الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ندمت على ذلك، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها زوجته في الجنة كما في المستدرك وقال عمار: واللَّه إنها لزوجة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، كما في الصحيح بهذا المعنى.
وبهذين الدليلين وبوصف اللَّه لها في القرآن بأنها طيبة، تنقطع ألسنة الطاعنين في صحابة رسول اللَّه ومنهم أم المؤمنين. (1)
وكانت رضي الله عنها إذا قرأت: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (الأحزاب: 33) بكت حتى يبتل خمارها، وكانت حينما تذكر الجمل تقول: وددت أني كنت جلست كما جلس أصحابي، وفي رواية ابن أبي شيبة: وددت أني كنت غصنًا رطبًا ولم أسر مسيري هذا. (2)
والعقل يقطع بأنه لا مناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلى، ولاشك أن عائشة رضي الله عنها هي المخطئة؛ لأسباب كثيرة وأدلة واضحة، منها ندمها على خروجها، وذلك هو اللائق بفضلها وكمالها، وذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور، بل المأجور.
قال الإمام الزيلعي في نصب الراية: وقد أظهرت عائشة الندم كما أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب عن ابن أبي عتيق -عبد اللَّه بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق- قال: قالت عائشة رضي الله عنها لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلًا غلب عليك -يعني ابن الزبير- فقالت: أما واللَّه لو نهيتني ما خرجت.
قال الشيخ الألباني:
ولهذا الأثر طرق أخرى، فقال الذهبي في السير: عن قيس قال: قالت عائشة، وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها فقالت: إني قد أحدثت بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حدثًا، ادفنوني مع أزواجه، فدفنت بالبقيع رضي الله عنها، قلت -أي الذهبي-: تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل، فإنها ندمت ندامة كلية وتابت من ذلك، على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة، قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة والزبير وجماعة من كبار الصحابة -رضي اللَّه عن الجميع- (3).
(1) الصحيح المسند من دلائل النبوة للشيخ مقبل الوادعي (417) في الهامش.
(2)
سير أعلام النبلاء للذهبي (2/ 177)، مجمع الزوائد للهيثمي (7/ 238) وابن أبي شيبة (15/ 281).
(3)
انظر: السلسلة الصحيحة (1/ 854 - 855).