الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، وذكر عدداً من الأدلّة؛ منها:
حديث أنس رضي الله عنه قال: "سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف -وتزوّج امرأة من الأنصار-: كم أصدقتها؟ قال: وزن نواة من ذهب"(1).
وذكَر ما يتعلّق بخاتمة الأمر، وعدم رفض ولي الزوجة.
متى يجب عليه نصف المهر
؟
إِذا طلّق الرجل زوجه قبل الدخول بها، وكان قد فرَض لها قدْراً مُعيناً؛ فإِنّه يجب عليه نصف المهر.
ماذا يجب مِن المهر إِذا أغلق الباب وأرخى الستر ولم يدخل بزوجه
؟
عن زرارة بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: "قضى الخلفاءُ الراشدون
(1) أخرجه البخاري: 5167، ومسلم: 1427، وتقدّم.
(2)
قال ابن كثير رحمه الله: "وقوله: {إِلا أن يعفون} أي: النساء عما وجب لها على زوجها من النصف، فلا يجب لها عليه شيء.
قال السدي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله:{إِلا أن يعفون} قال: إِلا أن تعفو الثًيّب فتدَعَ حقّها".
(3)
البقرة: 237.
المهديّون؛ أنّ مَن أغلق باباً، أو أرخى ستراً؛ فقد وجب المهر، ووجبت العدّة" (1).
وعن عمر رضي الله عنه قال: "إِذا أُجيف الباب، وأُرخيت الستور؛ فقد وجب المهر"(2).
هذا؛ وقد فصّل الإمام ابن حزم رحمه الله في ذلك تفصيلاً قويّاً تحت المسألة (1846)؛ فارجع إِليه -إِن شئت-. وقال في آخر المسألة:
"فإِن تعلّقوا بمن جاء ذلك عنه من الصحابة رضي الله عنهم؛ فلا حُجّة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد اختلفوا كما ذَكَرْنا (3)؛ فوجَب الردّ عند التنازُع إِلى القرآن والسُّنّة".
جاء في "السيل الجرّار"(2/ 281): "
…
وأمّا الخلوة فلم يكن في المقام ما ينتهض للاحتجاج به، ولم يصحّ من المرفوع ما تقوم به الحُجّة
…
وقد قال عز وجل: {وإِنْ طَلّقتُموهنّ من قبل أن تَمَسّوهنّ وقد فَرَضْتُم لهُنّ فَريضة فَنِصفُ ما فَرَضتُم} ، فإِن كان المراد بالمس الجماع؛ فظاهره أنَّ الخلوة ليست بجماع، وإِن كان المس أعمّ من الجماع، وهو وضع عضو منه على عضو منها؛ فليست الخلوة المجردة مَسّاً؛ وإن أرخى عليها مائة ستر، ونظر إِليها
(1) أخرجه الإِمام أحمد وغيره، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(1937).
(2)
أخرجه الدارقطني بإِسناد صحيح، وانظر "الإِرواء"(6/ 357).
(3)
وكان قد ذَكر رحمه الله آثاراً عديدة، بعضها في إِيجاب المهر كاملاً، وبعضها في نصفه.
ألف نظرة! وإِذا عرفت هذا؛ فلا حاجة بنا إِلى التكلم على الخلوة الصحيحة والفاسدة".
وقال شيخنا رحمه الله في "السلسلة الضعيفة" بعد الحديث (1019) -بحذف-: "من كشف خمار امرأة، ونظر إِليها، فقد وجَب الصَّداق؛ دخل بها أم لم يدخل"(1):
"وجُملة القول؛ أن الحديث ضعيف مرفوعاً، صحيح موقوفاً. ولا يقال: فالموقوف شاهد للمرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي؛ لأمرين:
الأوّل: أنه مخالف لقوله -تعالى-: {وإِنْ طَلّقتُمُوهنّ من قبل أن تَمَسُّوهنّ وقد فَرَضْتُم لهُنّ فَريضة فَنِصفُ ما فَرَضتم .. } (2)؛ فهي بإِطلاقها تشمل التي خلا بها. وما أحسن ما قال شريح: "لم أسمع الله -تعالى- ذكر في كتابه باباً ولا ستراً، إذا زعم أنه لم يمسها فلها نصف الصَّداق"(3).
الثاني: أنه قد صح خلافه موقوفاً، فروى الشافعي (2/ 325):
…
عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنه قال في الرجل يتزوج المرأة، فيخلو بها ولا يمسها، ثمّ يطلّقها: ليس لها إِلا نصف الصَّداق؛ لأن الله يقول: {وإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنّ وَقَدْ فرَضْتُم لَهُنَّ فَرِيضَة} . ومن طريق
(1) أخرجه الدارقطني؛ وفيه علّة الإِرسال، وضَعْف ابن لهيعة، وانظر "الضعيفة"(1019).
(2)
البقرة: 237.
(3)
"تفسير القرطبي"(3/ 205)، وهو عند البيهقي بسند صحيح عنه نحوه. قاله شيخنا رحمه الله.
الشافعي رواه البيهقي (7/ 254).
قلت: وهذا سند ضعيف، لكن قد جاء من طريق أخرى عن طاوس، أخرجه البيهقي من طريق سعيد بن منصور: ثنا هُشيم: أنبأ الليث عن طاوس عن ابن عباس: "أنه كان يقول في الرجل أُدخلت عليه امرأته، ثمّ طلقها، فزعم أنه لم يمسها، قال. عليه نصف الصَّداق".
قلت: وهذا سند صحيح، فبه يتقوّى السند الذي قبله، والآتي بعده عن علي بن أبي طلحة.
ثمّ أخرج البيهقي عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله -تعالى-: {وإِن طَلَّقْتُمُوهُنّ قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنّ .. } الآية: "فهو الرجل يتزوّج المرأة، وقد سمى لها صَداقاً، ثمّ يطلقها من قبل أن يمسها، والمس الجماع، فلها نصف الصَّداق، وليس لها أكثر من ذلك.
قلت: وهذا ضعيف منقطع، ثم روى عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود قال:"لها نصف الصَّداق، وإِنْ جلس بين رجليها". وقال: "وفيه انقطاع بين الشعبي وابن مسعود".
فإِذا كانت المسألة مما اختلف فيه الصحابة، فالواجب حينئذ الوجوع إِلى النص، والآية مؤيدة لما ذهب اليه ابن عباس؛ على خلاف هذا الحديث، وهو مذهب الشافعي في "الأمّ"(5/ 215). وهو الحق- إِن شاء الله تعالى-". انتهى كلام شيخنا رحمه الله.
قلت: ومِثل ذلك يُقال في أثر زرارة رضي الله عنه؛ لأن إِيجاب العدّة إِنما