الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ياسر، ومحمد بن أبي بكر، وعمرو بن الحمق، وغيرهم. (1)
الخامس:
قال الإمام الذهبي في تاريخه دول الإسلام: كان قاتلوا عثمان يدًا واحدة في الشر، وكان حثالة من الناس قد ضووا إليهم، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين خذلوه كرهوا الفتنة فظنوا أن الأمر لا يبلغ قتله، فلما قتل ندموا على ما صنعوا في أمره، ولعمري لو قاموا أو قام بعضهم فحثا في وجوه أولئك التراب لانصرفوا خاسئين، لكن الفتن لها أسباب، نعوذ بالله منها ومن أسبابها. (2)
السادس:
قال الذهبي: الذين قتلوه أو ألبوا عليه نقلوه إلى عفو الله ورحمته، والذين خذلوه خذلوا وتنغص عيشهم، وكان اللك بعده في نائبه، معاوية وبنيه، ثم في وزيره مروان وثمانية من ذريته؛ استطالوا حياته وملوه مع فضله، فتملك عليهم من هو من بني عمه بضعًا وثمانين سنة، فالحكم لله العلي الكبير. (3)
أما الروايات التي تدين الصحابة في هذه القضية فكلها لا تصح؛ وهذا هو الوجه الثاني في الرد على هذه الشبهة
.
الوجه الثاني: الروايات التي استدل بها أصحاب الشبهات على أن عائشة وغيرها من الصحابة كان لهم يد في قتل عثمان رضي الله عنه وهي روايات مكذوبة وهذا بيانها:
أولًا: الروايات المنسوبة إلى عائشة رضي الله عنها:
1 -
عن عكرمة قال: قال ابن عباس: قال لي عثمان: رضي الله عنه إني قد استعملت خالد بن العاص بن هشام على مكة، وقد بلغ أهل مكة ما صنع الناس، فأنا خائف أن يمنعوه الموقف فيأبى فيقاتلهم في حرم الله عز وجل وأمنه وقومًا جاءوا من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم، فرأيت أن أوليك أمر الموسم وكتب معه إلى أهل الموسم بكتاب يسألهم أن يأخذوا له بالحق ممن حصره، فخرج ابن عباس فمر بعائشة في الصلصل، فقالت: يا ابن عباس، أنشدك الله فإنك قد أعطيت لسانًا إزعيلًا أن تخذل عن هذا الرجل، وأن تشكك
(1) البداية والنهاية (7/ 197).
(2)
سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي للعصامي (1/ 474).
(3)
البداية والنهاية (7/ 199).
فيه الناس، فقد بانت لهم بصائرهم، وأنهجت ورفعت لهم المنار، وتحلبوا من البلدان لأمر قد جم وقد رأيت طلحة بن عبيد الله قد اتخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح، فإن يل يسر بسيرة ابن عمه أبي بكر، رضي الله عنه قال: قلت يا أمه، لو حدث بالرجل حدث ما فزع الناس إلا إلى صاحبنا فقالت: إيهًا عنك إني لست أريد مكابرتك ولا مجادلتك. (1)
2 -
ما نسب إليها من كتابتها لأهل الأمصار ليقدموا إلى المدينة لينكروا على عثمان رضي الله عنه وهذا قد أنكرته عائشة أشد الإنكار، فعن مسروق، عن عائشة قالت: حين قتل عثمان: تركتموه كالثوب النقي من الدنس، ثم قربتموه تذبحوه كما يذبح الكبش، هلا كان هذا قبل هذا؟ فقال لها مسروق: هذا عملك، أنت كتبت إلى الناس تأمريهم بالخروج إليه، قال: فقالت عائشة: لا والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم بسوداءٍ في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا. قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كتب على لسانها. (2) وهي لا تعلم. (3)
وقال ابن عساكر عن حقيقة هذه الوشايات والنميمة التي كان يتناقلها أصحاب الفتنة: نا سليمان بن أحمد، بن عبد الوهاب بن الضحاك، بن إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان الناس يختلفون إلي في عتب عثمان، ولا أرى إلا أنها معاتبة، وأما الدم فأعوذ بالله من دمه، فوالله لوددت أني عشت في الدنيا برصاء سالخ وأني لم أذكر عثمان بكلمة قط، وأيم الله لأصبع
(1) موضوع. أخرجه الطبري في تاريخه (3/ 435). وإسناده تالف فيه الواقدي؛ وهو كذاب، انظر (تهذيب الكمال 1249)، وأيضا فيه ابن أبي سبرة وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى القرشي العامري المدني رُمي بالوضع (التقريب 4159).
