الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعلم مني، وأنا لم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما سمعته من الفضل بن العباس فلما دلس استشهد ميتًا.
والجواب عليه من هذه الوجوه أيضًا:
الوجه الأول: أبو هريرة لم ينفرد بإسناده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يسمعه منه
.
بل شاركه فيه صغار الصحابة ومن تأخر إسلامه فعائشة، وأنس، والبراء، وابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم؛ هؤلاء وأمثالهم أسندوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعوه من صحابته عنه، وذلك لما ثبت عندهم من عدالة الصحابي وصدقه، فلم يكونوا يجدون حرجًا ما في صنيعهم هذا. فقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم:"الرِّبَا في النَّسِيئَةِ"(1)، فلما روجع في ذلك رد الخبر إلى أسامة بن زيد. ولذا قال البراء بن عازب: ليس كلنا سمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لنا ضيعة وأشغال، ولكن الناس كانوا لا يكذبون يومئذ فيحدث الشاهد الغائب (2).
وكان مع هذا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وإنما سمعه من الثقة عنده فحكاه، وكذلك كان ابن عباس يفعل وغيره من الصحابة، وليس في هذا كذب بحمد الله ولا على قائله - إن لم يفهمه السامع - جناح إن شاء الله (3).
الوجه الثاني: هذا مرسل صحابي وهو حجة
.
وهذا ما يسمى عند العلماء بمرسل الصحابي، وقد أجمعوا على الاحتجاج به، وأن حكمه حكم المرفوع، ما عدا الأستاذ أبا إسحاق الإسفراييني إنه قال: يحتمل أن يكون الصحابي راويًا ذلك الحديث عن تابعي، وهو قول مردود، ويكفي إجماع أهل الحديث والأصول على خلافه.
قال النووي: -بعد أن ذكر الخلاف في حجية المرسل- هذا كله في غير مرسل الصحابي، أما مرسل الصحابي كإخباره عن شيء فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو نحوه- مما يعلم أنه لم يحضره لصغر سنه أو لتأخر إسلامه أو غير ذلك - فالمذهب الصحيح المشهور الذي قطع
(1) البخاري (2179)، مسلم (1596).
(2)
السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي (صـ 306).
(3)
تأويل مختلف الحديث (صـ 40).