الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرواية السادسة: عن يعلى، عن عمه قال: كنت مع عبد الله بن عمرو حتى بعثه يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن الزبير قال: فسمعت عبد الله بن عمرو يقول لابن الزبير: تعلم أني أجد في الكتاب أنك ستعنى وتعني وتدعى الخليفة ولست بخليفة وإني أجد الخليفة يزيد بن معاوية (1).
وقد ورد في هذه الأوصاف رواية عن ابن الزهير وها هي: عن بقية بن عبد الرحمن عن أبيه قال: لما بلغ يزيد بن معاوية أن أهل مكة أرادوا ابن الزبير على البيعة فأبى أرسل النعمان بن بشير الأنصاري وهمام بن قبيصة النميري إلى ابن الزبير يدعوانه إلى البيعة ليزيد على أن يجعل له ولاية الحجاز أوما شاء وما أحب لأهل بيته من الولاية. فقدما على ابن الزبير فعرضا عليه ما أمرهما به يزيد فقال ابن الزبير: أتأمراني ببيعة رجل يشرب الخمر ويدع الصلاة ويتبع الصيد؟ فقال همام بن قبيصة: أنت أولى بما قلت منه. فلطمه رجل من قريش فرجعا إلى يزيد فغضب وحلف لا يقبل بيعته إلا وفي يده جامعة (2).
وقد صح خلاف ذلك وهو:
الوجه السادس: رد ابن عمر على من خلع يزيدًا، وشهادة محمد بن علي ليزيد بحسن السيرة، وفي ذلك روايات:
الرواية الأولى: عن نافع قال: لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه، وأهله ثم تشهد ثم قال: أما بعد فإنا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان) وإن من أعظم الغدر إلا أن يكون الإشراك بالله، أن يبايع رجل رجلا على بيع الله ورسوله ثم ينكث بيعته. فلا يخلعن أحد
(1) ضعيف. أخرجه خليفة أحداث سنة (51) ص (51) ومن طريقه ابن عساكر في التاريخ (68/ 81) من طريق إسماعيل بن سنان قال: نا حماد بن سلمة، عن يعلى، عن عمه. وذكره. ويعلى هو يعلي بن عطاء العامري، وعمه ترجم له ابن عساكر في التاريخ (68/ 80) فقال: حكى عن عبد الله بن عمرو بن العاص وخرج معه من دمشق حين وجهه يزيد بن معاوية إلى ابن الزبير حكى عنه ابن أخيه يعلي بن عطاء ثم ذكر هذه القصة اهـ
(2)
ضعيف. أخرجه خليفة في التاريخ صـ (64) قال حدثنا أبو الحسن، عن بقية بن عبد الرحمن عن أبيه به وبقية بن عبد الرحمن لم أجد له ذكرًا ولا ترجمة إلا في رواية أبي الحسن المدائني عنه. والمدائني ضعيف.
منكم يزيدًا ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون صيلمًا بيني، وبينه" (1).
ولفظ البخاري عن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة). وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني لا أعلم غدرًا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال، وإني لا أعلم أحدًا منكم خلعه، ولا تابع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه (2).
قال ابن العربي: فانظروا معشر المسلمين إلى ما روى البخاري في الصحيح وإلى ما سبق ذكرنا له من رواية بعضهم أن عبد الله بن عمر لم يبايع، وأن معاوية كذب، وقال قد بايع، وتقدم إلى حرسه يأمره بضرب عنقه إن كذبه، وهو قد قال في رواية البخاري قد بايعناه على بيع الله ورسوله، وما بينهما من التعارض، وخذوا لأنفسكم بالأرجح في طلب السلامة والخلاص بين الصحابة والتابعين، فلا تكونوا ولم تشاهدوهم -وقد عصمكم الله من فتنتهم- ممن دخل بلسانه في دمائهم فيلغ فيها ولوغ الكلب بقية الدم على الأرض بعد رفع الفريسة بلحمها ولم يلحق الكلب منها إلا بقية دم سقط على الأرض (3).
(1) صحيح. أخرجه الإمام أحمد (2/ 48)، وابن الجعد (3040) من طريق إسماعيل بن علية، والبيهقي (8/ 159)
من طريق عفان كلاهما -عفان وإسماعيل- عن صخر بن جويرية عن نافع به. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وصيلمًا أي: قطيعة منكرة، والصيلم: الداهية. انظر: النهاية في غريب الأثر (3/ 93).
(2)
البخاري (6694) قال ابن حجر: وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه وأنه لا ينخلع بالفسق وقد وقع في نسخة شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن حمزة ابن عبد الله بن عمر عن أبيه في قصة الرجل الذي سأله عن قول الله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) الآية أن ابن عمر قال: ما وجدت في نفسي في شىء من أمر هذه الأمة ما وجدت في نفسي أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمر الله زاد يعقوب بن سفيان في تاريخه من وجه آخر عن الزهري قال حمزة: فقلنا له: ومن ترى الفئة؟ الباغية قال: ابن الزبير بغي على هؤلاء القوم يعني بني أمية فأخرجهم من ديارهم ونكث عهدهم. اهـ من فتح الباري (13/ 72).
(3)
العواصم من القواصم (231).
الرواية الثانية: عن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة، فقال: إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثًا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية"(1).