(2)
الطبقات الكبرى لابن سعد (3/ 82)، وابن عساكر (39/ 487)، وخليفة في التاريخ (176)، وابن شبة في تاريخ المدينة (1225) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة، عن مسروق، وقال ابن كثير: وهذا إسناد صحيح إليها، ولا يضره عنعنة الأعمش، لأن له شواهد سبق ذكرها أثناء الحديث عن موقف عائشة من مقتل عثمان رضي الله عنه.
(3)
تاريخ دمشق (39/ 487).
عثمان التي يشير بها إلى الأرض خير من طلاع الأرض مثل فلان. (1)
3 -
فتوى عائشة بقتل عثمان: "اقتلوا نعثلًا فقد كفر"، "اقتلوا نعثلًا فقد كفر" أي: عثمان، لا يثبت عن عائشة رضي الله عنها. (2)
(1) موضوع. تاريخ دمشق (39/ 488)، وإسناده فيه عبد الوهاب بن الضحاك: متروك.
(2)
موضوع. أخرجه الطبري في تاريخه (3/ 477)، قال (كتب إلي علي بن أحمد بن الحسن العجلي) أن الحسين بن نصر العطار قال: حدثنا أبي نصر بن مزاحم العطار قال: حدثنا سيف بن عمر، عن محمد بن نويرة وطلحة بن الأعلم الحنفي قال: وحدثنا عمر بن سعد، عن أسد بن عبد الله، عمن أدرك من أهل العلم أن عائشة لما انتهت إلى سرف راجعة في طريقها إلى مكة لقيها عبد بن أم كلاب وهو عبد بن أبي سلمة ينسب إلى أمه فقالت له: مهيم، قال: قتلوا عثمان رضي الله عنه فمكثوا ثمانيًا قالت: ثم صنعوا ماذا؟ قال: أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز، اجتمعوا على علي بن أبي طالب، فقالت، والله، ليت أن هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك، ردوني ردوني، فانصرفت إلى مكة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلومًا، والله لأطلبن بدمه، فقال لها ابن أم كلاب: ولم! فوالله، إن أول من أمال حرفه لانت، ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر، قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأول، فقال لها ابن أم كلاب:
منك البداء ومنك الغير
…
ومنك الرياح ومنك الطر
وأنت أمرت بقتل الإمام
…
وقلت لنا أنه قد كفر
فهبنا أطعناك في قتله
…
وقاتله عندنا من أمر
ولم يسقط السقف من فوقنا
…
ولم ينكسف شمسنا والقمر
وقد بايع الناس ذا تدرإ
…
يزيل الشبا ويقيم الصعر
ويلبس للحرب أثوابها وما مَنْ
…
وَفَّى مثلُ مَنْ قد غدر
فانصرفت إلى مكة فنزلت على باب المسجد، فقصدت للحجر فسترت واجتمع إليها الناس، فقالت: يا أيها الناس، إن عثمان رضي الله عنه قتل مظلومًا ووالله لأطلبن بدمه.
وهذا إسناد فيه نصر بن مزاحم وسيف بن عمر التميمي، وكلاهما لا تحل الرواية عنه لاسيما في هذه العضلات.
فأما نصر بن مزاحم فرافضي جلد تركوه؛ مات سنة اثنتي عشرة ومائتين قال العقيلي: شيعي في حديثه اضطراب وخطأ كثير، وقال أبو خيثمة: كان كذابًا وقال أبو حاتم: واهي الحديث متروك، وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال العجلي: كان رافضيًا غاليًا؛ وكان على السوق إمام أبي السرايا؛ ليس بثقة ولا مأمون، وقال الخليلي: ضعفه الحفاظ جدًّا، وقال في موضع آخر: لين، وذكر له ابن عدي أحاديث، وقال هذه وغيرها من أحاديث غالبها غير محفوظ.
ميزان الاعتدال (4/ 253)، ولسان الميزان (3/ 70)، والوافي بالوفيات (7/ 331) للصفدي، فاجتمع فيه الغلو في الرفض، مع التهمة بالكذب، مع الترك لحديثه، مع المخالفة للثقات، فمن الذي يقبل رواية راو حاله هكذا؟ ! =