الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأسقيتهم فيه، فأخرج لنا سهل ذلك القدح فشربنا منه، قال: ثم استوهبه عمر بن عبد العزيز بعد ذلك فوهبه له. (1)
وعن أبي أسيد رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى انطلقنا إلى حائط يقال: له الشوط، حتى انتهينا إلى حائطين، فجلسنا بينهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اجلسوا ها هنا" ودخل، وقد أتي بالجونية، فأنزلت في بيت في نخل في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل، ومعها دايتها حاضنة لها، فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قال:"هبي نفسك لي" قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة؟ قال: فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال:"قد عذت بمعاذ" ثم خرج علينا فقال: "يا أبا أسيد، اكسها رازقيتين، وألحقها بأهلها". (2)
قال ابن حزم: فهذه كلها أخبار عن قصة واحدة في امرأة واحدة في مقام واحد. (3)
فهذا ما صح وأما الزيادة المنسوبة إلى عائشة وإلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم فهذا تخريجها.
الوجه الثاني: الروايات والزيادات الضعيفة
.
الرواية الأولى: عن ابن عباس قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان وكانت من أجمل أهل زمانها وأشبه، قال: فلما جعل رسول الله يتزوج الغرائب، قالت عائشة: قد وضع يده في الغرائب يوشكن أن يصرفن وجهه عنا، وكان خطبها حين وفدت كندة عليه إلى أبيها، فلما رآها نساء النبي صلى الله عليه وسلم حسدنها فقلن لها: إن أردت أن تحظي عنده فتعوذي بالله منه إذا دخل عليك، فلما دخل وألقى الستر مد يده إليها فقالت: أعوذ بالله منك، فقال:"أمن عائذ الله الحقي بأهلك". (4)
(1) صحيح البخاري (5314).
(2)
البخاري (4956).
(3)
المحلى لابن حزم (10/ 187).
(4)
موضوع. أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 145)؛ من طريق محمد بن عمر: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس به، وهذا إسناد فيه الواقدي، وهو متروك متهم بالكذب، عن شيخه هشام بن محمد بن السائب الكلبي؛ وهو رافضي خبيث متروك الرواية. لسان الميزان (700)، والمجروحين لابن حبان (3/ 91)، وتذكرة الحفاظ (1/ 343) والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (3/ 176). وأبوه محمد بن السائب رافضي متروك الرواية متهم بالكذب. التاريخ الصغير (2/ 51)، وقال =
والجواب عن هذه الرواية أنها موضوعة.
الرواية الثانية: عن حمزة بن أبي أسيد الساعدي، عن أبيه وكان بدريًا؛ قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان الجونية فأرسلني فجئت بها، فقالت حفصة لعائشة: أخضبيها أنت وأنا أمشطها ففعلتا ثم قالت لها إحداهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول أعوذ بالله منك، فلما دخلت عليه وأغلق الباب وأرخى الستر، مد يده إليها فقالت: أعوذ بالله منك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بكمه على وجهه فاستتر به وقال:"عذت بمعاذ" ثلاث مرات. قال أبو أسيد: ثم خرج إلي فقال: "يا أبا أسيد ألحقها بأهلها ومتعها برازقيين"(1) يعني: كرباستين (2)، فكانت تقول: دعوني الشقية. (3)
= ابن حبان: وكان الكلبي سبئيًا من أصحاب عبد الله بن سبأ من أولئك الذين يقولون إن عليًّا لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة فيملؤها عدلًا كما ملئت جورًا، وإن رأوا سحابة قالوا أمير المؤمنين فيها؛ من المجروحين (2/ 253)، وانظر التقريب (5901)، وقال أبو حاتم: الناس مجمعون على ترك حديثه هو ذاهب الحديث لا يشتغل به؛ التهذيب (9/ 157).
وشيخه أبو صالح: لم يسمع من ابن عباس، وقال البخاري: قال لي محمد بن بشار ترك ابن مهدي حديث أبي صالح، وقال لي محمد، عن حكم بن بشير، عن عمرو بن قيس الملائي؛ قال: كان مجاهد ينهى عن تفسير أبي صالح، وقال ابن حبان: تركه يحيى القطان وابن مهدي؛ التاريخ الكبير (2/ 144)، الجرح والتعديل (2/ 431)، المجروحين لابن حبان (1/ 185).
(1)
قال: اكْسُها رازِقِيَّيْنِ وفي رواية رازقيّتَين هي ثياب كتان بيض؛ لسان العرب (رزق).
(2)
الكِرْباسُ: بالكسر: ثَوْبٌ من القُطْن الأَبْيَض، وكذا الكِرْبَاسةُ مُعَرَّبٌ فارسيَّتُه كَرْبَاسُ بالفَتْح؛ لسان العرب (ك ر ب س).
(3)
أخرجه ابن سعد في الطبقات (8/ 145)، الحاكم (4/ 39) كلاهما من طريق محمد بن عمر الواقدي: أخبرنا هشام بن محمد حدثني ابن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد الساعدي، عن أبيه وكان بدريًا؛ قال: تزوج رسول الله أسماء بنت الجونية، ثم ذكر الحديث.
