المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطلاق الرجعي وأحكامه - الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة - جـ ٥

[حسين العوايشة]

فهرس الكتاب

- ‌النِّكاح

- ‌النِّكاح

- ‌التَّرغيب في النكاح

- ‌حُكم الزواج:

- ‌الزواج الحرام

- ‌هل يقدّم الزواج على الحجّ

- ‌في ذمِّ العِشْق:

- ‌الرغبة عن الزواج:

- ‌اختيار الزّوجة:

- ‌التقارُب في السِّنِّ:

- ‌تزويج الصغار من الكبار

- ‌أيّ النساء خير

- ‌اختيار الزوج:

- ‌عرْض الإِنسان ابنتَه أو أختَه على أهل الخير

- ‌التَّزْيين للتنفيق والتّرغيب في النكاح:

- ‌صلاة المرأة إِدْا خُطِبَت واستخارتُها ربَّها

- ‌الخِطبة

- ‌ماذا يقول إِذا دُعي ليزوِّج

- ‌خِطبة معتدَّة الغير

- ‌تحريم خِطبة الرجل على خِطبة أخيه:

- ‌تفسير ترْك الخِطبة

- ‌إِذا استشارت المرأة رجلاً فيمن يخطبها؛ هل يخبرها بما يعلم

- ‌إِذا استشار رجلٌ رجلاً في المرأة هل يخبره بما يعلم

- ‌النظر إِلى المخطوبة:

- ‌إِلامَ ينظُر

- ‌نظر المرأة إِلى الرجل:

- ‌محادثة الرجل المرأة:

- ‌تحريم الخلوة بالمخطوبة:

- ‌العدولُ عن الخِطْبة وأثره

- ‌أركان عقد النكاح:

- ‌ما يُشترط في الشهود:

- ‌شهادة النساء:

- ‌ألفاظ الإِيجاب والقَبول:

- ‌الخُطبة قبل الزواج

- ‌نيّة الطلاق عند العقد:

- ‌زواج الأخرس

- ‌تزويج الصغير:

- ‌توثيق الزواج بالكتابة:

- ‌الأنكحة المحرّمة

- ‌الزواج الذي تحلُّ به المطلقة للزوج الأول

- ‌فائدة:

- ‌الشروط في النكاح

- ‌هل يحقّ فسْخُ العقد إِذا ثبَتَ العيب

- ‌فائدة:

- ‌المحرّمات من النّساء

- ‌المُحَرَّمات مُؤبَّداً

- ‌أولاً: المحرمات من النسب هنّ:

- ‌ثانياً: المحرّمات بسبب المصاهرة:

- ‌ثالثاً: المحرّمات بسبب الرضاع:

- ‌الرِّضاع الذي يثبُت به التحريم:

- ‌اللبن المختلط بغيره:

- ‌رضاع الكبير:

- ‌قَبول قول المرضعة:

- ‌لبن الفحل:

- ‌المحرمات مؤقَّتاً

- ‌نكاح الكفار

- ‌نكاح الزانية:

- ‌فائدة:

- ‌عقد المُحرم

- ‌نكاح الملاعِنَة:

- ‌نكاح المشرِكة:

- ‌نكاح المسلمة بغير المسلم:

- ‌فائدة:

- ‌تحريم الزيادة على الأربع:

- ‌تعدُّد الزوجات:

- ‌ماذا يُشترط على من يريد التعدّد

- ‌من محاسن التعدّد:

- ‌توجيهات وكلمات مضيئة في التعدّد

- ‌فائدة:

- ‌مسائل في التعدّد:

- ‌1 - مَن أَوْلَمَ على بعض نسائه أكثر من بعض

- ‌2 - إِذا تزوّج البكر على الثيّب، والثيب على البكر:

- ‌3 - القُرْعة بين النّساء إِذا أراد سفراً

- ‌4 - النهي عن افتخار الضَّرَّة

- ‌5 - استئذانُ الرجلِ نساءَهُ في أن يُمرَّض في بيت بعضهنّ:

- ‌فائدة:

- ‌الولاية على الزّواج

- ‌معنى الولاية

- ‌من هو الوليّ

- ‌شروط الوليّ:

- ‌عدم اشتراط العدالة:

- ‌المرأة لا تزوّج نفسها:

- ‌إِذا كان الوليّ هو الخاطب

- ‌غَيْبَةُ الوليّ:

- ‌ولاية غير الآباء على الصغار:

- ‌السلطانُ وليُّ من لا ولي له:

- ‌عضْل الوليّ:

- ‌اليتيمة تُستأمر في نفسها:

- ‌استئذان المرأة قبل النكاح:

- ‌الوكالة في الزواج:

- ‌المهر

- ‌حُكمه:

- ‌قدْر المهر:

- ‌فائدة:

