الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جميعا، فقال: ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد أن يكون كفرا، قلنا: ف في ترى؟ قال: نرى أن نجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة، ولا يكون اختلافي، قلنا: فنِعم ما رأيت، قال: فقيل: أي الناس أفصح، وأي الناس أقرأ؟ قالوا: أفصح الناس سعيد بن العاص، وأقرأهم زيد بن ثابت، فقال: ليكتب أحدهما ويمل الآخر ففعلا وجمع الناس على مصحف" قال: قال علي: والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل) (1).
وعن مصعب بن سعد قال: "أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف، فأعجبهم ذلك، وقال: لم ينكر ذلك منهم أحد"(2).
قال ابن عبد البر: فلما اختلف الناس في القراءة زمن عثمان واتفق رأيه ورأي الصحابة على أن يرد القرآن إلى حرف واحد وقع اختياره على حرف زيد فأمره أن يملي المصحف على قوم من قريش جمعهم إليه فكتبوه على ما هو عليه اليوم بأيدي الناس والأخبار بذلك متواترة المعنى وإن اختلفت ألفاظها (3).
سادسًا: إتمام الصلاة في منى
.
والجواب عليه من هذه الوجوه:
الوجه الأول: بيان عذر سيدنا عثمان رضي الله عنه في إتمامه للصلاة
.
فقد ذكر عثمان رضي الله عنه عدة اعتذارات لإتمامه الصلاة في منى، ومن هذه الاعتذارات:
الأول: أنه اعتذر بأنه سمع بأن الأعراب الذين حجوا معه العام الماضي قصروا الصلاة في أوطانهم، واحتجوا بصلاته في منى، فأتم ليعلمهم أن الصلاة أربع وذلك خوفًا من أن يستنوا به، وخطب الناس وأعلمهم بأن السنة هي قصر الصلاة، وهي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
(1) صحيح. أخرجه ابن أبي داود في المصاحف (76) من طريق (علقمة بن مرثد الحضرمي) وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (9/ 18).
(2)
صحيح. أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (صـ 156)، وابن شبة في تاريخ المدينة (3/ 1004)، ابن أبي داود في المصاحف (41) من طريق (أبي إسحاق) عن مصعب بن سعد.
(3)
الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/ 160).
وسنة صاحبيه، ولكنه حدث من الناس فخاف أن يستنوا. (1)
الثاني: أنه كان يري القصر مختصًا بمن كان شاخصًا سائرًا، وأما من أقام في مكان في أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم (2)، والحجة ما رواه أحمد من حديث عباد بن عبد الله بن الزبير قال: لمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ حَاجًّا قَدِمْنَا مَعَهُ مَكَّةَ قَالَ فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى دَارِ النَّدْوَةِ قَالَ وَكَانَ عُثْمَانُ حِينَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا فَإِذَا خَرَجَ إِلَى مِنًى وَعَرَفَاتٍ قَصَرَ الصَّلَاةَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الحجِّ وَأَقَامَ بِمِنًى أَتَمَّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ فَلَمّا صَلَّى بِنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ نَهَضَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الحْكَمِ وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ فَقَالَا لَهُ مَا عَابَ أَحَدٌ ابْنَ عَمِّكَ بِأَقْبَحِ مَا عِبْتَهُ بِهِ فَقَالَ لهما وَمَا ذَاكَ قَالَ فَقَالَا لَهُ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ قَالَ فَقَالَ لهما وَيْحَكُمَا وَهَلْ كَانَ غَيْرُ مَا صَنَعْتُ قَدْ صَلَّيْتُهُمَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنه قَالَا: فَإِنَّ ابْنَ عَمِّكَ قَدْ كَانَ أَتمّهَا وَإِنَّ خِلَافَكَ إِيَّاهُ لَهُ عَيْبٌ قَالَ فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْعَصْرِ فَصَلَّاهَا بِنَا أَرْبَعًا (3).
الثالث: أنه قد تأهل بمنى، والمسافر إذا أقام في موضع وتزوج منه أو كان له به زوجة أتم (4).
الرابع: أنه كان يرى هو وعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصر لأنه أخذ بالأيسر من ذلك لأمته، فأخذا لأنفسهما بالشدة (5). هذه هي بعض الاعتذارات التي أخذ بها أهل العلم وهناك اعتذارات أخرى (6).
(1) شرح مسلم للنووي (3/ 217)، زاد المعاد (1/ 469)، فتح الباري (2/ 665).
(2)
ابن حجر في فتح الباري (2/ 665).
(3)
حسن. أخرجه أحمد في مسنده (4/ 94)، الطبراني في الكبير (19/ 765) مختصرًا من حديث ابن إسحاق قال: حدثنا ابن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن ابن عباد به. وحسن إسناده ابن حجر كما في الفتح (2/ 665).
(4)
زاد المعاد (1/ 470)، فتح الباري لابن حجر (2/ 664). ومن الاعتذارات الأخرى:
أ- أن عثمان رضي الله عنه كان إمامًا للناس، والإمام حيث نزل فهو عمله ومحل ولايته، فكأنه وطنه.
ب- أن عثمان رضي الله عنه كان قد عزم على الإقامة والاستيطان بمنى، واتخاذها دار خلافة، فلهذا أتم، ثم بدا له أن يرجع إلى المدينة. (راجع زاد المعاد (1/ 469: 475).
(5)
فتح الباري لابن حجر (2/ 665)، شرح مسلم للنووي (2/ 216).
(6)
زاد المعاد (1/ 469: 471)، فتح الباري (2/ 665: 664)، شرح النووي (2/ 217: 216).