االرواية الثالثة: عن حميد بن عبد الرحمن قال: دخلنا على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استخلف يزيد بن معاوية فقال: أتقولون أن يزيد ليس بخير أمة محمد لا أفقه فيها فقهًا ولا أعظمها فيها شرفًا؟ قلنا: نعم قال: وأنا أقول ذلك.، ولكن والله لأن تجتمع أمة محمد أحب إلي من أن تفترق أرأيتم بابا لو دخل فيه أمة محمد وسعهم أكان يعجز عن رجل واحد لو دخل فيه؟ قلنا: لا قال: أرأيتم لو ان أمة محمد قال كل رجل منهم: لا أهريق دم أخي ولا آخذ ماله أكان هذا يسعهم؟ قلنا: نعم. قال: فذلك ما أقول لكم، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يأتيك من الحياء إلا خير". (2)
قال أبو بكر بن العربي: فهذه الأخبار الصحاح كلها تعطيك أن ابن عمر كان مسلِّمًا في إمرة يزيد، وأنه بايع، وعقد له، والتزم ما التزم الناس، ودخل فيما دخل فيه المسلمون، وحرم على نفسه ومن يليه بعد ذلك أن يخرج على هذا أو ينقضه.
وظهر لك أن قول من قال إن معاوية كذب في قوله: بايع ابن عمر، ولم يبايع وأن ابن عمر وأصحابه سئلوا فقالوا: لم نبايع فقد كذب، وقد صدق البخاري في روايته قول معاوية على المنبر أن ابن عمر قد بايع بإقرار ابن عمر بذلك، وتسليمه له، وتماديه عليه. فأي الفريقين أحق بالصدق إن كنتم تعلمون الفريق الذي فيه البخاري أم الذي فيه غيره، فخذوا لأنفسكم بالأحزم، والأصح، أو اسكتوا عن الكل، والله يتولى توفيقكم، وحفظكم والصاحب الذي كنى عنه حميد بن عبد
(1) أخرجه مسلم (1851).
(2)
إسناده صحيح. أخرجه خليفة بن خياط (53) من طريق عبد الرحمن قال: نا أبو عوانة عن داود بن عبد الله الأودي عن حميد بن عبد الرحمن به. وإسناده صحيح.
الرحمن هو ابن عمر، والله أعلم وإن كان غيره فقد أجمع رجلان عظيمان على هذه المقالة وهي تعضد ما أصَّلَّناه لكم من أن ولاية المفضول نافذة وإن كان هنالك من هو أفضل منه إذا عقدت له، ولما في حلها أو طلب الأفضل من استباحة ما لا يباح وتشتيت الكلمة، وتفريق أمر الأمة (1).
الرواية الرابعة: لما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع، وأصحابه إلى محمد بن الحنفية، فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيدًا يشرب الخمر ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب.
فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظبًا على الصلاة متحريًا للخير يسأل عن الفقه ملازمًا للسنة، قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعًا لك.
فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إلي الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا. قالوا: إنه عندنا لحق، وإن لم يكن رأيناه.
فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة، فقال:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (الزخرف: 86) ولست من أمركم في شيء. قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نوليك أمرنا.
قال: ما أستحل القتال على ما تريدونني عليه تابعًا، ولا متبوعًا.
قالوا: فقد قاتلت مع أبيك، قال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه، قالوا: فمر ابنيك أبا القاسم، والقاسم بالقتال معنا، قال: لو أمرتهما قاتلت.
قالوا: فقم معنا مقاما تحض الناس فيه على القتال، قال: سبحان الله! ! آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذا ما نصحت لله في عباده. قالوا: إذا نكرهك.
قال: إذا آمر الناس بتقوى الله، ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق، وخرج إلى مكة. (2)
(1) العواصم من القواصم (232).
(2)
مختصر تاريخ دمشق (1/ 3756) والبداية والنهاية لابن كثير (8/ 233).
الرواية الخامسة: قال أبو جعفر الباقر: لم يخرج أحد من آل أبي طالب ولا من بني عبد المطلب أيام الحرة، ولما قدم مسلم بن عقبة المدينة أكرمه وأدنى مجلسه، وأعطاه كتاب أمان. (1)
وقال ابن العربي: فإن قيل كان يزيد خمارًا قلنا: لا يحل إلا بشاهدين فمن شهد بذلك عليه بل شهد العدول بعدالته فروى يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد. قال الليث: توفي أمير المؤمنين يزيد في تاريخ كذا فسماه الليث أمير المؤمنين بعد ذهاب ملكهم، وانقراض دولتهم، ولولا كونه عنده كذلك ما قال إلا توفي يزيد (2).
وقال أبو طالب: سألت أبا عبد الله من قال: لعن الله يزيد بن معاوية، قال: لا أتكلم في هذا، قلت: ما تقول فإن الذي تكلم به رجل لا بأس به وأنا صائر إلى قولك فقال: أبو عبد الله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن المؤمن كقتله) وقال: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم)، وقد صار يزيد فيهم وقال:(من لعنته أو سببته فاجعلها له رحمة) فأرى الإمساك أحب لي (3).
وبهذا تعلم أن الصحابة الذين اعترضوا على استخلاف يزيد لم يصح اتهام أحد منهم له بشيء من ذلك وأمثل شيء فيه إسناده منقطع جاء فيه أن أول من أظهر ذلك: عبد الله بن أحمد أبي عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة القرشي المخزومي لأبيه أبي عمرو صحبة كان مع أبيه بالشام حين خرج في جيش عمر لافتتاحها فأصيب جماعة من أهل بيته في طاعون عمواس ونجا هو ثم قدم على معاوية ثم على يزيد بن معاوية ثم رجع إلى المدينة فخلعه، وخرج مع أهل الحرة، وهو أول من خلع يزيد بن معاوية يوم الحرة، وقتل يوم الحرة، وكان خبر ذلك، وفد على يزيد فأكرمه، وأحسن
(1) البداية والنهاية (8/ 233).
(2)
العواصم من القواصم (223).
(3)
السنة للخلال (846) وهو صحيح وقد تقدم.