الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو هريرة: وَكَانَ أَخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ في بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ التي لَيْسَ فِيهَا شيء، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا (1).
ثالثا - ما روي عنه في مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما
-.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسول الله صلى الله عليه وسلم في سُوقٍ مِنْ أَسوَاقِ المَدِينَةِ فَانْصَرَفَ فَانْصَرَفْتُ، فقَالَ:"أَيْنَ لُكَعُ -ثَلاثًا- ادْعُ الحسَنَ بْنَ عَليٍّ". فَقَامَ الحسَنُ بْنُ عَليٍّ يَمْشِي وَفِي عُنُقِهِ السِّخَابُ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم هَكَذَا، فَقَالَ الحْسَنُ بِيَدهِ هَكَذَا فَالْتَزَمَهُ فَقَالَ:"اللهمَّ إني أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ". قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: فَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الحسَنِ بْنِ عِليٍّ بَعْدَ مَا قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم (2).
ونكتفي بما ذكرناه مما رواه أبو هريرة من مناقبهم، عن باقي ما رواه أبو هريرة من مناقب آل البيت رضي الله عنهم، لدلالة ما أوردناه من مناقبهم على علاقة أبي هريرة الحميمة بهم، وحبه لهم، وحرصه على إبراز مناقبهم، وإظهار فضلهم رضوان الله عليهم، وهذا يدل على جهل كثير من المتقولين عليه بتلك العلاقة، وذلك الحب الصادق لهم. هذا ولم يثبت عن أحد من آل البيت الكرام ما يفيد الطعن بأبي هريرة، أو النيل منه، وإنما ثبت أن بعضهم قد روى عنه، وأن كثيرًا من ثقات أصحابهم والرواة عنهم، قد رووا عنه أيضًا بعلمهم ودون معارضة من أحد منهم، مما يدل على رضائهم عنه، وقبولهم لرواياته (3).
الوجه الثالث: هذه الأخبار مردودة على صاحبها
.
قال محمد عجاج الخطيب: هذه أخبار مختلفة استشهدوا بها ليدعموا زعمهم أن أبا هريرة كان عميلًا للأمويين، وضاعًا للحديث، إلا أن هذه الأخبار مردودة سندًا ومتنًا.
أولًا: أما من حيث السند: فإن ابن أبي الحديد صاحب شرح نهج البلاغة، نقل هذه الأخبار عن شيخه محمد بن عبد الله أبو جعفر الإسكافي وهو من أئمة المعتزلة المتشيعيين.
(1) البخاري (3708).
(2)
البخاري (5884)، مسلم (2421).
(3)
أبو هريرة للضاري 1/ 32.
والعداء مستحكم بين المعتزلة وأهل الحديث من أواخر القرن الأول الهجري وأصبح متوارثًا، وأترك التعريف بأبي جعفر وتزكيته لتلميذه ابن أبي الحديد فيقول: ذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي رحمه الله تعالى وكان من المتحققين بموالاة عليّ والبالغين في تفضيله وإن كان يقول بالتفضيل عامًا شائعًا في البغداديين من أصحابنا كافة إلا أن أبا جعفر أشدهم في ذلك قولًا، أخلصهم فيه اعتقادًا.
هذه شهادة تلميذ لأستاذه لا يرقى إليه الشك، ولا يعتريها الظن والتأويل، والأستاذ من أهل الأهواء، الداعي إلى هواه، بل من المتعصبين في ذلك، بشهادة أقرب الناس إليه وأعرفهم به، فإذا سبق لأمثاله أن كذّبوا الصحابة في الحديث بل في نقل القرآن فليس بعيدًا أن يكذبوا على أبي هريرة، ويفتروا عليه وعلى بعض الصحابة والتابعين. فروايته مردودة لسببين:
الأول: ضعف الإسكافي لعاملين: الأول لأنه معتزلي يناصب العداء لأهل الحديث.
والثاني، أنه شيعي محترق. فقد اجتمع هذان العاملان فيه، ويكفي أحدهما لرد روايته. وبعد هذا لا يعقل أن تقبل الجرح والتعديل أو الرواية من رجل مطعون في عدالته، مشكوك في روايته يعادي أهل السنة، فمن البداهة رفض روايته.
الثاني: لم تذكر هذه الروايات في مصدر موثوق بسند صحيح.
علمًا بأن الإسكافي لم يذكر لها سندًا فلن أقول أنها موضوعة، بل يكفي أنها ضعيفة لا يحتج بها.
ثالثًا: وأما من حيث المتن. فلم يثبت أن معاوية حمل أحدًا على الطعن في علي رضي الله عنه، ولم يثبت عن أحد من الصحابة أنه تطوع في ذلك، أو أخذ أجرًا مقابل وضع الحديث، والصحابة جميعًا أسمى من أن ينحطوا إلى هذا الحضيض، ومعاذ الله أن يفعل هذا إنسان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع زجره عن الكذب، وإن جميع ما جاءنا من هذه الأخبار الباطلة، إنما كان عن طريق أهل الأهواء المتعصبين لأهوائهم، فتجرأوا على الحق، ولم يقيموا للصحبة حرمتها، فتكلموا في خيار الصحابة واتهموا بعضهم بالضلال والفسق، وقذفوا بعضهم بالكفر، وافتروا على أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، وقد كشف أهل الحديث عن هؤلاء الكذبة، لذلك ناصبت أكثر