الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثالث: أيهما أولًا أسرتها أم وظيفتها؟
الوجه الرابع: أعظم عمل للمرأة أن ترعى أولادها.
الوجه الخامس: فطرة المرأة هي الفيصل في الأمر.
الوجه السادس: مصلحة المرأة وسعادتها تكمن في بيتها.
الوجه السابع: الآثار المترتبة على عمل المرأة. وإهمالها بيتها.
الوجه الثامن: عمل المرأة زاد نسبة البطالة.
الوجه التاسع: الإنسان ليس آلة لا روح فيها.
الوجه العاشر: شكوى الغرب من عمل المرأة.
الوجه الحادي عشر: ومع عمل المرأة لم تتحقق المساواة.
الوجه الثاني عشر: الضرر الصحي على المرأة.
الوجه الثالث عشر: وهل سلمت المرأة في عملها من الذئاب البشرية.
الوجه الرابع عشر: خروج المرأة إلى العمل أدى إلى ضعف مستوى التعليم لدى الأطفال.
الوجه الخامس عشر: طبيعة الرجل لا تؤيد خروج المرأة للعمل.
الوجه السادس عشر: خروج المرأة للعمل يؤدي إلى انتشار الإباحية ويهدد الحياة الزوجية.
الوجه السابع عشر: كلٌ مُيسَّر لما خلق له.
الوجه الثامن عشر: مهما فعلت فهي أم.
الوجه التاسع عشر: وكما قال الإسلام قالت التوراة والإنجيل.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: لا مانع من عمل المرأة. . . ولكن
!
أولًا: لا خلاف بين أهل العلم في جواز خروج المرأة للعمل
.
فالمرأة إنسان، كالرجل، هي منه وهو منها، كما قال القرآن:{بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (النساء: 25) والإنسان كائن حي من طبيعته أن يفكر ويعمل، وإلا لم يكن إنسانًا.
واللَّه إنما خلق الناس ليعملوا، بل ما خلقهم إلا ليبلوهم أيهم أحسن عملًا، فالمرأة مكلفة كالرجل بالعمل، وبالعمل الأحسن على وجه الخصوص، وهي مثابة عليه كالرجل من اللَّه، كما قال تعالى:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} (آل عمران: 195) وهي مثابة على عملها الحسن في الآخرة ومكافأة عليه في الدنيا أيضًا: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (النحل: 97).
والمرأة أيضًا -كما يقال دائمًا- نصف المجتمع الإنساني، ولا يتصور من الإسلام أن يعطل نصف مجتمعه، ويحكم عليه بالجمود أو الشلل، فيأخذ من الحياة ولا يعطيها، ويستهلك من طيباتها، ولا ينتج لها شيئًا.
على أن عمل المرأة الأول والأعظم الذي لا ينازعها فيه منازع، ولا ينافسها فيه منافس، هو تربية الأجيال، الذي هيأها اللَّه له بدنيًا، ونفسيًا، ويجب ألا يشغلها عن هذه الرسالة الجليلة شاغل مادي أو أدبي مهما كان؛ فإن أحدًا لا يستطيع أن يقوم مقام المرأة في هذا العمل الكبير، الذي عليه يتوقف مستقبل الأمة، وبه تتكون أعظم ثرواتها، وهي الثروة البشرية.
ورحم اللَّه شاعر النيل حافظ إبراهيم حين قال:
الأم مدرسة إذا أعددتها
…
أعددت شعبًا طيب الأعراق
ومثل ذلك عملها في رعاية بيتها، وإسعاد زوجها، وتكوين أسرة سعيدة، قائمة على السكون والمودة والرحمة، وقد ورد: إن حسن تبعل المرأة لزوجها يعد جهادًا في سبيل اللَّه.
وهذا لا يعني أن عمل المرأة خارج بيتها محرم شرعًا، فليس لأحد أن يحرم بغير نص شرعي صحيح الثبوت، صريح الدلالة، والأصل في الأشياء والتصرفات العادية الإباحة كما هو معلوم.
وعلى هذا الأساس نقول: إن عمل المرأة في ذاته جائز، وقد يكون مطلوبًا طلب استحباب، أو طلب وجوب، إذا احتاجت إليه: كأن تكون أرملة أو مطلقة ولا مورد لها ولا عائل، وهي قادرة على نوع من الكسب يكفيها ذلَّ السؤال أو المنة.
