الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ينفقونها في سبيل اللَّه قال رحمه الله: إن عليًا لما ولي الخلافة لم يغيرها عما عمل فيها في عهد أبي بكر، وعمر، وعثمان، ولم يتعرض لتملكها، ولا لقسمة شيء منها، بل كان يصرفها في الوجوه التي كان من قبله يصرفها فيها، ثم كانت بيد حسن بن عليّ، ثم بيد حسين بن علي، ثم بيد علي بن الحسين، ثم بيد الحسين بن الحسن، ثم بيد زيد بن الحسين، ثم بيد عبد اللَّه بن الحسين، ثم تولاها بنو العباس على ما ذكره أبو بكر البرقاني في صحيحه، وهؤلاء كبراء أهل البيت رضي الله عنهم لم يأخذها واحد منهم وقد صار أمرها إليه. (1) فظهر بهذا إجماع الخلفاء الراشدين، وسائر الصحابة، وأئمة أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين، على أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يورث، وأن ما تركه صدقة، وعلى ذلك جرى عمل الخلفاء الراشدين وأئمة أهل البيت الذين كانت بأيديهم صدقة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (2).
الوجه الرابع:
أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بغضب فاطمة الذي يغضب له هو: أن تغضب بحق، وإلا فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه، ولأحد من أهل بيته بغير حق، بل ما كان ينتصر لنفسه -ولو بحق- ما لم تنتهك محارم اللَّه، كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:(ما خيّر النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يأثم، فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه، واللَّه ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه قط، حتى تنتهك حرمات اللَّه فينتقم للَّه). (3)
وفاطمة رضي الله عنها على جلالتها، وكمال دينها، وفضلها، هي مع ذلك ليست معصومة، بل قد كانت تصدر منها بعض الأمور التي ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرها عليها، وقد تطلب من النبي صلى الله عليه وسلم الشيء فلا يجيبها له: كسؤالها النبي صلى الله عليه وسلم خادمًا فلم يعطها وأرشدها وعليًا للتسبيح كما ثبت في حديث علي رضي الله عنه في الصحيحين. (4)
وفي سنن أبي داود عن عمر بن عبد العزيز: (إن فاطمة سألت الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعل
(1) المفهم للقرطبي (3/ 564).
(2)
الانتصار للصحب والآل (426).
(3)
البخاري (6786)، ومسلم (2327).
(4)
البخاري (3705)، ومسلم (2727).