الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتوقف في امتثال أمره بإحضار أسباب الكتابة فكأنه قال: أتتوقف في ذلك! أتظن أنه بتغيره يقول الهذيان في مرضه! امتثِل أمره وأحضر ما طلبه فإنه لا يقول إلا الحق (1).
3 -
أو هجر بمعنى هجرًا ومنكرًا من القول عند رسول الله أي برفع الصوت.
وأما على رواية (أهجرًا) - وهي رواية أبي إسحاق المستملي في الصحيح في حديث ابن جبيرٍ عن ابن عباسٍ من رواية قتيبةَ- فقد يكون هذا راجعًا إلى المختلفين عنده صلى الله عليه وسلم ومخاطبة لهم من بعضهم أي: جئتم باختلافكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يديه هجرًا ومنكرًا من القول، والهجر بضم الهاء: الفحش في المنطق (2).
الوجه التاسع: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم كلام الصحابة بعدم الإنكار عليهم
.
قال البيهقي: وفي ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنكار عليه فيما قال دليلٌ واضحٌ على استصوابه رأيه. (3)
أما عن قولهم: حيف اختلفوا بعد أمره صلى الله عليه وسلم أن يأتوه بالكتاب
؟
والرد على ذلك من وجوه
الوجه الأول: لعلهم اعتقدوا أن ذلك صدر منه صلى الله عليه وسلم من غير قصدٍ جازمٍ لقرينة في المجلس
.
قال المازري: إن قيل: كيف جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع قوله صلى الله عليه وسلم: "ائتوني أكتب"، وكيف عصوه في أمره، فالجواب: أنه لا خلاف أن الأوامر تقارنها قرائن تنقلها من الندب إلى الوجوب عند من قال: أصلها للندب، ومن الوجوب إلى الندب عند من قال: أصلها للوجوب، وتنقل القرائن أيضًا صيغة افعل إلى الإباحة، وإلى التخيير، وإلى غير ذلك من ضروب المعاني؛ فلعله ظهر منه صلى الله عليه وسلم من القرائن ما دل على أنه لم يوجب عليهم، بل جعله إلى اختيارهم فاختلف اختيارهم بحسب اجتهادهم وهو دليل على رجوعهم إلى الاجتهاد في الشرعيات فأدَّى عمر رضي الله عنه اجتهاده إلى الامتناع من هذا ولعله اعتقد أن ذلك صدر منه صلى الله عليه وسلم من غير قصد جازم وهو المراد بقولهم: هجر، وبقول عمر:
(1) مرقاة الفاتيح شرح مشكاة المصابيح (17/ 254).
(2)
الشفا بتعريف حقوق المصطفي (2/ 193).
(3)
دلائل النبوة للبيهقي (8/ 273).