الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذي وصلني من واحدة منا، صاحبته سيدة، تشغل مركزًا محترمًا، وتعمل من خمس وعشرين سنة! تقول لي بالحرف الواحد:
"إما أنك تخدعين نفسك، وإما أنك ما زلت في أول سنوات العمل، إن الرجال على حق فيما يقولون. . فالمرأة العاملة تفقد أنوثتها فعلًا بالعمل، وقد يدهشك أنني أتمنى بعد أن أمضيت مدة طويلة في العمل المضني -وأشعر أن غيري كثيرات يشاركني هذا التمني- أن لا أخرج من بيتي، وأن لا أترك أولادي صباح كل يوم لأذهب إلى مكتبي، ولكنني أعمل وأشقى، لأفقد أنوثتي فعلًا على سبيل العند (العناد) إنني مثلك أخشى أن يقول الرجال إننا تراجعنا عن ميدان العمل وفشلنا، ولذلك فأنا وغيري نضحي بأنفسنا؛ لكي نغيظ الرجال، قولي الحقيقة: إن المرأة مهما تقدمت في عملها، فهي لا تحب أن تصبح رجلًا، بل تتمنى أن تتمتع بأنوثتها إلى أقصى حد، حالة واحدة تتمنى فيها المرأة أن تعمل، عندما يكبِّر الأولاد، ويذهب كل منهم إلى حال سبيله، وفي هذه الحالة تستشعر رغبة شديدة في العمل؛ إذ لم يعد هناك ما يذكرها بأنوثتها، إنها تعود إلى العمل بإحساس الرجل لا بإحساس المرأة". (1)
الوجه السابع: الآثار المترتبة على عمل المرأة. وإهمالها بيتها
أثبتت الدراسات العلمية إلى أن وجود الطفل في دور الحضانة أو تركه في البيت مع مربية أو خادمة، لها مخاطر ومضاعفات نفسية في حياة الطفل؛ وذلك لأن الأسرة هي محضن الطفولة وسكن الإنسان مهما امتد به العمر، وهو حين يفتقدها فإنه يصاب بالخلل ويضطرب توازنه، فكيف يكون إذًا! إذا عاش طفولته وحيدًا أو بعيدًا عن دفء الأسرة واستقرارها وعطائها من الحب والرعاية والاهتمام والضبط، تلك المعاني التي لابد منها في تربية الطفل وإعداده للحياة إنسانًا صالحًا فاضلًا.
(1) المرأة بين الفقه والقانون صـ 173: 172.
فالطفل في سنواته الأولى في حاجة ماسة وضرورية إلى الأب والأم، أو أحدهما على الأقل؛ ليشعر بالأمن، والطمأنينة، والحب، تلك الأرضية الصلبة والوحيدة لتشكيل أنماط سلوكه وتفاعلاته ونشاطاته مع المحيط بشكل سوي سليم، وكل ما عدا هذه القاعدة من الأمن تبع له والأمن المقصود هنا يشكله الحب والحنان والاهتمام الذي يقدمه الأبوان أو أحدهما أو الكفل لهذا الطفل الذي يقع في حيز مسئوليتهم.
إن خروج الأم من البيت إلى العمل، وترك الأسرة للخادمة أو لحياة الفوضى والعشوائية يقضي على الأمن الذي ينشده أفراد الأسرة كبيرهم وصغيرهم والأطفال بالدرجة الأولى، إن المرأةَ خلقت؛ لتكون سكنًا وأمنًا وطمأنينة لأسرتها ومن يحيط بها من ذويها، وأي إعراض أو تنكر لهذا من المرأة يكون إعراضًا عن منهج اللَّه سبحانه وتعالى؛ لأن مثل تلك الفلسفات التي تجعل من المرأة رجلًا يصارع الحياة، تحمل الخراب والدمار للإنسانية، قال اللَّه تعالى:{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)} (البقرة: 205).
لقد أظهرت الدراسات فروقًا واضحة بين أبناء العاملات وغير العاملات، إذ وجد أن الميول العدوانية والجناحية موجودة بنسبة أكبر بين أبناء العاملات، وهي بنسبة أقل بين أبناء العاملات لوقت قصير، وبنسبة أقل بين أبناء غير العاملات على الإطلاق.
وقد حدد علماء النفس العوامل الضارة في تشكيل نفسية الطفل بسبب الأم، يقول (ستيفاني): إن اشتغال الأم خارج المنزل، أو ولادة طفل جديد يستحوذ على اهتمامها ووقتها، والتغير في المحيط والبيئة للطفل بما في ذلك الأشخاص، كلها تشكل عوامل اضطرابات في التكيف الطبيعي للطفل.
وتبدو هذه الظاهرة في عمل الأم أكثر وضوحًا حين يكون رب الأسرة -الأب- مفقودًا فيها بوفاة أو طلاق أو سفر؛ ذلك أن الأم هنا سوف تقوم بدور الأب لتترك البيت فترات طويلة مما يعد عاملًا من عوامل انحراف الطفولة ويظهر هذا في أحياء الطبقات