الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو 58 هـ، لكنه جزم خلال ترجمة سعيد بن العاص بأن وفاة أبي هريرة كانت سنة 58 هـ.
وخلافًا لخليفة، ومن قبله هشام بن عروة، ذكر ضمرة بن ربيعة أن أبا هريرة مات سنة 58 هـ، ووافقه الهيثم بن عدي، وأبو معشر يوسف بن يزيد شيخ شيوخ البخاري.
أما ابن إسحاق فيقول أنه مات سنة 59 هـ، ووافقه الواقدي، وأبو عبيد، وبقولهم قال إمام العراق محمد بن عبد الله بن نمير. وكان له يوم توفي 78 سنة فيما يقول الواقدي والهيثم بن عدي.
وكان موته رضي الله عنه بالعقيق- الوادي المجاور للمدينة- وحُمل إلى المدينة، فصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وكان أميرًا على المدينة لعمه معاوية، ومروان يومئذ معزول، وحمل ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه سريره حتى بلغوا البقيع حفظًا بما كان رأيه في عثمان، ونصره إياه يوم حصار الدار.
وكان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ومروان يمشيان أمام الجنازة، وكان ابن عمر أيضًا في جنازة أبي هريرة رضي الله عنه، وهو يمشي أمامها ويكثر الترحم عليه ويقول: كان ممن يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين. (1)
الوجه الثاني: بعض فضائل أبي هريرة رضي الله عنه
-.
أبو هريرة رضي الله عنه واحد من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ولذا فكل ما ثبت في فضل الصحابة، فهو ثابت لأبي هريرة رضي الله عنه، ولكن هذه بعض الفضائل الخاصة لأبي هريرة.
شهود النبي صلى الله عليه وسلم له بالخيرية: عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ممن أنت؟ " قال قلت: من دوس. قال: "ما كنت أرى أن في دوس أحدًا فيه خير". (2)
دعوة النبي صلى الله عليه وسلم له بالبركة: عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النبي صلى الله عليه وسلم بِتَمَرَاتٍ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، ادْعُ الله فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، فضَمَّهُنَّ ثُمَّ دَعَا لي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ فَقَالَ لي: "خُذْهُنَّ وَاجْعَلْهُنَّ في مِزْوَدِكَ هَذَا أَوْ في هَذَا المزْوَدِ، كلَّمَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَدْخِلْ فِيهِ يَدَكَ
(1) دفاع عن أبي هريرة لـ عبد المنعم صالح العلي صـ 167: 165.
(2)
صحيح. أخرجه الترمذي في سننه (3838) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا أبو خلدة، حدثنا أبو العالية، عن أبي هريرة رضي الله عنه به، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (3014).
فَخُذْهُ، وَلَا تَنْثُرْهُ نَثْرًا، فَقَدْ حَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ وَسْقٍ في سَبِيلِ الله" فكُنَّا نَأْكُلُ مِنْهُ وَنُطْعِمُ، وَكَانَ لَا يُفَارِقُ حَقْوِي حَتَّى كَانَ يَوْمُ قَتْلِ عُثْمَانَ فَإِنَّهُ انْقَطَعَ. (1)
دعوة النبي صلى الله عليه وسلم له بحبه للمؤمنين؛ وحب المؤمنين له: عَنْ أَبِي كَثِيرٍ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حدثني أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم اهد أم أبي هريرة" فخرجت مستبشرًا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما جئت فصرت إلى الباب، فإذا هو مجاف، فسمعت أمي خشف قدمي، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء، قال: فاغتسلت ولبست درعها، وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب، ثم قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا رسول الله، أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة، " فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرًا، قال: قلت: يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا، قال: فقال رسول الله: "اللهم حبب عبيدك هذا يعني أبا هريرة- وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين" فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني. (2)
قال ابن كثير: وهذا الحديث من دلائل النبوة؛ فإن أبا هريرة محبب إلى جميع الناس، وقد شهر الله ذكره بما قدره أن يكون من روايته من إيراد هذا الخبر عنه على رؤوس الناس في الجوامع المتعددة في سائر الأقاليم في الإنصات يوم الجمعة بين يدي الخطبة، والإمام على المنبر، وهذا من تقدير الله العزيز العليم، ومحبة الناس له رضي الله عنه. (3)
(1) حسن. أخرجه أحمد في المسند 2/ 352، والترمذي في السنن (3839)، وابن حبان في صحيحه (6532) من طرق عن المهاجر عن أَبِي العَاليةِ الرِّيَاحِيِّ عن أبي هريرة به، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (3015).
(2)
مسلم (2491).
(3)
البداية والنهاية 8/ 108.
شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالحرص على العلم: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ الله، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يسألني عَنْ هَذَا الحدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لمِا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بشفاعتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا الله خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ". (1) فقد تتابع الخير والفضل له فهو ينال أجر الصحبة المطلقة، ويكسب العدالة التي لحفت بهم جميعًا، وأثبتتها آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة الصحيحة، ومن يرفضها فإنما يرفض القرآن والحديث الصحيح وإجماع الصدر الأول من المسلمين، فهو ينال شرف دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لقبيلته دوس: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ الله عَلَيْهَا، فظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهِمْ، فَقَالَ:"اللهمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ". (2)
وينال ليمانيته شرف أهلها عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحكْمَةُ يَمانِيَةٌ". (3)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لنا في شأمنا، اللهم بارك لنا في يمننا" قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ قال:"اللهم بارك لنا في شأمنا، اللهم بارك لنا في يمننا" قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ فأظنه قال في الثالثة:"هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان". (4)
وينال أجر الهجرة، حيث أنه هاجر من بلده قبل الفتح فهكذا ينال الخير بعد الخير بملازمته وصحبته رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أعظم هذا الشرف الذي به يدخل ضمن آيات كثيرة أكرم الله تعالى صحابة نبيه.
هذه بعض فضائل أبي هريرة رضي الله عنه.
(1) البخاري (99).
(2)
البخاري (6379)، مسلم (2524).
(3)
البخاري (4388)، مسلم (52).
(4)
البخاري (7049).