الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: رد الشبهات التي أثيرت في حق معاوية رضي الله عنه
-.
الشبهة الأولى: حول الأحاديث الواردة في ذم ولعن معاوية رضي الله عنه
-.
حيث وجدوا فيها تعارضًا مع ما ذكرناه سابقًا من فضلٍ له، ومع ما تقرر من عدالة الصحابة رضي الله عنهم حيث قالوا: كيف يكون ملعونًا مذمومًا بهذا الشكل، ويُنصَّب ملكًا عليهم؟ إنَّ في هذا دليلًا على تضييع الصحابة لهذا الجزء من الدين، وإذا ضيَّعوا هذا فلا يبعُد أن يكونو كتموا غيره، وفرَّطوا فيه.
والجواب إجمالًا: أن هذه الرويات موضوعةٌ لا يصح منها شيء، وبهذا جزم جماعةٌ من الحافظ، منهم: ابن القيم حيث قال: كل حديث في ذم معاوية فهو كذب. (1)
وأما تفصيلًا فسرد هذه الروايات يطول، ونحن نذكر منها ما اشتهر عند الطاعنين عليه رضي الله عنه منبهين بذلك على أن هذا باب لم يتكلم فيه النبي صلى الله عليه وسلم بشيءِ أصلًا بعد أن ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صح عنه عكس ذلك من الثناء على معاوية رضي الله عنه.
الحديث الأول: "إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه".
حيث قالوا: ما دام النبي صلى الله عليه وسلم قد قال ذلك القول في معاوية فلماذا صعد على المنبر؟ ولماذا استعمله عمر واستخلف بعد علي ووافق الصحابة على ذلك؟ أليس في هذا دليلٌ على أن الصحابة لم يلتزموا بكلام النبي صلى الله عليه وسلم؟ ثم إن فيه ما يكفي من التجريح لمعاوية رضي الله عنه.
والجواب عن هذا كله أن الحديث مصنوع موضوعٌ بكل طرقه كما هو مبين في الحاشية (2)
(1) النار المنيف (117).
(2)
موضوع. له طرق كلها باطلة. وهو يُروَى من حديث ابن مسعود، وأبى سعيد، والحسن مرسلًا.
فأما حديث ابن مسعود. فأخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 172)، وابن عدي 2/ 209، وابن عساكر 59/ 156، وابن الجوزي في الموضوعات (943). عن عباد بن يعقوب الرواجني، عن الحكم بن ظهير، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا رأيتم معاوية يخطب على منبرى هذا فاقتلوه". وهذا إسناد فيه رجلان متهمان بوضعه الأول: عباد بن يعقوب. قال ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 151): كان غاليًا في التشيع روى أحاديث أنكرت عليه في فضائل أهل البيت ومثالب غيرهم.
قال ابن حبان في المجروحين (2/ 171): كان رافضيًا داعية إلى الرفض، ومع ذلك يروي المناكير عن أقوام مشاهير فاستحق الترك. اهـ وقال ابن عدي (4/ 348): فيه غلو فيما فيه من التشيع وروى أحاديث أنكرت عليه في فضائل أهل البيت وفي مثالب غيرهم. اهـ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والثاني: الحكم بن ظهير. قال يحيى بن معين في رواية الدوري (1320): ليس بشيء. وقال مرة: كذاب. الكامل لابن عدي (2/ 208). وقال البخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم النسائي: متروك الحديث. وقال الترمذي: تركوه.
وقال ابن حبان المجروحين (1/ 250): وقال ابن حبان: كان يشتم الصحابة ويروي عن الثقات الأشياء الموضوعات، وهو الذي روى عن عاصم، عن ذر، عن عبد الله: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه اهـ
وقال ابن عدي الكامل (2/ 209): وعامة أحاديثه غير محفوظة.
وقال ابن حجر في التقريب (1445): متروك رمي بالرفض. وانظر تهذيب التهذيب (2/ 368).
وأما حديث أبى سعيد فرواه عنه أبو الوداك وأبو نضرة: فأما رواية أبي الوداك: فأخرجها ابن عدي في الكامل (7/ 83) ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (944) عن الوليد بن القاسم.
وأخرجها ابن عدي في الكامل (6/ 422) من طريق محمد بن بشر كلاهما (محمد بن بشر، والوليد) عن مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه. قال بشر فما فعلوا.
