الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رضي الله عنها-، وثبت كذلك كذب هذه الدعاوى الموجهة عليهم وذلك اعتمادًا على الروايات الصحيحة في هذه القضية، وإليك البيان بالتفصيل:
أولًا: الروايات الصحيحة في موقف عائشة رضي الله عنها
-:
حيث إن الروايات الصحيحة تُظهر أنها تألمت لمقتل عثمان ودعت على قاتليه ومنها ما يلي:
1 -
عن مسروق قال: (قالت عائشة: تركتموه كالثوب النقي من الدنس، ثم قربتموه تذبحونه كما يُذبح الكبش، قال مسروق: فقلت: هذا عملُكِ كتبتي إلى الناس تأمرينهم بالخروج عليه، فقالت عائشة: لا، والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم بسواد في بياض حتى جلست مجلسي هذا). قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كتب على لسانها. (1)
2 -
وعن أم حجاج العوفية قالت: كنت عند عائشة رضي الله عنها فدخل عليها الأشتر وعثمان رضي الله عنه محصور فقال: يا أم المؤمنين، ما تقولين في قتل هذا الرجل؟ قالت: -أي: أم الحجاج- فتكلمت امرأة بينة اللسان صَيَّنة فقالت: معاذ الله أن آمر بسفك دماء المسلمين وقتل إمامهم واستحلال حرمتهم، فقال الأشتر: كتبتن إلينا حتى إذا قامت الحرب على ساق انسللتن منها.
قال أبو وكيع: فسمعت الأعمش يزيد في هذا الحديث: أن عائشة رضي الله عنها
(1) صحيح. أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 82)، ومن طريقه البلاذري (2/ 299)، وابن عساكر (39/ 487) من طريق أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن خيثمة، عن مسروق به، وإسناده صحيح، والأعمش توبع أيضًا، تابعه يحيى بن آدم كما عند ابن شبة في تاريخ المدينة (1225) وجاء عنها نحو ذلك من روايات أخرى غير رواية مسروق تشهد لها؛ فروي عن عائشة بنت طلحة كما عند ابن شبة (4/ 1242) في تاريخ المدينة، وعن عون بن عبد الله بن عتبة أخرجها خليفة في التاريخ (131)، ومن طريقه ابن عساكر (39/ 487). وعن أبي خالد الوالبي أخرجها خليفة (131)، ومن طريقه ابن عساكر (39/ 486)، وعن أم الحجاج أخرجها ابن شبة (1224)، والبلاذري في أنساب الأشراف (2/ 298)، وعن عبد الله بن شقيق أخرجها ابن سعد في الطبقات (3/ 82)، ومن طريقه ابن عساكر (39/ 486)، وعن محمد بن سيرين، أخرجها ابن سعد (3/ 83: 82)، وعن عاصم بن أبي النجود أخرجها ابن شبة (4/ 1243)، وعن طلق بن حشَّان أخرجها ابن شبة (1244)، وعن موسى بن طلحة أخرجها ابن شبة (1243)، وهذه طرق يقوي بعضها بعضًا، وصححه ابن كثير في البداية والنهاية، وانظر: فتنة مقتل عثمان لمحمد بن عبد الله الغبان (1/ 387 - 392).
