الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
وقد اختار معاوية دَغْفَل بن حنظلة السدوسي الشيباني (ت 65 هـ) مؤدبًا لولده يزيد، وكان دغفل علَّامة بأنساب العرب، وخاصة نسب قريش، وكذلك عارفًا بآداب اللغة العربية.
فعن عبد الله بن بريدة أن معاوية رضي الله عنه أرسل إلى دغفل فسأله عن العربية وعن أنساب الناس وسأله عن النجوم فإذا عالم فقال: يا دغفل، من أين حفظت هذا؟ فقال: حفظت هذا بلسان سؤول وقلب عقول، وإن آفة العلم النسيان قال: فاذهب بيزيد فعلِّمه العربية، وأنساب قريش والنجوم (1).
الوجه الثالث: أنه لم يفعل ذلك إلا بعد موت كبار الصحابة كالعشرة المبشرين بالجنة، والحسن بن علي رضي الله عنهم
-.
وهذا يبدو من خلال معرفة تاريخ ترشيح يزيد بن معاوية لولاية العهد.
ولقد اختلفت المصادر حول تاريخ ترشيح يزيد بن معاوية لولاية العهد على النحو التالي:
1 -
ذكر خليفة بن خياط (2)، والذهبي (3)، أنه كان في سنة 51 هـ.
2 -
ذكر ابن عبد ربه (4)، أن ذلك كان في سنة 55 هـ.
3 -
ذكر الطبري (5)، وابن الجوزي (6)، وابن الأثير (7)، وابن كثير (8)، أن ذلك كان في سنة 56 هـ هذا وبعد دراسة التواريخ السابقة يتضح عدم صحة ترشيح يزيد بن معاوية سنة 51 هـ للأسباب التالية:
(1) لا بأس به. أخرجه الطبراني (4/ 226) من طريق محمد بن عبد الله الحضرمي نا شيبان بن فروخ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني من طريق هدبة بن خالد (1674) كلاهما -هدبة وشيبان بن فروخ- عن أبي هلال الراسبي: ثنا عبد الله بن بريدة أن معاوية رضي الله عنه به. وإسناده فيه أبو هلال الراسبي، قال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو داود: ثقة، وضعفه آخرون (تهذيب التهذيب 9/ 173)، وانظر: مواقف المعارضة في خلافة يزيد ص (43).
(2)
تاريخ خليفة (1/ 159).
(3)
تاريخ الإسلام (عهد معاوية).
(4)
العقد الفريد (4/ 338) طلب معاوية البيعة ليزيد وفيه أنه أظهر ذلك سنة (53) وقام به في سنة (55).
(5)
تاريخ الطبري (3/ 247).
(6)
المنتظم أحداث سنة (56).
(7)
الكامل لابن الأثير أحداث سنة (56).
(8)
البداية والنهاية (8/ 809) أحداث سنة (56).
أ- أن وفاة الحسن بن علي رضي الله عنهم كانت في السنة نفسها أي في سنة 51 هـ واتخاذ قرار ترشيح يحتاج لوقت من طرف معاوية لكي يدرسه ويستشير فيه، كما أنه ليس من الحكمة إعلان قرار الترشيح بعد وفاة الحسن رضي الله عنه مباشرة.
قال ابن كثير: وقد كان معاوية لما صالح الحسن عهد للحسن بالأمر من بعده فلما مات الحسن قوى أمر يزيد عند معاوية ورأى أنه لذلك أهلًا، وذاك من شدة محبة الوالد لولده، ولما كان يتوسم فيه من النجابة الدنيوية، وسيما أولاد الملوك، ومعرفتهم بالحروب، وترتيب الملك، والقيام بأبهته، وكان ظن أن لا يقوم أحد من أبناء الصحابة في هذا المعنى، ولهذا قال ابن عمر فيما خاطبه به: إني خفت أن أذر الرعية من بعدى كالغنم المطيرة ليس لها راع، فقال له ابن عمر: إذا بايعه الناس كلهم بايعته ولو كان عبدًا مجدع الأطراف. (1)
ب- قتل حُجْر بن عدي رضي الله عنه في السنة نفسها، أي في سنة 51 هـ، لذا فإنه أيضًا ليس من الحكمة إعلان ترشيح يزيد بن معاوية في هذه السنة، لأن الأنفُس لم تكن مهيأة لمثل هذه القرارات الجريئة، التي يعتبر توقيت إعلانها على الناس من أهم عوامل نجاحها.
جـ- إن ترشيح يزيد بن معاوية لولاية العهد كان أثناء ولاية مروان بن الحكم على الحجاز، وهي بلا شك الفترة الثانية من ولاية مروان بن الحكم، والتي امتدت من سنة 54 هـ -57 هـ وذلك أن الفترة الأولى من ولاية مروان بن الحكم كانت من سنة 42 - 49 هـ. (2)
بعد ذلك يتبقى تاريخان لإعلان ترشيح يزيد بن معاوية لولاية العهد وهما 55 هـ وسنة 56 هـ وهذان التاريخان يكمل أحدهما الآخر كما سيتضح لاحقًا.
ولكن يرد في هذا المقام سؤال حول السبب الذي جعل معاوية رضي الله عنه يؤخر ترشيح ابنه يزيد وليًا للعهد على سنة 55 هـ أو سنة 56 هـ مع أن الحسن بن علي رضي الله عنه توفي سنة 51 هـ وجواب هذا
(1) البداية والنهاية (8/ 80).
(2)
فتح الباري (8/ 439)، نقلًا عن الدولة الأموية للصلابي (1/ 443).