وهذا إسناد فيه مجالد بن سعيد. قال ابن مهدى وأحمد بن حنبل: ليس بشيء. وقال يحيى: لا يحتح بحديثه. وقال مرة: كذاب. اهـ من الكامل لابن عدي (6/ 620)، والموضوعات لابن الجوزي (2/ 151)، وتهذيب التهذيب (10/ 36 و 37) وأما وراية أبي نضرة: فأخرجها أبو أحمد بن عدى (5/ 200)، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (945) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا رأيتم معاوية على منبري فارجموه". وأخرجه ابن عدي (5/ 200): عن جعفر بن سليمان. والبلاذري في أنساب الأشراف (2/ 121) من طريق حماد بن سلمة كلاهما (جعفر بن سليمان، حماد بن سلمة) عن علي بن زيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا رأيتم معاوية على هذه الأعواد فاقتلوه، فقام إليه رجل من الأنصار وهو يخطب بالسيف، فقال أبو سعيد: ما تصنع؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا رأيتم معاوية يخطب على هذه الأعواد فاقتلوه. فقال له أبو سعيد: إنا قد سمعنا ما قد سمعت ولكنا نكره أن نسل السيف على عهد عمر حتى نستأمره، فكتبوا إلى عمر في ذلك فجاء موته قبل أن يأتي جوابه". وهذا الإسناد فيه علي بن زيد: ضعيف شيعي.
قال ابن سعد: وفيه ضعف ولا يحتج به، وقال أحمد ويحيى: ليس بشيء. وفي رواية عنهما ضعيف. وقال أبو حاتم، والعجلى: يتشيع، وقال ابن عدي: كان يغلو في التشيع. وقال يزيد بن زريع: رأيته ولم أحمل عنه لأنه كان رافضيا، وقال ابن حبان: وكان يهم في الأخبار ويخطئ في الآثار حتى كثر ذلك في أخباره وتبين فيها المناكير التي يرويها عن المشاهير فاستحق ترك الاحتجاج به. الطبقات الكبرى (7/ 252)، وتهذيب التهذيب (7/ 284)، والكامل لابن عدي (5/ 200)، والمجروحين لابن حبان (2/ 103)، وتاريخ ابن معين رواية الدارمي (472).
وأما حديث الحسن: فأخرجه نصر بن مزاحم في وقعة صفين (216) عن عمرو بن ثابت، عن إسماعيل، عن الحسن به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والبلاذري في أنساب الأشراف (2/ 121) قال: حدثنا يوسف بن موسى، وأبو موسى إسحاق الفروي قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد حدثنا إسماعيل والأعمش عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه"؛ فتركوا أمره فلم يفلحوا ولم ينجحوا.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (977)، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (947) من طريق سليمان بن حرب حدثنا حماد بن يزيد قال قيل لأيوب إن عمرو بن عبيد يروى عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه" فقال: كذب عمرو. وهذا الأثر مرسل عن الحسن، ومراسيل الحسن شديدة الضعف. قال أحمد بن حنبل: ليس في المرسلات شىء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح؛ فإنهما كانا يأخذان عن كل أحد اهـ تاريخ دمشق (40/ 402)، وتهذيب الكمال (20/ 83)، وجامع التحصيل (79).
ذكر شىء من كلام العلماء على هذا الحديث.
1 -
قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
2 -
قال ابن كثير رحمه الله: وهذا الحديث كذب بلا شك ولو كان صحيحًا لبادر الصحابة إلى فعل ذلك لأنهم كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم، وأرسله عمرو بن عبيد عن الحسن البصرى، قال أيوب: وهو كذب. اهـ من البداية والنهاية (8/ 133).
3 -
قال أبو جعفر العقيلي: لا يصح في هذا المتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء يثبت.
4 -
قال الألباني: موضوع (الضعيفة 4930). وأخرجه الخطيب (1/ 259) من طريق محمد بن إسحاق الفقيه: حدثني أبو النضر القازي قال: أخبرنا الحسن بن كثير قال: أخبرنا بكر بن أيمن القيسي -قال: أخبرنا عامر بن يحيى الصريمي قال: أخبرنا أبو الزبير عن جابر مرفوعًا بلفظ: إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقبلوه، فإنه أمين مأمون.
ثم قال: لم أكتب هذا الحديث إلا من هذا الوجه، ورجال إسناده -ما بين محمد بن إسحاق وأبي الزبير- كلهم مجهولون.
قلت -الألباني-: وابن إسحاق هذا: هو المعروف بـ (شاموخ)؛ قال فيه الخطيب: وحديثه كثير المناكير وفي ترجمته ساق هذا الحديث. وساق له قبله حديثًا آخر في فضل علي وفاطمة والحسن والحسين، واستنكره.
