الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى كلّ حال: أريد أن أُذكّر بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِن حُسن إِسلام المرء ترْكه ما لا يعنيه"(1).
فالإِنسان مسؤول أمام الله -تعالى- عن إِضاعة الوقت، وعن تأخير الزواج، وعن إِيقاع نفسه في الفتنة.
ولعلّنا نستطيع أن نتّخذ الشهادة والدراسة حُجَّةً أمام الناس. أمّا أمام الله -تعالى- فلا، وقد قال -سبحانه-:{بَل الإِنْسَانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلقَى مَعَاذِيرَهُ} (2).
اختيار الزّوجة:
ومَنْ أقبَلَ على النكاح؛ فعليه أن يتحرّى في اختياره الزوجة ما يأتي:
1 -
أن تكون ذات دين؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبي صلى الله عليه وسلم
قال: "تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولِحسبها (3)، ولجمالها، ولدينها، فأظفر بذات الدين تربت يداك (4) "(5).
(1) أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي"(1886)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(3211)، وصححه شيخنا رحمه الله في "العقيدة الطحاوية"(268).
(2)
القيامة: 14 - 15.
(3)
"أي: لشرفها، والحسب في الأصل: الشرف بالآباء وبالأقارب، مأخوذ من الحساب، لأنهم كانوا إِذا تفاخروا عدّوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحسبوها؛ فيُحكم لمن زاد عدده على غيره
…
". "فتح" (9/ 135).
(4)
"تربت يداك؛ أي: لصقتا بالتراب، وهي كناية عن الفقر، وهو خبر بمعنى الدعاء، لكن لا يُراد به حقيقته
…
". "فتح".
(5)
أخرجه البخاري: 5090، ومسلم:1466.
وفي الحديث: "الحسب: المال"(1).
وفي رواية: "إِنّ أحساب النّاس بينهم هذا المال"(2).
2 -
أن تكون وَلُوداً وَدُوداً:
لحديث معقل بن يسار رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "تزوّجوا الوَدُودَ الوَلوُدَ، فإِني مُكاثر بكم الأمم"(3).
3 -
أن تكون حانية على ولدها، وراعية على زوجها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "خير نساء ركبن الإِبل: صالحُ (4) نساءِ قريش، أحناه (5) على ولد في صِغره، وأرعاه على زوج (6) في ذات يد"(7).
(1) أخرجه الترمذي، وابن ماجه، والدارقطني، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(1870).
(2)
انظر "الإِرواء"(1871).
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1805)، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(3026)، والحاكم، وانظر "الإِرواء"(1784)، و"آداب الزفاف"(ص 132).
(4)
قال الحافظ رحمه الله: "المراد بالصلاح هنا: صلاح الدين وحُسن المخالطة مع الزوج ونحو ذلك".
(5)
الحانية: التي تقيم على ولدها، ولا تتزوّج شفقة وعطفاً. "النهاية".
(6)
"أرعاه على زوج؛ أي: أحفظ وأصون لماله بالأمانة فيه، والصيانة له وترك التبذير في الإِنفاق". "فتح".
(7)
أخرجه البخاري: 5082، ومسلم:2527.
وهذا -وما قبله من معرفتها وَدُوداً وَلُوداً- إِنما يتمُّ بالاستفسار عن بيئتها وأهل بيتها.
وفي بعض مجالس شيخنا رحمه الله كان أحد الإِخوة من المغرب يتكلّم مُبالِغاً حول لقاء الخطيبَين وحوارهما ومناقشتهما
…
إِلخ فقال له شيخنا رحمه الله: كيف تعرف أنها وَلُود، هل تقول لها: هل أنتِ وَلُود؟! قال: لا؛ أسأل عن أمّها وأخواتها، قال شيخنا رحمه الله: وكذلك هل تقول لها: هل أنت وَدُود؟! انتهى.
قلت: ولا مانع من اللقاء فيما لا بُدَّ منه؛ وممّا فيه مصلحة النّكاح، دون مبالغة وإِسراف.
4 -
ويفضّل أن تكون بِكراً:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "هَلَكَ أبي، وترك سبع بنات -أو تسع بنات-، فتزوجتُ امرأة ثيِّباً، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: تزوجتَ يا جابر؟! فقلت: نعم، فقال: بكراً أم ثيّباً؟ قلت: بل ثيّباً، قال: فهلا جارية تُلاعِبها وتُلاعِبك، وتُضاحكهَا وتُضاحكك؟ قال: فقلت له: إِنّ عبد الله هَلَكَ وترك بنات، وإِني كَرِهْتُ أنْ أجِيئهنّ بمثلهن، فتزوجتُ امرأة تقوم عليهن وتُصلحهن، فقال: بارك الله لك -أو خيراً-"(1).
وللإِنسان اختيار الزوجة الجميلة أو اشتراطها عند النكاح، لأنه يعمل عملَهُ في غضّ البصر وتحصين الفرج.
عن عبد الله بن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنّ الله جميل يحب
(1) أخرجه البخاري: 5367، ومسلم:715.