الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا الزيادة في هذه الرواية التي تصل اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه بهذه القصة، وإسنادها ضعيف جدًّا، ولكن يشهد لكون اعتزاله صلى الله عليه وسلم لأزواجه كان بعد عدة أمور هذا منها.
شبهة حول اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه:
حيث تساءل البعض قائلين ما هو السبب الفعلي وراء اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه؟ هل هو قضية إفشاء السر كما في سور التحريم؟ أم أنه السبب المذكور في سورة الأحزاب؟ ثم عقب السائل على ذلك بقوله وتأتي إجابات المسلمين عن ذلك مشوشة.
والرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول:
لقد جاء الجواب عن سبب التخيير عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم صريحًا أن التخيير والهجر كان بسبب سؤال النبي صلى الله عليه وسلم النفقة والمال والمراجعة والتظاهر عليه صلى الله عليه وسلم وهذه هي الروايات بذلك.
الرواية الأولى: عن جابر بن عبد الله، قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد الناس جلوسًا ببابه، لم يؤذن لأحد منهم، قال: فأذن لأبي بكر، فدخل، ثم أقبل عمر، فاستأذن فأذن له، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا حوله نساؤه، واجمًا ساكتًا، قال: فقال: لأقولن شيئًا أضحك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، لو رأيت بنت خارجة، سألتني النفقة، فقمت إليها، فوجأت عنقها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"هن حولي كما ترى، يسألنني النفقة"، فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها، فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقول: تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده، فقلن: والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا أبدا ليس عنده، ثم اعتزلهن شهرًا -أو تسعًا وعشرين- ثم نزلت عليه هذه الآية:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} حتى بلغ {لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} ، قال: فبدأ بعائشة، فقال: "يا عائشة، إني أريد أن أعرض
= 2 - وإسحاق بن محمد قال أبو حاتم: كان صدوقا ولكن ذهب بصرء فربما لقن وكتبه صحيحة، وقال مرة: يضطرب، وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فوهاه جدًّا، وقال النسائي: متروك، وقال الدارقطني: ضعيف، وقد روى عنه البخاري، ويوبخونه في هذا، وقال الدارقطني: أيضا لا يترك، وقال الساجي: فيه لين، وقال العقيلي: جاء عن مالك بأحاديث كثيرة لا يتابع عليها، وقال الحاكم: عيب على محمد إخراج حديثه، وقد غمزوه.
3 -
وعبد الله بن عمر العمري ضعيف عابد من السابعة.
عليك أمرا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك"، قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية، قالت: أفيك يا رسول الله، أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله، والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت، قال: "لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله لم يبعثني معنتًا، ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا". (1)
قلت: فهذا صريح واضح في سبب الهجر والتخيير فأين التشويش في ذلك؟ !
الرواية الثانية: وكذلك صرح عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذكره للحديث الذي أخرجه مسلم رحمه الله عن ابن عباس قال: لم أزل حريصًا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (التحريم: 4)
…
(2)
وزاد البخاري بعد قول عمر: فقلت يا رسول الله استغفر لي.
فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة وكان قد قال ما أنا بداخل عليهن شهرًا من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله. (3)
قلت: ففي هذه الروايات عن عمر رضي الله عنه أن اعتزاله كان بسبب مراجعته في عدة أمور، ومنها تظاهر عائشة وحفصة عليه، وهذا واضح من السياق في حديث عمر وجابر، ويوضح ذلك ابن حجر توضيحًا أكثر حيث قال: قوله: (ثم استقبل عمر الحديث يسوقه) أي القصة التي كانت سبب نزول الآية المسئول عنها.
وقال أيضًا: قوله: (لا تستكثري النبي صلى الله عليه وسلم أي لا تطلبي منه الكثير) وفي رواية يزيد بن رومان (لا تكلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله ليس عنده دنانير ولا دراهم، فما كان لك من حاجة حتى دهنة فسليني) قوله: (ولا تراجعيه في شيء) أي لا ترادديه في الكلام ولا تردي عليه قوله: (ولا تهجريه) أي ولو هجرك.
(1) أخرجه مسلم (1478).
(2)
أخرجه مسلم (1479).
(3)
البخاري (2336).
ثم قال أيضًا: قوله فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه من أجل ذلك الحديث الذي أفشته حفصة إلى عائشة كذا في هذه الطريق لم يفسر الحديث المذكور الذي أفشته حفصة، وفيه أيضًا: وكان قال ما أنا بداخل عليهن شهرًا من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله وهذا أيضًا مبهم ولم أره مفسرًا.
والمراد بالمعاتبة قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ} ، وقد اختلف في الذي حرم على نفسه وعوتب على تحريمه كما اختلف في سبب حلفه على أن لا يدخل على نسائه على أقوال:
1 -
فالذي في الصحيحين أنه العسل.
2 -
وذكرت في التفسير قولًا آخر أنه في تحريم جاريته مارية.
وذكرت هناك كثيرا من طرقه، ووقع في رواية يزيد بن رومان عن عائشة عند ابن مردويه ما يجمع القولين وفيه أن حفصة أهديت لها عكة فيها عسل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها حبسته حتى تلعقه أو تسقيه منها، فقالت: عائشة لجارية عندها حبشية -يقال لها خضراء-: إذا دخل على حفصة فانظري ما يصنع فأخبرتها الجارية بشأن العسل، فأرسلت إلى صواحبها، فقالت: إذا دخل عليكن فقلن إنا نجد منك ريح مغافير، فقال:"هو عسل، والله لا أطعمه أبدًا"، فلما كان يوم حفصة استأذنته أن تأتي أباها فأذن لها فذهبت فأرسل إلى جاريته مارية فأدخلها بيت حفصة، قالت حفصة: فرجعت فوجدت الباب مغلقًا فخرج ووجهه يقطر وحفصة تبكي فعاتبته فقال: "أشهدك أنها علي حرام انظري، لا تخبري بهذا امرأة وهي عندك أمانة" فلما خرج قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة فقالت: ألا أبشرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم أمته فنزلت.
وجاء في سبب غضبه منهن وحلفه أن لا يدخل عليهن شهرًا قصة أخرى فأخرج بن سعد من طريق حارثة بن أبي الرجال قال: دخلت مع القاسم بن محمد على عمرة بنت عبد الرحمن فقال القاسم: يا أم محمد، في أي شيء هجر رسول الله نساءه، فقالت عمرة: أخبرتني عائشة أنه أهدي إلى رسول الله هدية في بيتها فأرسل إلى كل امرأة من نسائه