الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فركبت لأصلح بينهم، فقال ابن عتيق: ما يملك أن لم ترجعي، فقالت: يا بني ما حملك، وقال ابن النقور: ما الذي حملك على هذا؟ قال: ما انقضى عنا يوم الجمل حتى تريدين أن تأتينا بيوم البغلة. (1)
والجواب عن هذا من وجوه: 1 - أن هذه القصة لا أصل لها
2 -
قال الجاحظ: وهذا الحديث من توليد الروافض، فأما عائشة فكان أمرها أنفذ من أن تحتاج أن تركب وأي شيء يتفاقم حتى تحتاج عائشة فيه إلى الركوب ثم لا يعرف خبره. (2)
3 -
قال الحصري: وهذه حكاية أوردها الشرقي لغله ودغله على وجه النادرة؛ لتحفظ، ويضحك منها، ويتعلق بها من ضعف عمله، وقل عزمه؛ فيكون ذلك أنجع وأنفع لما أراد من التعرض لعرض أم المؤمنين. (3)
وخلاصة القول أنه لايصح مما نسب إلى معاوية رضي الله عنه في أمر دفن الحسن شيء والحمد لله فهذه روايات قد توارد عليها الكذابون مع اختلاف أزمنتهم وأمكنتهم.
الشبهة السادسة: شبهة طلب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما للخلافة
.
وقد شاع بين الناس قديمًا وحديثًا أن الخلاف بين علي، ومعاوية رضي الله عنهما كان سببه طمع معاوية في الخلافة، وإن خروج معاوية على عليّ وامتناعه عن بيعته كان بسبب عزله عن ولاية الشام.
لكن الصحيح أن الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما كان حول مدى وجوب بيعة معاوية وأصحابه لعلي قبل إيقاع القصاص على قتلة عثمان أو بعده، وليس هذا من أمر الخلافة في
(1) لا أصل له. أخرجه ابن عساكر في التاريخ (32/ 240) من طريق الزبير بن بكار، عن عبد الله بن كثير بن جعفر به. وعبد الله بن كثير بن جعفر قال الحافظ: مقبول من الحادية عشرة وعليه فهذا كلام لا إسناد له أصلًا حتى ينظر فيه، فبينه وبين القصة مفاوز.
(2)
محاضرات الأدباء (باب وصف البغل مدحا وذمًا والاعتذار لركوبه).
(3)
جمع الجواهر في الملح والنوادر بابتدرج الكتاب ولذة الانتقال من حال إلى حال
شيء. فقد كان رأي معاوية رضي الله عنه، ومن حوله من أهل الشام أن يقتص علي رضي الله عنه من قتلة عثمان ثم يدخلوا بعد ذلك في البيعة.
يقول إمام الحرمين الجويني في لمع الأدلة: إن معاوية وإن قاتل عليًّا فإنه لا ينكر إمامته ولا يدعيها لنفسه، وإنما كان يطلب قتلة عثمان ظنًا منه أنه مصيب، وكان مخطئًا. (1)
أما شيخ الإسلم فيقول: بأن معاوية لم يدّع الخلافة ولم يبايع له بها حتى قتل علي، فلم يقاتل على أنه خليفة، ولا أنه يستحقها، وكان يقر بذلك لمن يسأله. (2)
ويقول ابن حجر الهيتمي: ومن اعتقاد أهل السنة، والجماعة أن ما جرى بين معاوية وعلي رضي الله عنهما، لم يكن لمنازعة معاوية لعلي في الخلافة للإجماع على أحقيتها لعلي .. فلم تهج الفتنة بسببها، وإنما هاجت بسبب أن معاوية ومن معه طلبوا من علي تسليم قتلة عثمان إليهم لكون معاوية ابن عمه، فامتنع علي. (3)
وهكذا تتضافر الروايات وتشير إلى أن معاوية رضي الله عنه خرج للمطالبة بدم عثمان، وانه صرح بدخوله في طاعة علي رضي الله عنه إذا أقيم الحد على قتلة عثمان أما وجه الخطأ في موقفه من مقتل عثمان رضي الله عنه فيظهر في رفضه أن يبايع لعلي رضي الله عنه قبل مبادرته إلى القصاص من قتلة عثمان، بل ويلتمس منه أن يمكنه منهم، مع العلم أن الطالب للدم لا يصح أن يحكم، بل يدخل في الطاعة ويرفع دعواه إلى الحاكم ويطلب الحق عنده.
ويمكن أن نقول إن معاوية رضي الله عنه كان مجتهدًا متأولًا يغلب على ظنه أن الحق معه، فقد قام خطيبًا في أهل الشام بعد أن جمعهم، وذكّرهم أنه ولي عثمان -ابن عمه- وقد قتل مظلومًا، وقرأ عليهم الآية الكريمة {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)} (الإسراء: 33).
(1) لمع الأدلة في عقائد أهل السنة للجويني صـ 115.
(2)
مجموع الفتاوى (35/ 72).
(3)
الصواعق المحرقة (ص 325).