الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجواب عن هذا: أنه حديث مرسل وإسناده ضعيف، وعليه فلا تعويل عليه وله طريق موصولة إسنادها ضعيف جدًّا، ومع هذا فلم أجد قول عائشة لأم حبيبة (يا ابنة العاهرة) بإسناد صحيح ولا ضعيف، فهي كلمة مكذوبة مفتراة لم أقف طا على أصل، وبهذا تُبرأ السيدة عائشة رضي الله عنها من هذه الفرية المنسوبة إليها في أمر السيدة أم حبيبة رضي الله عنها، وكذلك تبرأ السيدة أم حبيبة كذلك. والله أعلم.
الوجه الثاني: ذكر بعض فضائل السيدة أم حبيبة رضي الله عنها
-.
هي: أم حبيبة أم المؤمنين السيدة المحجبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي. وإليك بعض فضائلها:
1 -
أسلمت رملة مع زوجها في دار الأرقم بن أبي الأرقم.
2 -
وحينما اشتد الأذى بالمسلمين في مكة هاجرت رملة بصحبة زوجها؛ فارة بدينها، متمسكة بعقيدتها، متحملة الغربة والوحشة، تاركة الترف والنعيم التي كانت فيها، بعيدة عن مركز الدعوة والنبوة، متحملة مشاق السفر والهجرة، فأرض الحبشة بعيدة عن مكة،
= أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب بنحوه؛ وفيه هذه الزيادة: وأمرت أم حبيبة ابنة أبي سفيان بكبش فشوي، وبعثت به إلى عائشة، فقالت: هكذا شوي أخوك. قال: فلم تأكل عائشة شواء حتى لحقت بالله. اهـ.
وهذا إسناد فيه أسامة بن أحمد أبو سلمة التجيبي؛ قال أبو سعيد بن يونس: يعرف وينكر لم يكن في الحديث بذاك. لسان الميزان (1052). وفيه زيد بن أبي زيد ترجم له الخطيب البغدادي (8/ 447) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وللحديث رواية أخرى أخرجها الكندي في ولاة مصر، فقال: وحدثنا حسن المديني قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثني الليث، عن عبد الكريم بن الحارث به، ولكن هذا إسناد معضل، لأن عبد الكريم ثقة من السادسة، وهو من الذين عاصروا صغار التابعين التقريب (4148)، وحسن المديني لم أجد له ترجمة.
وللأثر طريق ثالثة أخرجها الكندي كذلك في ولاة مصر (1/ 8) فقال: حدثني موسى بن حسن بن موسى قال: حدثنا هارون بن أبي بردة قال: حدثني نصر بن مزاحم، عن أبي مخنف قال: حدثني عبد الملك بن نوفل، عن أبيه قال:(ما أكلت عائشة شواء بعد محمد حتى لحقت بالله)؛ وهذه هي الطريق المتصلة، ولكن ترجمتها تؤكد وضع هذا الحديث؛ لأن هذا الإسناد فيه نصر بن مزاحم رافضي جلد متروك الحديث؛ كما في لسان الميزان (551)، وشيخه لوط بن يحيى شيعي محترق هالك؛ اللسان (1568، 1116)، وعبد الملك بن نوفل مجهول الحال؛ وقال الحافظ: مقبول؛ التهذيب (6/ 379).
والطريق تتخلله العديد من الطرق الوعرة، والحرارة المرتفعة، وقلة المؤونة. كما أن رملة في ذلك الوقت، كانت في شهور حملها الأولى في حين نرى بأن سفر هذه الأيام سفر راحة ورفاهية، ووسائل النقل المتطورة ساعدت على قِصَر المسافة بين الدول، وبعد أشهر من بقاء رملة في الحبشة، انجبت مولودتها (حبيبة)؛ فكنيت (بأم حبيبة).
3 -
ومن مناقبها أنها ثبتت على الإسلام في دار الغربة وقد مات زوجها.
4 -
وهي من بنات عم الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس في أزواجه من هي أقرب نسبًا إليه منها، ولا في نسائه من هي أكثر صداقًا منها، ولا من تزوج بها وهي نائية الدار أبعد منها.
5 -
عُقد له صلى الله عليه وسلم عليها بالحبشة، وأصدقها عنه صاحب الحبشة أربع مئة دينار، وجهزها بأشياء.
6 -
وكان لها يوم قدم بها المدينة بضع وثلاثون سنة وقد كان لأم حبيبة حرمة وجلالة، ولاسيما في دولة أخيها، ولمكانه منها قيل له خال المؤمنين.
7 -
ولما جهز الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين لفتح مكة، وبالرغم من معرفة أم حبيبة لهذا السر، إلا أنها لم تخبر أباها، وحافظت على سر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسر المسلمين، ففتح المسلمون مكة، ودخل العديد من المشركين في دين الله، وأسلم أبو سفيان، فتكاملت أفراح أم حبيبة وشكرت الله على هذا الفضل العظيم، وفي هذا الموقف إشارة إلى أنه يجب على المرأة المسلمة حفظ سر زوجها، وعدم البوح به حتى لأقرب الناس إليها، لذلك يجب على الزوجة الصالحة المحافظة على بيت الزوجية وعدم البوح بالأسرار.
8 -
وأما روايتها للحديث فقد روت أم حبيبة رضي الله عنها عدة أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ مجموعها خمسة وستين حديثًا، وقد اتفق لها البخاري ومسلم على حديثين. تُوفيت قبل معاوية بسنة.
وهكذا جمعت من المناقب أنها صحابية جليلة، ابنة صحابي زعيم، وأخت خليفة، وزوجة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم (1).
(1) سير أعلام النبلاء (2/ 218).