 9/ 5/ 1417 هـ ما يلي:
بات مشروعًا للأزواج الإيطاليين أن يضربوا زوجاتهم في لحظات الغضب والغيرة الشديدة بعد أن ألغت محكمة إيطالية حكمًا أصدرته محكمة ابتدائية وقضي بسجن زوج ثمانية أشهر لضربه زوجته التي اتهمها بالإكثار من الخروج الأمر الذي أثار الشائعات بين الجيران في شأن سلوكها.
واشترطت المحكمة في ضرب الزوجات ألا يتكرر كثيرًا وأن لا يكون عنيفًا جدًّا مبررة حكمها بأن العلاقات الزوجية علاقات معقدة وفيها كثير من الخصوصية وتداخل الأمور بحيث يصعب على أطراف خارجية مثل المحكمة أدراك كثير من تفاصيلها ورأت المحكمة أن ضرب الزوجة أو الزوج بسبب انفعال عارض تثيره الغيرة أو الغضب المباغت لا يعد أمرًا يصلح لقضية أمام المحاكم.
وتعود القضية إلى حادثة وقعت في صقلية حين ضرب فرانسيسكو كومباردو (42 عامًا وهو عامل بناء من صقلية زوجته أنا (39 عامًا) في لحظة غضب وغيره محتجًا على تصرفاتها التي باتت تثير الريب وخروجها الكثير من منزل الزوجية وتركها أولادها الثلاثة منه مما أثار الشائعات في أوساط الجيران عن أنها تخرج لملاقاة عشيق سرًا.
وعبرت السيدة عن ارتياحها لحكم محكمة الاستئناف الذي ألغى الحكم الأول بسجن زوجها ثمانية أشهر وقالت: "أنا سعيدة بإلغاء حكم السجن على زوجي، لم يكن الأمر سوى اشتباك بيني وبين زوجي كما يحصل في كل أسرة في صقلية، وكل الأزواج في منطقتي تنتابهم الغيرة الشديدة. نعم كان فرانسيسكو عنيفًا معي لكنني أفضل أن أراه خارج السجن".
ويتوقع أن يشير الحكم جدلًا واسعًا تثيره منظمات الدفاع عن النساء الأوروبيات؛ لأنه يشكل سابقة في القضاء الأوربي لكن موقف السيدة سيضعف دفاع مثل هذه المنظمات كثيرًا.
وكتب الأستاذ/ محمد مصطفى غنيم في (يوميات الأخبار) بتاريخ 4 سبتمبر 1973 م (الصفحة الثامنة) تحت عنوان (ذروة الحضارة، وضرب الزوجات): هل تعرف الموضوع الذي يشغل بال الرأي العام البريطاني في هذه الأيام أكثر من أي موضوع سواه؟ أنه ليس الأزمة الاقتصادية الطاحنة، وليس سياسة الوفاق، بل إن المشكلة التي لا تكاد تخلو منها صحيفة واحدة أو ينقطع الحديث عنها في أي لقاء، وهي ظاهرة ضرب الزوجات التي تفشت في المجتمع البريطاني، وروى أن المشكلة نوقشت في أعلى المستويات الحكومية؛ لأنه في أغلب الأحيان ضرب قاسٍ عنيف أدى في أحيان كثيرة إلى موت الزوجة، وقد تبين أن بعض الأزواج اعتاد أن يضرب زوجته كل ليلة بصورة منتظمة دون أن يجرؤ أحدٌ على التدخل أو الشكوى، فالبوليس البريطاني لا يتدخل حتى لا يتهم بالتدخل في شئون العائلات.
ويقول تقرير أعدته جماعة (مساعدة المرأة المعتدى عليها) إن بعض الزوجات استمرت عمليات ضربهن سنوات دون أن تتقدم إحداهن بالشكوى، وذلك أما خجلًا أو خوفًا، وقال التقرير إن كثيرات من الزوجات أصبن بكسور وكدمات، بل إن البعض كان يتحمل (علقة) الزوج حتى خلال فترة الحمل.
وقد تعهد (إدوارد هيث) رئيس الوزارة بالتحقيق ومعالجة هذه الظاهرة المتفشية. "والطريف بعد ذلك أن عددًا كبيرًا من الزوجات يرفضن طلب الطلاق من أزواجهن رغم تكرار الاعتداء عليهن بالضرب، ويفضلن البقاء تحت سقف الزوجية رغم الآلام
التي يعانينها" وهذه هي ذروة الحضارة الغربية.
فإذا تركنا الحضارة الغربية إلى اليابان هذه القوة الحضارية العملاقة التي صعدت إلى القمة في التفوق التكنولوجي والمدنية المادية المعاصرة - سوف نجد أن رئيس وزرائها السيد كاكوي تاناكا أصدر أخيرًا كتابًا بعنوان (حياتي) قال فيه: إنه يؤمن بأن أفضل أسلوب لمعاملة المرأة هو ضربها بين الحين والحين، واعترف تاناكا بأنه يضرب زوجته وابنته كثيرًا، ورغم ذلك فالعلاقة بينهم تعتبر مثالية؛ بل إنه نصح زوج ابنته -ليلة زفافها- بضرورة ضربها حتى تنصلح حالها، وقد فوجئ زوج الابنة بما يطلبه منه حموه، ولكن تاناكا عاد وأكد أن الضرب بدون سبب هو الذي قد يغضب الزوجة.
أمَّا ضربها لارتكابها بعض الأخطاء فإن هذا قد يؤلمها ويوجعها، ولكنها ستزداد حبًا لزوجها بعد أن يتبدد الألم والوجع (جريدة أخبار اليوم 24 نوفمبر 1973 م الصفحة الثانية).
يقول أ/ محمد رشيد العويد: هكذا يضرب غير المسلمين زوجاتهم، دون قيد، ودون حساب، ولأتفه الأسباب، فأين هم من الإسلام الذي جعل الضرب الوسيلة الأخيرة في الإصلاح، "ضرب لا يُقصد منه الإيلام وإطفاء الغيظ، بقدر ما يُقصد منه إعلان الأسف، وعدم الرضا بالسلوك، ولذا ورد النص مطلقًا في قوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} (النساء: 34) أي: أدنى ما يتحقق به مفهوم الضرب، فهو ضرب تأديب وإصلاح -كما يقول المفسرون- وضرب تقويم وعلاج، وليس ضرب إيلام وإزعاج، وجاءت أقوال الفقهاء في تحديد آلة الضرب بنحو السواك، وباجتناب ضرب الوجه، ومواطن الضرر، وإذا ترتب على الضرب ضرر ما، كالذي يترك أثرًا، فإنه يكون مضمونًا على الزوج، مستحقًا به التعزير الكافي والتغريم بحسب ما يراه الحاكم كافيًا".
"فالضرب المؤذي مرفوض، وغير مقبول شرعًا، بل هو من التجاوزات التي يعزر عليها الشارع،