الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
الخالات.
6 -
بنات الأخ.
7 -
بنات الأخت.
وهؤلاء يحرم الزواج بهن على التأبيد، أي: لا يحل الزواج بهن بحال من الأحوال، ويدخل في الأمهات الجدات؛ وإن علون، كما يدخل في البنات بناتهن، وإن سفلن، وكذلك الأخوات سواء كن شقيقات أو لأب أو لأم، والعمات والخالات؛ وإن علين سواء كن من جهة الأب أم الأم.
وأما المحرمات من الرضاع:
فهن سبع أيضًا، كما هو الحال في النسب، لقوله عليه الصلاة والسلام:"يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب". (1)
والآية الكريمة لم تذكر من المحرمات بالرضاع سوى الأمهات والأخوات، والأم أصل، والأخت فرع، فنبه بذلك على جميع الأصول والفروع، ووضحت السنة النبوية ذلك بالتفصيل وبصريح العبارة كما في الحديث السابق.
وأما المحرمات بسبب المصاهرة:
فقد ذكرت الآية الكريمة منهن أربعًا، وهن كالتالي:
1 -
زوجة الأب: لقوله تعالى {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} .
2 -
زوجة الابن.
3 -
أم الزوجة.
4 -
بنت الزوجة إذا دخل بأمها لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} ، والأصل في هذا أن أم الزوجة تحرم بمجرد العقد على البنت، ولا تحرم البنت إلا بالدخول بالأم للآية الكريمة:{اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}
وقد استنبط العلماء هذه القاعدة:
العقد على البنات يحرم الأمهات، والدخول بالأمهات يحرم البنات.
(1) البخاري (4811)، (2502)، ومسلم (1447).
وقد أشارت الآية الكريمة إلى من يحرمن حرمة مؤقتة، وذكرت نوعين:
الجمع بين الأختين لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} ، وألحقت السنة المطهرة الجمع بين المرأة وعمتها، والجمع بين المرأة وخالتها زيادة على الجمع بين الأختين، كما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها". (1)
قال محمد بن الحسن: وبهذا نأخذ، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.
زوجة الغير أو معتدته رعايةً لحق الزوج، لقوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} أي: المتزوجات من النساء، والمعتدة حكمها حكم المتزوجة ما دامت في العدة. (2)
فانظر أيها القارئ في هذه الآية وهي صريحة في التحريم، فكيف يقال إنها تدل على الحل كما زعم صاحب الشبهة؟ ! وهنا ضابط لا بد من معرفته للتفريق بين كلام اللَّه وكلام المفسرين، فإذا كان الكلام في كتب التفسير فلا يقال القرآن أحل كذا وكذا، إنما يقال: فلان يستنبط حِلَّ كذا وكذا من آية كذا، وهذا عندنا يعني أنه بشر يُقبل منه ويُردُّ عليه.
أما القرآن فهو حق كله، ولذا فنحن نقول هذا تفسير للقرآن، ولا نقول هذا هو القرآن، بخلاف ما عليه النصارى مثلًا من كونهم يقولون ويكتبون -الكتاب المقدس أو العهد الجديد- وما هو إلا ترجمة من ترجماته؛ فإن كان الكاتب يتعامل مع المسلمين كما تعاملوا هم مع كتابهم فنقول له: لا، وليس الأمر كذلك، إنما هذا تفسير للقرآن قد يصيب قائله وقد يخطئ.
ولقد اختار الكاتب مفسرًا نسب إليه هذا الكلام وهو الإمام القرطبي، فما الرأي لو قرأنا معًا شيئًا من كلام القرطبي لنتعلم معًا الأمانة في النقل والصدق في الحديث.
قال رحمه الله:
(1) صحيح مسلم (1408).
(2)
روائع البيان للصابوني (1/ 444)، وانظر تفسير القرطبي، والرازي، وابن كثير، وأبي حيان الأندلسي، والمراغي، والمنار، والشنقيطي، والبقاعي، وصديق حسن خان، وغيرهم عند تفسير الآية [22، 23، 24 من سورة النساء].
قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ، يقال: كان الناس يتزوجون امرأة الأب برضاها بعد نزول قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} حتى نزلت هذه الآية: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} فصار حرامًا في الأحوال كلها؛ لأن النكاح يقع على الجماع والتزوج، فإن كان الأب تزوج امرأة أووطئها بغير زواج حرمت على ابنه. . . ثم قال رحمه الله بعد أن ذكر شيئًا من زواج العرب لحلائل الآباء:{إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} عقب بالذم البالغ التتابع، وذلك دليل على أنه فعل انتهى من القبح إلى الغاية. . . (1)
ثم قال: قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} أي: نكاح أمهاتكم ونكاح بناتكم، فذكر اللَّه -تعالى- في هذه الآية ما يحل من النساء، وما يحرم كما ذكر تحريم حليلة الأب، فحرم اللَّه سبعًا من النسب وستًا من رضاع وصهر، وألحقت السنة المتواترة سابعة وهي الجمع بين المرأة وعمتها ونص عليه الإجماع، ثم سرد المحرمات على النحو السابق، ثم قال: قال الطحاوي: وكل هذا من المحكم المتفق عليه وغير جائز نكاح واحدة منهن بإجماع إلا أمهات النساء اللواتي لم يدخل بهن أزواجهن؟ فإن جمهور السلف ذهبوا إلى أن الأم تحرم بالعقد على الابنة، ولا تحرم الابنة إلا بالدخول بالأم، وبهذا قول جميع أئمة الفتوى بالأمصار، وقالت طائفة من السلف: الأم والربيبة سواء لا تحرم منهما واحدة إلا بالدخول بالأخرى، قالوا: ومعنى قوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} أي: اللاتي بهن دخلتم، ثم قال: وقول الجمهور مخالف لهذا وعليه الحكم والفتيا، وقد شدد أهل العراق في ذلك، وقالوا: لو وطئها بزنا أو قبلها أو لمسها بشهوة حرمت عليه ابنتها، وعندنا وعند الشافعي إنما تحرم بالنكاح الصحيح، والحرام لا يحرم الحلال، ثم قال: قوله تعالى:
(1) تفسير القرطبي (5/ 99) بتصرف. قلت: فانظر إلى قوله: فصار حرامًا في الأحوال كلها، ولقوله: حرمت على ابنه، فهل هذا يفيد التحليل؟ !
{وَأُمَّهَاتُكُمُ} تحريم الأمهات عام في كل حال لا يتخصص بوجه من الوجوه، ولهذا يسميه أهل العلم المبهم أي لا باب فيه، ولا طريق إليه لانسداد التحريم فيه، وكذلك تحريم البنات والأخوات، ومن ذكر من المحرمات ثم قال أيضًا: أجمع العلماء على تحريم ما عقد عليه الآباء على الأبناء، وما عقد عليه الأبناء على الآباء؛ كان مع العقد وطء أو لم يكن لقوله تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ، ولقوله:{وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} ، فإن نكح أحدهما نكاحًا فاسدًا حرم على الآخر العقد عليها كما يحرم بالصحيح.
ونقل عن ابن المنذر: إجماع علماء الأمصار على أن الرجل إذا وطئ امرأة بنكاح فاسد أنها تحرم على أبيه وابنه وعلى أجداده وولد ولده، وقال أيضًا: قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} عطف على المحرمات والمذكورات قبل. (1)
فهذه مقتطفات من كلام القرطبي رحمه الله على الآية، وليس فيها ما يدل على جواز نكاح المحرمات كما زعم الزاعم، وبمثل ما قاله في هذه المسألة قال غيره من أهل العلم، ومن ذلك ما يلي:
قال الطبرى: فكل هؤلاء اللواتي سماهن اللَّه -تعالى- وبَيَّنَ تحريمهن في هذه الآية محرمات، غير جائز نكاحهن لمن حرم اللَّه ذلك عليه من الرجال بإجماع جميع الأمة، لا
(1) المصدر السابق، وقال ابن المنذر: وأجمعوا على تحريم أن ينكح الرجل أمه، وأجمعوا على أن الرجل إذا تزوج المرأة حرمت على أبيه وابنه دخل بها، أو لم يدخل بها، وعلى أجداده وعلى ولده من الذكور والإناث أبدًا ما تناسلوا لا تحل لبني من بنيه ولا لبني من بناته، ولم يذكر اللَّه في الآيتين دخولًا، والرضاع بمنزلة النسب. وأجمعوا على أن الرجل إذا وطئ نكاحًا فاسذا أنها تحرم على ابنه، وأبيه، وعلى أجداده، وولد ولده. وأجمعوا على أن عقد نكاح الأختين في عقد واحد لا يجوز، وأجمعوا على ألا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها لا الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى، وأجمعوا على أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وأجمعوا على أن البكر التي لم تنكح ثم نزل بها لبن فأرضعت به مولودًا أنه ابنها ولا أب له من الرضاعة. اهـ الإجماع لابن المنذر صـ (75 - 77).