وقال الذهبي: هذا موضوع. وقال ابن عدي: هذا اللفظ -مع بطلانه- قد قرىء أيضًا بالباء الموحدة، ولا يصح أيضًا، وهو أقرب إلى العقل؛ فإن الأمة رأوه يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكروا ذلك عليه. ولا يجوز أن يقال: إن الصحابة ارتدت بعد نبيها صلى الله عليه وسلم خالفت أمره، نعوذ بالله من الخذلان والكذب على نبيه! ". اهـ بتصرف.
4 -
قال ابن تيمية: ما ذكره من أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن معاوية وأمر بقتله إذا رؤى على المنبر فهذا الحديث ليس في شىء من كتب الإسلام التي يرجع إليها في علم النقل وهو عند أهل المعرفة بالحديث كذب موضوع مختلق على النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يبين كذبه أن منبر النبي صلى الله عليه وسلم قد صعد عليه بعد معاوية من كان معاوية خيرًا منه باتفاق المسلمين فإن كان يجب قتل من صعد عليه لمجرد الصعود على المنبر وجب قتل هؤلاء كلهم ثم هذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام فإن مجرد صعود المنبر لا يبيح قتل مسلم وإن أمر بقتله لكونه تولى الأمر وهو لا يصلح. =
الحديث الثاني: عن الحكم بن عمير الثمالي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ذات يوم: كيف بك يا أبا بكرٍ إذا وليتَ؟ قال: لا يكون ذلك أبدًا. قال: وكيف بك يا عمر إذا وليتَ؟ قال: حجرًا لقد لقيتُ إذن شرًّا، قال: فكيف بك يا عثمان إذا وليتَ؟ قال: آكل، وأُطعِم، وأقسم، ولا أظلم.
قال: فكيف بك يا علي إذا وليت؟ قال: آكل القوت، وأحمي الحمرة، وأقسم الثمرة، وأخفي العورة، قال أما إنكم كلكم سيلي، وسيرى الله أعمالكم.
ثم قال: يا معاوية كيف بك إذا وليت حقبا تتخذ السيئة حسنة، والقبيح حسنا يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير أجلك يسير، وظلمك عظيم. (1)
الحديث الثالث: عن أبي برزة قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت غناء، فقال: انظروا ما هذا؟ فصعِدتُ فنظرت فإذا معاوية، وعمرو بن العاص يتغنيان، فجئتُ فأخبرتُ نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال:"اللَّهُمَّ أَرْكِسْهُمَا فِي الْفِتْنَةِ رَكْسًا، اللَّهُمَّ دَعِّهِمَا إِلَى النَّارِ دعًّا"(2).
= فيجب قتل كل من تولى الأمر بعد معاوية ممن معاوية أفضل منه وهذا خلاف ما تواترت به السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم من نهيه عن قتل ولاة الأمور وقتالهم كما تقدم بيانه.
ثم الأمة متفقة على خلاف هذا، فإنها لم تقتل كل من تولى أمرها ولا استحلت ذلك ثم هذا يوجب من الفساد والهرج ما هو أعظم من ولاية كل ظالم فكيف يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بشيء يكون فعله أعظم فسادًا من تركه اهـ من منهاج السنة (4/ 181).
(1)
موضوع. أخرجه ابن عساكر (59/ 125)، وابن الجوزي في الموضوعات (950) من طريق زيد بن الحباب أبي الحسين العكلي، عن العلاء بن جرير، حدثنا رجل من أهل الطائف قد أتى عليه ثمانون سنة، عن الحكم بن عمير الثمالي به. وهذا إسناد فيه العلاء بن جرير لم أجده، وكذا قال الألباني في الضعيفة (4640).
وقال ابن الجوزي: هذا حديث باطل بلا شك فيه. ثم هو عن رجل لم يسم، قال لنا شيخنا أبو الفضل بن ناصرٍ: فيه رجالٌ مجهولون، وإسناده غير صحيحٍ، ومتنه موضوعٌ كذبًا. وانظر اللآلئ المصنوعة (1/ 390).
(2)
موضوع. موضوعٌ بهذا اللفظ وضعيفٌ بدون ذكر معاوية وعمرو
أخرجه ابن حبان في الجروحين (3/ 101) ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (951) عن علي بن المنذر، عن ابن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبي برزة به.