حلفت بيمين ما حلف بها أحد قبلها ولا بعدها، قالت: والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم سوداء في بيضاء حتى قعدت مقعدي هذا. (1)
3 -
وعن طلق بن حُشَّان قال: (قلت لعائشة: فيم قتل أمير المؤمنين عثمان؟ قالت: قتل مظلومًا، لعن الله قتلته). (2)
4 -
وعن محمد بن الحنفية قال بلغ عليًّا: أن عائشة تلعن قتلة عثمان في المربد، قال: فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه فقال وأنا ألعن قتلة عثمان، لعنهم الله في السهل والجبل، قال مرتين أو ثلاثًا. (3)
(1) أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة المنورة (4/ 1224)، والبلاذري في أنساب الأشراف (2/ 298) وإسناده ضعيف، فيه أم الحجاج العوفية لم أجد من ترجم لها؛ لكن يشهد لحلف عائشة الحديث السابق عن مسروق، وانظر فتنة مقتل عثمان للغبان (443)، وأما ما أخرجه ابن عساكر من أن الناس كانوا يشتكون إليها من عثمان فكانت تقول لهم:(ما لا تظن أنه يبلغ بهم قتله) فهو ضعيف جدًّا، ولا يصح عنها، وها هي الرواية بذالك عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عائشة قالت:"كان الناس يختلفون إليّ في عتب عثمان ولا أرى إلا أنها معاتبة، وأما الدم فأعوذ بالله من دمه، فوالله لوددت أني عشت في الدنيا برصاء سالخ وأني لم أذكر عثمان بكلمة قط، وأيم الله لأصبع عثمان التي يشير بها إلى الأرض خير من طلاع الأرض مثل فلان"، أخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق 39/ 488) وإسناده ضعيف جدًّا، لأن فيه عبد الوهاب بن الضحاك متروك الحديث؛ قال البخاري: عنده عجائب، وقال أبو داود: كان يضع الحديث، قد رأيته، وقال النسائي: ليس بثقة؛ متروك، وقال أبو جعفر العقيلي، وأبو الحسن الدارقطني، وأبو بكر البيهقي: متروك، وقال صالح بن محمد الحافظ: منكر الحديث؛ عامة حديثه كذب، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمع منه أبي بسلمية؛ وترك حديثه والرواية عنه، وقال: كان يكذب، سمعت أبي يقول: سألت أبا اليمان عنه، فقال: لا يكتب عنه هذا قاص. انظر: تهذيب الكمال (18/ 495)، وتقريب التهذيب (4257).
(2)
حسن. أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 358)، وفي الصغير (1/ 95)، وابن شبة في تاريخ المدينة (1244)، والبلاذري في أنساب الأشراف (2/ 98)، وابن أبي الدنيا في (مجابو الدعوة 54)، ومن طريقهما أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (39/ 488)؛ كلهم من طريق حزم القطعي عن أبي الأسود بن سوادة عن طلق بن حبيب به، وهذا إسناد حسن لأن حزمًا القطعي: صدوق يهم (التقريب 1190)، والأسود بن سوادة هو مسلم بن مخراق صدوق (التقريب 6644) وبقية رجاله ثقات.
(3)
صحيح. أخرجه أحمد في فضائل الصحابة (2/ 261 (706))، ونعيم في الفتن (1/ 171 (488)، وسعيد بن منصور (2/ 336)(2943) كلهم من طريق أبي مالك الأشجعي عن سالم بن أبي الجعد به، وأبو مالك الأشجعي هو سعد بن طارق ثقة من الرابعة (التقريب 2240).
5 -
وعن عائشة أنها كانت تقول -أي: في مقتل عثمان- (ليتني كنت نسيًا منسيًا، فأما الذي كان من شأن عثمان فوالله ما أحببت أن ينتهك من عثمان أمر قط إلا انتهك مني مثله حتى لو أحببت قتله قُتلت. .). (1)
6 -
وهذه عائشة تروي فضائل عثمان -رضي الله عن الجميع- ومن ذلك ما يلي:
أ- عن عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُضْطَجِعًا في بيتي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَو سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُو عَلَى تِلْكَ الحْالِ فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُو كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَسَوَّى ثِيَابَهُ. قَالَ مُحَمَّد: وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ - فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ وتُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ وتُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ، فَقَالَ:"أَلَا استحى مِنْ رَجُلٍ تستحي مِنْهُ الْملائِكَةُ". (2)
ب- عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النبي صلى الله عليه وسلم وَعُثْمَانَ حَدَّثَاهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُو مُضْطَجِع عَلَى فِرَاشِهِ لابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ فَأَذِنَ لأَبِي بَكْرٍ وَهُو كَذَلِكَ فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُو عَلَى تِلْكَ الحَالِ فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ، قَالَ عُثمانُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، وَقَالَ
(1) صحيح. أخرجه أحمد في فضائل الصحابة 1/ 462 (750)، والبخاري في خلق أفعال العباد (1/ 64) من طريق ليث بن سعد: ثني عقيل بن خالد، وابن أبي الدنيا في المتمنين (196/ 61) من طريق يونس بن يزيد، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 201 (3102)) من طريق أبي اليمان، ثلاثتهم عن شعيب، عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة .. وذكره، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وهذا لفظ أحمد: عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: يا ليتني كنت نسيًا منسيًا، فأما الذي كان من شأن عثمان فوالله ما أحببت أن ينتهك من عثمان أمر قط إلا انتهك مني مثله، حتى لو أحببت قتله قتلت، يا عبيد الله بن عدي، لا يغرنك أحد بعد الذي تعلم، فوالله ما احتقرت أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نجم النفر الذين طعنوا في عثمان، فقالوا قولًا لا يُحسن مثله، وقرؤوا قراءًة لا يُحسن مثلها، وصلوا صلًاة لا يُصلى مثلها، فلما تدبرت الصنيع إذن والله ما تقاربوا أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والؤمنون، ولا يستخفنك أحد. اهـ.
