الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحريم الزيادة على الأربع:
لا يحلّ للرجل أن يجمع في نكاحه أكثر من أربع زوجات في وقت واحد؛ لقوله -تعالى-: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكم مِنَ النِّسَاءِ مثنَى وثلاثَ ورُبَاعَ} (1). وهذا عدا ما ملكَت يمينه من الإِماء.
عن ابن عمر رضي الله عنه: "أن غَيلان بن سلمة الثقفي أسلم، وله عشر نسوة في الجاهلية، فأسلَمْن معه، فأمَره النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يتخير منهنّ أربعاً"(2).
وعن قيس بن الحارث قال: "أسلمتُ وعندي ثمانِ نسوة، فذكرتُ ذلك للنّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: اختر منهن أربعاً"(3).
قال ابن كثير رحمه الله: "قال الشافعي: وقد دلّت سُنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المبيّنة عن الله أنه لا يجوز لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة. وهذا الذي قاله الشافعي رحمه الله مُجمَع عليه بين العلماء؛ إِلا ما حُكي عن الشيعة أنه يجوز الجمع بين أكثر من أربع إِلى تسع
…
".
تعدُّد الزوجات:
أباح ديننا الحنيف تعدّد الزوجات، على ألا يزيد على أربع؛ خلا ملك
(1) النساء: 3.
(2)
أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي"(901)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1589)، وانظر "الإرواء"(1883).
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1960)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1588)، وانظر "الإِرواء"(1885).
اليمين من الإِماء؛ كما تقدّم.
وأوجب العَدْل بينهنّ في الطعام والكسوة والسكن والمبيت.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له امرأتان فمال إِلى إِحداهما، جاء يوم القيامة وشِقّه مائل"(1).
ومن خاف ألا يعدل فعليه أن يقتصر على واحدة؛ لقول الله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وثُلاثَ ورُبَاعَ فإِنْ خفْتُم ألا تَعْدلُوا فَوَاحدَةً أو مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُم ذلك أدْنَى ألا تَعُولُوا} (2).
قال ابن كثير رحمه الله: "أي: فإِنْ خشيتم من تعداد النساء أن لا تعدلوا بينهن؛ كما قال -تعالى-: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حَرَصتم}، فمن خاف من ذلك؛ فليقتصر على واحدة، أو على الجواري السراري؛ فإِنه لا يجب قسم بينهن، ولكن يستحبّ، فمن فعَل فحسَن، ومن لا فلا حرج". انتهى.
وعن عائشة رضي الله عنها عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله -تعالى-: {ذلك أدنى أن لا تعولوا} قال: "أن لا تجوروا"(3).
والمراد من قوله -تعالى-: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو
(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1867)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(912)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1603)، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(3682)، وانظر "الإرواء"(2017).
(2)
النساء: 3.
(3)
أخرجه ابن حبّان في "صحيحه" وغيره، وانظر "الصحيحة"(3222).
حَرَصْتُم} (1) - كما قال ابن كثير -بحذف-: "أي: لن تستطيعوا أيها الناس! أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه، فإِنه وإن حصَل القسم الصوري: ليلة وليله، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع؛ كما قاله ابن عباس، وعبَيِدة السلماني، ومجاهد، والحسن البصري، والضحاك بن مزاحم".
ثمّ ساق بإِسناد ابن أبي حاتم إِلى ابن أبي مليكة قال: "نزلت هذه الآية: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرَصتم} في عائشة. يعني: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها (2) ".
ثمّ قال رحمه الله: "وقوله: {فلا تميلوا كلّ الميل} ؛ أي: فإِذا مِلتم إلى واحدة منهنّ، فلا تُبالِغوا في الميل بالكلِّية {فتذروها كالمعلّقة}؛ أي: فتبقى الأخرى مُعلّقة.
قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والحسن، والضحاك، والربيع بن أنس، والسُّدِّيُّ، ومقاتل بن حيان: معناه: لا ذات زوج ولا مطلقة".
ثمّ ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له امرأتان فمال إِلى إِحداهما، جاء يوم القيامة وأحد شقّيه ساقط"(3).
ثمّ قال رحمه الله: " {وإِنْ تُصلحوا وتتقوا فإِنّ الله كان غفوراً
(1) النساء: 129.
(2)
وقد سأل عمرو بن العاص رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أيّ الناس أحبّ إِليك؟ قال: عائشة". أخرجه البخاري: 3662، ومسلم:2384.
(3)
تقدّم.