وهذا إسنادٌ فيه سليمان بن عمرو بن الأحوص؛ قال ابن القطان: مجهول اهـ من تهذيب التهذيب (4/ 186) ويزيد بن أبي زياد: ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن وكان شيعيًا كما في التقريب (7717) وقال ابن فضيل: كان من أئمة الشيعة الكبار. وقال بن عدي: هو من شيعة الكوفة ومع ضعفه يكتب حديثه. وقال ابن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= المبارك: ارم به، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس حديثه بذاك، وقال مرة: ليس بالحافظ، وقال ابن معين: ليس بالقوي، وقال أبو يعلى الموصلي عن ابن معين: ضعيف، وضعفه النسائي، والدارقطني. قال بن سعد: كان ثقة في نفسه إلا أنه اختلط في آخر عمره فجاء بالعجائب اهـ من تهذيب التهذيب (11/ 288).
قلت: كونه يلقن مع كونه شيعيًا يبين أن هذا الحديث موضوعًا وإن لم يتعمد هو ذلك، ولا يلزم من كون الحديث موضوعًا أن يكون راويه ممن يتعمد الكذب، وهذا المعنى ظاهر في كلام ابن حبان رحمه الله حيث قال: وكان يزيد صدوقا إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير فكان يتلقن ما لقن فوقع المناكير في حديثه من تلقين غيره إياه وإجابته فيما ليس من حديثه لسوء حفظه فسماع من سمع منه قبل دخوله الكوفة في أول عمره سماع صحيح وسماع من سمع منه في آخر قدومه الكوفة بعد تغير حفظه وتلقنه ما يلقن سماع ليس بشىء اهـ من المجروحين (3/ 100).
والراوي عنه محمد بن فضيل بن غزوان قال ابن حجر: صدوق عارف رمي بالتشيع اهـ من التقريب (6227) والراوي عنه: علي بن المنذر، وهو صدوق يتشيع كما في التقريب (4803).
وفيه علةٌ أخرى وهي: أن ابن أبي شيبة أخرجه في المصنف (2/ 370) من طريق ابن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص قال: أخبرني أبو هلال، عن أبي برزة أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على رجلين فرفع يديه.
فأدخل فيه أبا هلال بين سليمان وبين أبي برزة ولم يسم الرجلين ولم يقل إنهما من الصحابة وهذا يدل على اضطراب يزيد في الحديث. وأخرجه ابن أبي شيبة (8/ 685) كذلك، ومن طريقه أبو يعلى في مسنده (7437)، وأخرجه أحمد في مسنده (4/ 421)، والبزار في مسند أبي برزة (4509) من طريق محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص قال: أخبرني رب هذا الدار أبو هلال -العكي- أنه سمع أبا برزة الأسلمي يحدث أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فسمعوا غناءً فاستشرفوا له، فقام رجل فاستمع، وذلك قبل أن تحرم الخمر، فأتاهم ثم رجع فقال: هذا فلان، وفلان، وهما يتغنيان، ويجيب أحدهما الآخر، وهو يقول:
لا يزال جوادي تلوح عظامه
…
زوى الحرب عنه أن يجن فيقبرا
فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: "اللهم أركسهما في الفتنة ركسا، اللهم دعهما إلى النار دعا" وإسناده ضعيفٌ كما تقدم وعى تقدير الصحة. فذلك قبل أن تحرم الخمر، وكان ذلك قبل أن يسلم عمرو، ومعاوية.
وفي رواية البزار أن ذلك كان يوم أحد وكان قائل الشعر يقوله في حمزة رضي الله عنه.
وقال البزار: وَأَبو هِلالٍ الْعَكِّيُّ فَرَجُلٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ.
وللحديث طريقٌ آخر: أخرجه الطبراني في الأوسط (7080) فقال: حدثنا محمد بن حفص بن بهمرد ثنا إسحاق بن الحارث الرازي ثنا عمرو بن عبد الغفار الفقيمي ثنا نصير بن أبي الأشعث وشريك وأبو بكر بن عياش عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن المطلب بن ربيعة به.
وقال الهيثمي في الجمع (8/ 224): وفيه جماعة لم أعرفهم.
ولم يذكر فيه عَمرًا ومعاوية رضي الله عنهما وهذا دليلٌ آخرُ على وضع اسمهما في الرواية الأولى.
وللحديث طريق ثالثٌ: عن ابن عباسٍ، وفيه التصريح باسم معاوية، وعمرو بن العاص. =