(2)
مسلم (2401).
لِعَائِشَةَ: "اجمعي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ"، فَقَضَيْتُ إِلَيْهِ حاجتي ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَقَالَتْ عَائِشَة: يَا رَسُولَ الله، مَا لي لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما كما فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ عُثْمانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وإني خَشِيتُ إِنْ أَذِنْتُ له عَلَى تِلْكَ الْحالِ أَنْ لَا يَبْلُغَ إِليَّ فِي حَاجَتِهِ". (1)
ج- عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَا عُثْمانُ، إِنْ وَلَّاكَ الله هَذَا الأَمْرَ يَوْمًا فَأَرَادَكَ المنافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الذي قَمَّصَكَ الله فَلا تَخْلَعْهُ"؛ يَقُولُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ النُّعْمَانُ: فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا مَنَعَكِ أَنْ تعلمي الناس بِهَذَا؟ قَالَتْ: أُنْسِيتُهُ وَالله. (2)
د- عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في مَرَضِهِ: "وَدِدْتُ أَنَّ عندي بَعْضَ أصحابي"، قُلْنَا: يَا رَسولَ الله، أَلَا نَدْعُو لَكَ أَبَا بَكْرٍ فَسَكَتَ، قُلْنَا: أَلَا نَدْعُو لَكَ عُمَرَ فَسَكَتَ، قُلْنَا: أَلَا نَدْعُو لَكَ عُثْمَانَ قَالَ: "نَعَمْ"، فَجَاءَ عُثْمَانُ فَخَلا بِهِ، فَجَعَلَ النبي صلى الله عليه وسلم يُكَلِّمُهُ وَوَجْهُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ. قَالَ قَيْسٌ: فَحَدَّثَنِي أَبُو سَهْلَةَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ يَوْمَ الدَّار: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا وَأَنَا صَائِر إِلَيْهِ، وَقَالَ عَليّ فِي حَدِيثهِ وَأَنَا صَابِر عَلَيْهِ، قَالَ قَيْسٌ: فَكَانُوا يُرَوْنَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ. (3)
هـ- عن عائشة: كان عثمان أحصنهم فرجًا وأوصلهم رحمًا.
روى أحمد من طريق عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة قال: قالوا: يا أم
(1) مسلم (2402).
(2)
ابن ماجه (112) وهو حسن، وقد صححه الألباني في صحيح ابن ماجه (90)، وانظر: الذي بعده.
(3)
صحيح. أخرجه أحمد (6/ 214)، ومن طريقه الخلال في السنة (419)، وابن ماجه (1/ 42)، وابن حبان (6918) من طريق وكيع، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة، وهذا إسناد صححه الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجه، وله طرق أخرى منها ما أخرجه أحمد (6/ 51) ومن طريقه ابن عساكر (39/ 285)، وأبو يعلى، (4805)، وابن شبة في تاريخ المدينة (3/ 107)، والبلاذري في أنساب الأشراف (2/ 256) من طريق يحيى بن سعيد عن إسماعيل، عن قيس، عن أبي سهلة، عن عائشة به.
وابن راهويه في مسنده (1776، 1807) من طريق أبي معاوية عن إسماعيل به، وأخرجه أبو يعلى (7045) من طريق أبي معشر عن إبراهيم بن عمر بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر، عن عائشة وحفصة به، وأخرجه الخلال في السنة (418) من طريق معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن قيس، عن النعمان بن بشير، عن عائشة به، وإسناده حسن؛ لأن فيه معاوية بن صالح وحديثه حسن.