الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عند عمر لشج رأسي (1). فقد تبين من هذا التحقيق أن أبا هريرة ما قال هذا الكلام ولا يصح عنه، ومما يدل على بطلانه أيضًا في الوجهين الآخرين.
الوجه الثاني: أن أبا هريرة حدث عمر بالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
-.
عن ثابت بْنُ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَخَذَتِ النَّاسَ رِيحٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَاجٌّ، فَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ لمِنْ حَوْلَهُ: مَنْ يُحدِّثُنَا عَنِ الرِّيحِ، فَلَمْ يُرْجِعُوا إِلَيْهِ شَيْئًا، فبلغني الذي سَأَل عَنْهُ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَاسْتَحْثَثْتُ راحلتي حَتَّى أَدْرَكْتُهُ، فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ: أُخْبِرْتُ أَنَّكَ سَأَلتَ عَنِ الرِّيحِ، وإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ الله، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلا تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا الله خَيْرَهَا، واسْتَعِيذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا"(2).
عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أُتِىَ عُمَرُ بِامْرَأَةٍ تَشِمُ، فَقَامَ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِالله مَنْ سَمِعَ مِنَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم في الْوَشْمِ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَنَا سَمِعْتُ، قَالَ مَا سَمِعْتَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا تَشِمْنَ وَلا تَسْتَوْشِمْنَ"(3).
الوجه الثالث: أن عمر رضي الله عنه طلب الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
فقد طلب سيدنا عمر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض المسائل وقد عمل بها، وهذه بعض الأمثلة.
1 -
عن حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في الْفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أَنَا كَمَا قَالَهُ، قَالَ: أنَّكَ عَلَيْهِ -أَوْ عَلَيْهَا- لجريء، قُلْتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أَهْلِهِ، ومَالِهِ، ووَلَدِهِ، وجَارهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ، وَالصَّوْمُ، والصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ، قَالَ: لَيْسَ
(1) ضعيف. أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 67/ 343 من طريق ابن وهب حدثني يحيى بن أيوب عن محمد بن عجلان أن أبا هريرة كان يقول. فيه محمد بن عجلان؛ : مدلس من الطبقة الثالثة؛ طبقات المدلسين (صـ 47)، ثم إنه لم يلق أبا هريرة ففيه انقطاع.
(2)
حسن. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (20004)، أحمد في المسند 2/ 518، البخاري في الأدب المفرد (906) من طرق عن الزهري، حدثني ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ به. وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد (696).
(3)
البخاري (5946).
هَذَا أُرِيدُ، وَلَكِنِ الْفِتْنَةُ التي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: أيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لا يُغْلَقَ أَبدًا، قُلْنَا: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ، إني حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ، فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَل حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: الْبَابُ عُمَرُ. (1)
2 -
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَرَجَ إِلَى الشام، حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشام. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ عُمَرُ: ادْعُ لي المُهَاجِرِينَ الأَوَّلينَ، فَدَعَاهُمْ؛ فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بالشام فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ خَرَجْتَ لأَمْرٍ، وَلا نرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَلا نرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لي الأَنْصَارَ. فَدَعَوْتهمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهَاجِرِينَ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلافِهِمْ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ رَجُلانِ، فَقَالُوا: نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ، وَلا تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ في النَّاسِ، إني مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ، فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجرَّاحِ: أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ الله؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ الله إِلَى قَدَرِ الله، أَرَأَيْتَ إن كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَليْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ الله، وَإِنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ الله؟ قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - وَكَانَ مُتَغَيِّبًا في بَعْضِ حَاجَتِهِ- فَقَالَ: إِنَّ عندي في هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ". قَالَ: فَحَمِدَ الله عُمَرُ، ثُمَّ انْصَرَفَ (2).
هذه بعض الأدلة التي طلب فيها عمر رضي الله عنه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل بها وفي
(1) البخاري (525)، مسلم (144).
(2)
البخاري (5729)، مسلم (2219).