وقد تكون الأسرة هي التي تحتاج إلى عملها كأن تعاون زوجها، أو تربي أولادها، أو إخوتها الصغار، أو تساعد أباها في شيخوخته، كما في قصة ابنتي الشيخ الكبير التي ذكرها القرآن الكريم في سورة القصص وكانتا تقومان على غنم أبيهما:{لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23)} (القصص 23).
وكما ورد أن أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين كانت تساعد زوجها الزبير بن العوام في سياسة فرسه، ودق النوى لناضحه، حتى إنها لتحمله على رأسها من حائط له -أي بستان- على مسافة من المدينة (1).
وقد يكون المجتمع نفسه في حاجة إلى عمل المرأة كما في تطبيب النساء، وتمريضهن، وتعليم البنات، ونحو ذلك من كل ما يختص بالمرأة، فالأولى أن تتعامل المرأة مع امرأة مثلها، لا مع رجل.
وقبول الرجل في بعض الأحوال يكون من باب الضرورة التي ينبغي أن تقدر بقدرها، ولا تصبح قاعدة ثابتة. (2)
يقول د/ صابر أحمد طه: إن قولهم: إن الإسلام يرفض عمل المرأة عارٍ من الصحة؛ لأنه لم يرد نص في القرآن الكريم ولا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم يحرم عمل المرأة، كلُّ ما هنالك أن الإسلام لم يفرض العمل على المرأة، ولم يلزمها به، بل جعله واجبًا على الرجال وفرضًا لازمًا منذ بداية الخليقة، يدل على ذلك ما جاء في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {وَإِذْ
(1) رواه البخاري (2982)، ومسلم (2182).
(2)
فتاوى معاصرة للقرضاوي 2/ 305: 303.
قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)} (طه: 116، 117)، فإفراد "فتشقى" بعد التثنية في "فلا يخرجنكما" دليل على أن الرجل وحده هو المسئول عن تدبير شئون الأسرة مع العلم بأن هذا القول ليس خاصًا بالإسلام وحده، فقد أقرته الرسالات السماوية السابقة جاء في سفر التكوين (وقال لآدم -أي قال اللَّه تعالى لآدم- لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلًا: لا تأكل منها، ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكًا وحسكًا تنبت لك، وتأكل عشب الحقل بعرق وجهك، تأكل خبزًا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها).
ويُفهم من هذا النص أن اليهودية والنصرانية تبعًا لها تجعلان العمل واجبًا على الرجل؛ لأن اللَّه عز وجل ألزم آدم به في قوله: (بعرق وجهك).
إذًا فالرسالات السماوية الصحيحة اتفقت على أن الرجل هو المكلف بالعمل وبالتالي بالإنفاق على المرأة؛ لما يمتاز بالخشونة وقوة العضلة والجلد والصبر، أما المرأة فلها عمل آخر وهو تربية الأطفال وهو عمل شاق تدركه كل أم تبغي الفلاح لأطفالها.
أما إذا لم تجد المرأة من يعولها من زوج أو أقرباء، ولم يقم بيت المال بواجبه نحوها، أجاز لها الإسلام أن تعمل؛ لتعول نفسها، أو لتعول أبوين مريضين أو كبيرين، أو لتعين زوجها الذي أقعده المرض عن اكتساب رزقه (1).
يقول د/ البوطي: وإن الشريعة الإسلامية لا تحرم على المرأة ممارسة أي وظيفة أو القيام بأي عمل تستطيع النهوض به على وجهه، ولا تضيق عليها من ذلك إلا بالقدر الذي يستدعيه القيام بواجبات أخرى كلفها الشارع بها، كما تستحق المرأة من الأجر على العمل الذي تتقنه، مثل ما يستحقه الرجل دون أي تفريق، فما يسمى بأجر المثل لا دخل للذكورة والأنوثة فيه تحديدًا، إذا كان العمل سليمًا ومتقنًا (2).
(1) نظام الأسرة في اليهودية والنصرانية والإسلام صـ 219.
(2)
على طريق العودة إلى الإسلام صـ 176.