وقال الذهبي في التلخيص: سنده واهٍ اهـ.، وهذا السياق تفرد به الواقدي، عن هشام بن محمد، عن عبد الرحمن بن الغسيل كما أخرجه ابن سعد (8/ 145) والحاكم في المستدرك (4/ 39)، والواقدي، وهشام بن محمد كان متروك الرواية، ومع هذا فقد خالفه جماعة من الثقات فرووه من غير هذه الزيادة المنسوبة إلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو نعيم رواه عنه البخاري (4956)، وبهذا نعرف أن هذه الزيادة من الكذب البين. والحمد لله.
والجواب أن هذه الزيادة المنسوبة إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم تفرد بها الواقدي عن شيخه هشام بن محمد بن السائب الكلبي، ولم ترد إلا من طريقه، وهو متروك الرواية متهم بالكذب وشيخه رافضي جلد متروك الرواية كما سبق. قال ابن الصلاح في مشكله هذا الحديث أصله في البخاري من حديث أبي أسيد الساعدي دون ما فيه إن نساءه علمنها ذلك، قال: وهذه الزيادة باطلة.
وقال ابن حجر: وفي رواية للواقدي أيضًا منقطعة أنه دخل عليها داخلٌ من النساء وكانت من أجمل النساء، فقالت: إنك من الملوك؛ فإن كنت تريدين أن تحظي عنده فاستعيذي منه. . . . الحديث. وأصل حديث أبي أسيد عند البخاري كما قال ابن الصلاح وعند مسلم من حديث سهل بن سعد نحوه وسماها أميمة بنت النعمان بن شراحيل، وفي ظاهر سياقه مخالفة لسياق أبي أسيد ويمكن الجمع بينهما وهو أولى من دعوى التعدد في الجونية. وللشيخين أيضًا من حديث عائشة أن ابنة الجون لما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا منها قالت: أعوذ بالله منك، وسماها ابن ماجه من هذا الوجه عمرة، ورجح ابن منده أميمة، وقيل: اسمها العالية، وقيل: فاطمة. ووقع نحو هذه القصة في النسائي؛ وقال إنها من كلب والحق أنها غيرها؛ لأن الجونية كندية بلا خلاف، وأما الكلبية فهي سناء بنت سفيان بن عوف بن كعب بن عبيد بن أبي بكر بن كلاب؛ حكاه الحاكم وغيره. (1)
الرواية الثالثة: عن عباس بن سهل قال: سمعت أبا أسيد الساعدي يقول: لما طلعت بها على الصرم تصايحوا وقالوا: إنك لغير مباركة ما دهاك؟ فقالت: خدعت فقيل لي: كيت وكيت للذي قيل لها، فقال أهلها: لقد جعلتنا في العرب شهرة، فبادرت أبا أسيد الساعدي فقالت: قد كان ما كان فالذي أصنع ما هو؟ فقال: أقيمي في بيتك واحتجبي إلا من ذي محرم ولا يطمع فيك طامع بعد رسول الله فإنك من أمهات المؤمنين، فأقامت لا يطمع فيها طامع
(1) تلخيص الحبير (3/ 132).
ولا ترى إلا لذي محرم حتى توفيت في خلافة عثمان بن عفان عند أهلها بنجد. (1)
والجواب أن هذا لا يصح لأنه من رواية الواقدي.
الرواية الرابعة: عن زهير بن معاوية الجعفي أنها ماتت كمدًا (2)، وهذا لا يصح؛ لأنه من رواية الواقدي، عن شيخه هشام بن محمد، ثم هو معضل فزهير ابن معاوية ثقة روى له الجماعة لكنه من السابعة وكان مولده سنة مائة. (3)
الرواية الخامسة: عن ابن عباس قال: خلف على أسماء بنت النعمان المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة فأراد عمر أن يعاقبهما فقالت: والله ما ضرب علي الحجاب ولا سميت أم المؤمنين. فكف عنها. (4)
والجواب أن ابن سعد أخرج ذلك لكن من طريق الواقدي عن هشام بن محمد بن السائب ثم قال بعده: وليس يثبت.
وبهذا نعلم أن عائشة رضي الله عنها وسائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم براء مما نسب إليهم بشأن هذه المرأة لبطلان هذه الزيادات، وما بُني على باطل، فهو كأصله والخلاف، في اسم هذه المرأة طويل، وليس يصح في أي طريق أن عائشة قالت لها مثل هذا القول الذي خدعت به، وهو من كذب الرافضة أعداء عائشة رضي الله عنها.
* * *
(1) ضعيف جدًّا. أخرجه ابن سعد (8/ 146)، من طريق محمد بن عمر، حدثني سليمان بن الحارث، عن عباس بن سهل، قال: سمعت أبا أسيد الساعدي به. وهذا إسناد ضعيف جدًّا. وفيه الواقدي وهو متروك.
(2)
ضعيف جدًّا. أخرجه بن سعد في الطبقات الكبرى 8/ 146 من طريق الواقدي، أخبرنا هشام بن محمد بن السائب، حدثني زهير بن معاوية الجعفي به وهو ضعيف جدًّا وفيه الواقدي.
(3)
التقريب ت (2051).
(4)
موضوع. أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 147) من طريق هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس به، وقد سبق بيان هذا الإسناد.