الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حياة أبيه فهو لا يعلمه وهذا بعيد كل البعد عن سيرة المربين والمصلحين في أولادهم وإن كان بعد مماته فأي شيء يضره؟ .
قال ابن خلدون رحمه الله: ما حدث في يزيد من الفسق أيام خلافته -لو صح-.
فإياك أن تظن بمعاوية رضي الله عنه أنه علم ذلك من يزيد، فإنه أعدل من ذلك وأفضل، بل كان يعذله أيام حياته في سماع الغناء وينهاه عنه، وهو أقل من ذلك، وكانت مذاهبهم فيه مختلفة. ولا حدث في يزيد ما حدث من الفسق اختلف الصحابة حينئذ في شأنه. فمنهم من رأى الخروج عليه ونقض بيعته من أجل ذلك، كما فعل الحسين وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ومن اتبعهما في ذلك، ومنهم من أباه لما فيه من إثارة الفتنة وكثرة القتل مع العجز عن الوفاء به لأن شوكة يزيد يومئذ هي عصابة بني أمية وجمهور أهل الحل والعقد من قريش، وتستتبع عصبية مضر أجمع، وهي أعظم من كل شوكة، ولا تطاق مقاومتهم، فأقصروا عن يزيد بسبب ذلك، وأقاموا على الدعاء بهدايته والراحة منه، وهذا كان شأن جمهور المسلمين. والكل مجتهدون ولا ينكر على أحد من الفريقين، فمقاصدهم في البر وتحري الحق معروفة وفقنا الله للاقتداء بهم. (1)
الوجه التاسع: بطلان الروايات التي تقول: بأنه سكير يشرب الخمر
.
قال ابن كثير: وقد روي أن يزيد كان قد اشتهر بالمعازف وشرب الخمر والغنا والصيد، واتخاذ الغلمان، والقيان، والكلاب، والنطاح بين الكباش، والدباب، والقرود، وما من يوم إلا يصبح فيه مخمورًا، وكان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال ويسوق به، ويلبس القرد قلانس الذهب، وكذلك الغلمان، وكان يسابق بين الخيل، وكان إذا مات القرد حزن عليه.
وقيل: إن سبب موته أنه حمل قردة وجعل ينقزها فعضته. وذكروا عنه غير ذلك والله أعلم بصحة ذلك. وقال عبد الرحمن بن أبي مدعور: حدثني بعض أهل العلم قال: آخر ما
(1) المقدمة لابن خلدون الفصل الثلاثون في ولاية العهد بتصرف يسير.
تكلم به يزيد بن معاوية: اللهم لا تؤاخذني بما لم أحبه، ولم أرده، واحكم بيني وبين عبيد الله بن زياد. وكان نقش خاتمه آمنت بالله العظيم (1).
وأما الروايات التي تثبت ذلك فلا يصح منها شيء
الرواية الأولى: عن هشام بن الكلبي، عن أبيه وأبي مخنف وغيرهما قالوا: كان يزيد بن معاوية أول من أظهر شرب الشراب والاستهتار بالغناء والصيد واتخاذ القيان، والغلمان، والتفكه بما يضحك منه المترفون من القرود، والمعاقرة بالكلاب، والديكة ثم جرى على يده قتل الحسين، وقتل أهل الحرة، ورمي البيت، وإحراقه، وكان مع هذا صحيح العقدة فيما يرى، ماضي العزيمة لا يهم بشيءٍ إلا ركبه، قالوا: ووقع بين غلمان يزيد وغلمان عمرو بن سعيد الأشدق شر فأغضبه ذلك، وأمر بإحضار أولئك الغلمان، فلما أتي بهم قال: خلوا سبيلهم فإن القدرة تذهب الحفيظة (2).
الرواية الثانية: المدائني، والهيثم قالوا: كان ليزيد بن معاوية قرد يجعله بين يديه ويكنيه أبا قيس ويقول: هذا شيخ من بني إسرائيل أصاب خطيئة فمسخ، وكان يسقيه النبيذ، ويضحك مما يصنع، وكان يحمله على أتان وحشية، ويرسلها مع الخيل فيسبقها، فحمله عليها يومًا، وجعل يقول:
تمسك أبا قيسٍ بفضل عنانها
…
فليس عليها إن هلكت ضمان
فقد سبقت خيل الجماعة كلها
…
وخيل أمير المؤمنين أتان (3)
الرواية الثالثة: وذكر لي شيخ من أهل الشام أن سبب، وفاة يزيد أنه حمل قرده على الأتان، وهو سكران، ثم ركض خلفها، فاندقت عنقه أو انقطع في جوفه شيء. (4)
(1) البداية والنهاية (8/ 258).
(2)
موضوع. أخرجه البلاذري باب أمر يزيد بن معاوية فقال: حدثني العمري عن الهيثم بن عدي عن ابن عياش، وعوانة، وعن هشام ابن الكلبي عن أبيه، وأبي مخنف به مرسلا، وهذا كلام لو أسند عن هؤلاء ما قبلناه فكيف، وهو مرسل عنهم.
(3)
لا أصل له. أخرجه عنهما البلاذري بلا إسناد.
(4)
أخرجه البلاذري في الموضع السابق ولا إسناد له.