الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء في "سبل السلام"(3/ 240): "قال ابن عبد البر: اختلفت الآثار في هذا الحكم، لكن الرواية أنه تزوّجها وهو حلال جاءت من طرق شتى، وحديث ابن عباس صحيح الإِسناد، لكن الوهم إِلى الواحد أقرب من الوهم إِلى الجماعة؛ فأقل أحوال الخبرين أن يتعارضا؛ فتطلب الحجة من غيرهما، وحديث عثمان صحيح في منع نكاح المحرم، فهو معتمد. انتهى.
وقال الأثرم: قلت لأحمد: إِن أبا ثور يقول: بأي شيء يدفع حديث ابن عباس -أي: مع صحته-؟ قال: الله المستعان! ابن المسيب يقول: وهم ابن عباس، وميمونة تقول: تزوجني وهو حلال".
وسألت شيخنا رحمه الله: يَحْرُمُ على المُحْرِم أن ينكح، فإِذا فَعَل هل يكون العقد باطلاً؟
قال: هو كذلك.
نكاح الملاعِنَة:
اللِّعانُ والمُلاعَنَةُ والتَّلاعُنُ: ملاعنة الرجل امرأته، يُقال: تلاعنَا والْتَعَنَا ولاعَن القاضي بينهما، وسمّي لِعاناً؛ لقول الزوج:"عليّ لعنة الله إِن كنتُ من الكاذبين"(1).
قال الله -تعالى-: {والذين يَرمُون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إِلا أنفُسُهُم فشهادة أحدِهم أربعُ شهادات بالله إِنَّه لمن الصَّادقين * والخامِسَةَ أنَّ لعنةَ الله عليه إِن كان من الكاذبين * ويدرأُ عنها العذابَ أن تشهد أربع شهادات بالله إِنّه لَمِنَ الكاذبين * والخامِسَةَ أنَّ غَضَبَ الله عليها إِن كان من
(1)"شرح النووي"(10/ 119).
الصَّادقين * ولولا فَضْل الله عليكم ورحمته وأنّ الله توَّابٌ حكيم} (1).
قال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره": "هذه الآية الكريمة فيها فرَج للأزواج، وزيادة مَخرج، إِذا قذَف أحدهم زوجته، وتعسّر عليه إقامة البيّنة، أن يلاعنها، كما أمر الله عز وجل، وهو أن يُحضِرها إِلى الإِمام، فيدّعي عليها بما رماها به، فيحلّفه الحاكم أربع شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء: {إِنه لمن الصادقين}، أي: فيما رماها به من الزنى، {والخامِسَةَ أنّ لعنةَ الله عليه إنْ كان من الكاذبين}، فإِذا قال ذلك، بانت منه بنفس هذا اللعان عند الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وحَرُمت عليه أبداً، ويعطيها مهرَها، ويتوجه عليها حدّ الزنى، ولا يدرأ عنها إِلا أن تُلاعِن، فتشهد أربع شهادات بالله إِنه لمن الكاذبين، أي: فيما رماها به، {والخامِسَةَ أنّ غَضَبَ الله عليها إِنْ كان من الصادقين}، ولهذا قال: {ويدرأ عنها العذاب} يعني: الحد {أنْ تشهد أربع شهادات بالله إِنه لمن الكاذبين * والخامِسَةَ أنّ غَضَبَ الله عليها إِنْ كان من الصادقين}. فخصّها بالغضب، كما أنّ الغالب أن الرجل لا يتجشم فضيحة أهله ورمْيها بالزنى؛ إِلا وهو صادق معذور، وهي تعلم صِدقه فيما رماها به. ولهذا كانت الخامسة في حقّها أنّ غضب الله عليها؛ والمغضوب عليه: هو الذي يعلم الحقّ ثمّ يحيد عنه".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أيضاً قال: "لاعَنَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم بين رجلٍ وامرأة من الأنصار، وفرّق بينهما"(2).
(1) النور: 6 - 10.
(2)
أخرجه البخاري: 5314.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أيضاً: "أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لاعَنَ بين رجل وامرأتِه، فانتفى من ولدها، ففرّق بينهما، وألحق الولَد بالمرأة"(1).
عن ابن جريج قال: أخبرني ابن شهاب عن المتلاعِنَين وعن السُّنَّة فيهما عن حديث سهل بن سعد أخي بني ساعِدَة: أنّ رجُلاً من الأنصار جاء إِلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً
…
وذكر الحديث بقصّته (2).
وزاد فيه: فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد. وقال في الحديث: فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففارقها عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"ذاكم التّفريق بين كلّ مُتلاعِنَين"(3).
وجاء في "الصحيحة" -بحذف- برقم (2465): "المتلاعنان إِذا تفرّقا، لا يجتمعان أبداً"
…
وفيه:
"وأمّا حديث سهل رضي الله عنه في حديث المتلاعِنَين قال: "
…
فمضت السُّنَّة بعد في المتلاعِنَين أن يفرق بينهما، ثمّ لا يجتمعان أبداً" أخرجه أبو داود، والبيهقي
…
... وعن عاصم عن زر عن علي قالا: "مضت السُّنَّة في المتلاعِنَين أن لا يجتمعا أبداً".
(1) أخرجه البخاري: 5315، ومسلم:1494.
(2)
انظر الرواية التي قبل هذه في "صحيح مسلم"، وهي في أول كتاب اللعان.
(3)
أخرجه مسلم: 1492.