الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - شبهة: أخلاق عائشة رضي الله عنها وعثمان بن عفان رضي الله عنه
-.
نص الشبهة:
هذه الشبهة خاصة بأخلاق عائشة رضي الله عنها مع عثمان رضي الله عنه، وخلاصتها أن عائشة طعنت على عثمان وشغبت عليه في النصف الأول والثاني من خلافته.
أولا: ذكر حديث في مناقب عثمان ترويه عائشة رضي الله عنها وأثيرت عليه شبهتان:
عن سعيد بن العاص أن عائشة- زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وعثمان حدثا: أن أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه لابس مرط (1) عائشة، فأذن لأبي بكر وهو كذلك فقضى إليه حاجته ثم انصرف، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال فقضى إليه حاجته ثم انصرف، قال عثمان: ثم استأذنت عليه فجلس، وقال لعائشة: اجمعي عليك ثيابك فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت، فقالت عائشة: يا رسول الله، ما لي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما فزعت لعثمان رضي الله عنه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عثمان رجل حييّ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلي حاجته. (2)
الشبهةـ الأولى: كيف كان حال عائشة، وهي مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرط واحد، ثم دخل عمر مع أنها كانت تستتر منه بعد موته؟
الشبهة الثانية: هناك روايات كثيرة تدل على أن عثمان كان سليط اللسان مثل قوله لعمار: (يا عاضّ إير أبيه)، وقوله له:(يا ابن المَتْكاءِ. (3) والمَتْكاءُ: هي البظراء، المفضاة، التي لا تمسك البول.
فهل يعقل أن مثل هذا حييّ حتى إن الملائكة ذاتها لتستحي منه؟ !
والجواب عن ذلك من وجوه:
الوجه الأول: شرح الحديث وبيان أقوال العلماء فيه:
(1)(المرط) بكسر أوله كساء من خز أو صوف أو غيره، وعن النضر بن شميل ما يقتضي أنه خاص بلبس النساء.
(2)
رواه مسلم (2402)، وأحمد (1/ 71) و (6/ 155) من طريق حجاج عن الليث به.
(3)
المرأة المَتْكاءُ: البظراء، ولذلك قيل في السَّبِّ: يا ابن المَتْكَاءِ، أي: عظيمة ذلك. القتبي: المَتْكاء: التي لا تحبس بولها، وقيل: هي التي لم تُخفضْ؛ تهذيب اللغة للأزهري (10/ 157).
1 -
ما هو المرط؟ المرط بكسر الميم وسكون الراء كساء من صوف أو خز يُؤْتَزَرُ به، وقيل: الجلباب، وقيل الملحفة. (1) وعلى هذا فالمرط يمكن أن يكون كبيرًا بحيث يكون بعضه على الرجل وبعضه على المرأة، ويدل له هذا الحديث الذي أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وأنا إلى جنبه وأنا حائصْ وعليّ مرط وعليه بعضه إلى جنبه. (2)
وعن صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله ثم قال:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} . (3)
وبناء عليه يمكن للرجل أن يكلم غيره وبجانبه من تستتر تحت المرط ولا يُرى لها عين ولا أثر؛ لأنه ثياب كبير -كاللحاف والبطانية-، فلما استأذن عليه عثمان قال لعائشة: اجمعي عليك ثيابك يعني المرط، لأن عثمان لو دخل والنبي صلى الله عليه وسلم تحت المرط لاستحيا أن يبلغ في حاجته.
فقوله لعائشة: اجمعي عليك ثيابك، يعني المرط انفردي به دوني حتى أكلم عثمان وهذا المعنى يزيل التساؤل الوارد بالكلية؛ لأن عائشة كانت بجانب النبي صلى الله عليه وسلم مستترة تحت المرط والنبي صلى الله عليه وسلم بادٍ يكلم عثمان، فقوله:(اجمعي عليك ثيابك) أي: ضميها وزيدي في الاستتار بها. (4)
وهذا لا يعني أنها كانت مكشوفة قبل ذلك، وإنما يعني: مبالغة في التستر وزيادة فيه مقابلةً بزيادة حياء عثمان، وإلا فإن عمر رضي الله عنه يستحي أيضًا؛ ولو كان الوضع كما تصور البعض لما دخل ولما تكلم.
(1) مرقاة المفاتيح (3/ 57).
(2)
رواه مسلم (514).
(3)
رواه مسلم (2424).
(4)
كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (1/ 122).