الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعلمهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومما لا شك فيه أن مثل هذا العدد الوفير قد ساعد كثيرًا على نقل مروياته وإبقائها حية ومتداولة بين أكبر عدد من الرواة والنقلة، حتى دونت مع غيرها من الروايات الحديثة الأخرى في كتب الحديث وأسفاره، بخلاف غيره من الصحابة الذين قلت الرواية عنهم، لتقدم وفياتهم عنه نسبيًا، أو لتحرج بعضهم عن الرواية، أو لغير ذلك مما أسلفنا من أسباب (1).
الوجه الثاني عشر: عدم انشغاله بالدنيا فقد كان فقيرًا من أهل الصُّفَّة
إن أبا هريرة كان رجلًا لا أَرَب له في الدنيا، وكان راضيًا بالشيء اليسير، ولم يكن له من الأهل والولد -آنذاك- ولا التجارة والزراعة ما يشغله، فكان همه ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم على ما يقيم به صلبه، فقد كان من أهل الصفة الذين يسكنون المسجد، ومع فقره فقد مدح الله سبحانه وتعالى فقراء المسلمين (أهل الصفة) ومنهم أبو هريرة، ولذا قال أبو هريرة: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُونَ: مَا بَالُ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لَا يحدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وإِنَّ إخوتي مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقٌ بِالأَسْوَاقِ، وَكُنْتُ ألزَمُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بطني، فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا، وَكَانَ يَشْغَلُ إِخْوَتِى مِنَ الأَنْصَارِ عَمَلُ أَمْوَالهِمْ، وَكُنْتُ امرأ مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ، أعي حِينَ يَنْسَوْنَ. (2)
الشبهة الرابعة: ادعاؤهم أن أبا هريرة كتم علمًا عن النبي صلى الله عليه وسلم
-
ويستندون على ذلك بما قاله أبو هريرة: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ: فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ (3).
والرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: بيان المراد بهذا الوعاء الذي كتمه أبو هريرة:
قال الذهبي: وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثا كثيرًا مما لا يحتاجه المسلم في دينه، وكان
(1) أبو هريرة للضاري (صـ 41)، الطعن في عدالة الصحابة لـ عماد الشربيني (5/ 27).
(2)
البخاري (2047)، مسلم (2492).
(3)
البخاري (120).