- ‌النهي عن المغالاة في المهور:

- ‌إِثقال الصَّداق يجعل العداوة في نفس الزوج:

- ‌هل يدخل على زوجه إِذا لم يُمْهِرْهَا

- ‌ماذا إِذا دخَل بها ولم يفرض لها صَداقاً

- ‌الزواج بغير ذِكر المهر:

- ‌فيمن تزوّج ولم يُسمِّ صداقاً حتى مات

- ‌مهر المِثل:

- ‌العدْل في المهور:

- ‌العَدْل في صداق اليتيمة:

- ‌الرجل هو الذي يحدّد المهر:

- ‌متى يجب عليه نصف المهر

- ‌ماذا يجب مِن المهر إِذا أغلق الباب وأرخى الستر ولم يدخل بزوجه

- ‌فوائد متفرِّقة:

- ‌الإِمهار عن غيره:

- ‌الرجل هو الذي يُعدّ البيت ويؤثثه ويجهّزه:

- ‌النفقة

- ‌حُكمها:

- ‌ماذا إِذا كان الزوج بخيلاً

- ‌نفقة زوجة الغائب:

- ‌نفقة المعتدة

- ‌لا تنتهك المرأة شيئاً من مالها الا بإِذن زوجها:

- ‌متى يستحبّ البناء بالنساء

- ‌موعظةُ الرّجلِ ابْنَتَهُ لِحَالِ زَوَاجها

- ‌ذهاب النّساء والصبيان إِلى العُرس

- ‌استعارة الثياب للعروس

- ‌الهديّة للعروس

- ‌آداب الزِّفاف

- ‌1 - ملاطفة الزوجة عند البناء بها:

- ‌2 - وضْعُ اليدِ على رأس الزوجة والدعاءُ لها:

- ‌3 - صلاة الزوجين معاً:

- ‌4 - ما يقول حين يجامعها:

- ‌5 - كيف يأتيها

- ‌6 - تحريم الدُّبُر:

- ‌لا كراهة في الكلام حال الجماع:

- ‌7 - الوضوء بين الجماعين:

- ‌8 - الغُسل أفضل:

- ‌9 - اغتسال الزوجين معاً:

- ‌10 - توضُّؤ الجُنُب قبل النوم:

- ‌11 - حُكم هذا الوضوء:

- ‌12 - تيمُّم الجُنُب بدل الوضوء:

- ‌13 - اغتساله قبل النوم أفضل:

- ‌14 - تحريم إِتيان الحائض:

- ‌15 - ما يحِلّ له من الحائض:

- ‌16 - ولا يأتيها بعد الطُّهر إِلا أن تغتسل:

- ‌17 - جواز العزل:

- ‌18 - الأوْلى ترْك العزل:

- ‌19 - ما ينويان بالنكاح:

- ‌20 - ما يفعل صبيحةَ بنائه:

- ‌21 - تحريم نشْر أسرار الاستمتاع:

- ‌22 - وجوب الوليمة:

- ‌23 - السُّنة في الوليمة:

- ‌24 - جواز الوليمة بغير لحم:

- ‌25 - مشاركة الأغنياء بمالهم في الوليمة:

- ‌26 - تحريم تخصيص الأغنياء بالدعوة:

- ‌27 - وجوب إِجابة الدعوة:

- ‌28 - ترْك حضور الدعوة التي فيها معصية:

- ‌29 - الدعاء للعروسين بالخير والبركة:

- ‌31 - الغناء والضرب بالدُّفِّ:

- ‌32 - الامتناع من مخالفة الشرع:

- ‌1 - تعليق الصُّوَر:

- ‌2 - نتف الحواجب وغيرها

- ‌3 - تدميم الأظفار وإِطالتها:

- ‌4 - حلْق اللحى:

- ‌5 - خاتم الخطبة:

- ‌إِذا رأى المرء من امرأةٍ ما يعجبه؛ فليأت أهله:

- ‌وصايا الإِمام الألباني رحمه الله إِلى العروسين

- ‌وجوب خدمة المرأة لزوجها

- ‌حقّ الزوجة على زوجها

- ‌1 - حُسن المعاشرة:

- ‌2 - صيانتها

- ‌3 - إِتيانها ووطْؤُها:

- ‌حقّ الزوج على زوجته:

- ‌الطَّلاق

- ‌الطلاق

- ‌معناه:

- ‌مشروعيته

- ‌حُكمه:

- ‌الطلاق من حق الرجل وحده:

- ‌تحريم سؤال الزَّوجة الطَّلاق من غير سبب موجبٍ له:

- ‌من يقع منه الطلاق:

- ‌طلاق المكره والمجنون والسكران والغضبان والمدهوش ونحو ذلك:

- ‌طلاق الهازل:

- ‌الطلاق قبل الزواج:

- ‌بماذا يقع الطلاق:

- ‌الطلاق باللفظ:

- ‌الطلاق بالكناية:

- ‌حُكم الطلاق بلفظ التحريم:

- ‌الطلاق بالكتابة:

- ‌طلاق الأبكم ومن لا يُحسن العربية:

- ‌طلاق كلّ قوم بلسانهم:

- ‌إذا طلّق في نفسه فلا يقع الطلاق:

- ‌الوكالة في الطلاق:

- ‌التعليق والتنجيز

- ‌والتعليق قسمان:

- ‌الطلاق السُّني والبدعي

- ‌يقسم الطلاق إلى قِسمين:

- ‌1 - الطلاق السُّنّي:

- ‌2 - الطّلاق البدعي:

- ‌طلاق الآيسة والصغيرة ومنقطعة الحيض:

- ‌هل يقع طلاق الحائض

- ‌عدد الطلقات:

- ‌هل يقع طلاق الثلاث جملةً أم يُحسب طلقة

- ‌الإِشهاد على الطَّلاق:

- ‌الطلاق الرجعي وأحكامه

- ‌الطلاق البائن وأحكامه

- ‌أقسامه:

- ‌حُكم البائن بينونة صُغرى:

- ‌حُكم الطَّلاق البائن بينونة كُبرى:

- ‌مسألة الهدم:

- ‌هل يقع طلاق المريض مرض الموت

- ‌متى يطلّق القاضي

- ‌1 - عدم الإِنفاق:

- ‌2 - غَيبة الزوج:

- ‌3 - التطليق للضَّرر:

- ‌متعة الطّلاق

- ‌الخُلع

- ‌تعريفه:

- ‌مشروعيته:

- ‌لا يجوز التضييق على الزوجة لأجل الافتداء:

- ‌الخُلع بتراضي الزوجين

- ‌جواز الخُلع في الطُّهر والحيض:

- ‌هل يجوز للزّوج أخْذ الزيادة على المهر

- ‌المختلعة تعتدّ بحيضة واحدة:

- ‌هل الخُلع فسْخٌ أم طلاق

- ‌علاج نشوز الرجل:

- ‌علاج نشوز المرأة:

- ‌هل للزَّوجة النَّاشِز نفقة أو كِسْوَة

- ‌ماذا إِذا وقع الشِّقاق بين الزوجين:

- ‌الظِّهار

- ‌هل الظهار مختصٌّ بالأم

- ‌ماذا يفعل من يُظاهر امرأته

- ‌ماذا إِذا مسّ قبل التَّكفير

- ‌كفّارة الظهار:

- ‌الإِيلاء

- ‌تعريفه:

- ‌الفسخ

- ‌تعريفه:

- ‌اللِّعان

- ‌مشروعيته:

- ‌متى يكون اللّعان

- ‌صفة اللعان

- ‌الحاكم هو الذي يقضي باللعان:

- ‌اشتراط العقل والبلوغ:

- ‌لعان الأخرسَيْن

- ‌مسائل في الامتناع عن اللعان أو عدم إِتمامه:

- ‌ماذا يترتب على اللعان:

- ‌آداب التطليق المستنبطة من الكتاب الكريم والسّنة الصحيحة

- ‌العدّة

- ‌تعريفها:

- ‌حِكمة مشروعيتها:

- ‌أنواع العِدّة:

- ‌عِدَّة غير المدخول بها:

- ‌عدّة المدخول بها:

- ‌عدّة الحائض:

- ‌عِدّة غير الحائض:

- ‌حُكم المرأة الحائض إِذا لم تر الحيض:

- ‌سِنّ اليأس:

- ‌عِدّة الحامل:

- ‌عدة المتوفّى عنها زوجها:

- ‌عِدّة المستحاضة:

- ‌عدة المطلّقة ثلاثاً:

- ‌عدّة المختلعة:

- ‌وجوب العدّة في غير الزواج الصحيح:

- ‌تحول العدة من الحيض إِلى العِدَّة بالأشهر:

- ‌تحول العدة من الأشهر إِلى الحيض:

- ‌ انقضاء العدة [

- ‌لزوم المطلقة المعتدة بيت الزوجية:

- ‌أين تعتد المرأة المتوفَّى زوجها

- ‌لا يجوز للمعتدَّة الرَّجعية الخروج إِلا بإِذن زوجها:

- ‌حِداد المُعْتدَّة:

- ‌فائدة:

- ‌ماذا إِذا نكحت المرأة في عدَّتها

- ‌نَفَقَة المُعْتَدَّة

- ‌الحضانة

- ‌تعريفها:

- ‌الحِضانة حقٌّ مشترك

- ‌الأولى بحضانة الطفل أُمّه ما لم تنكح:

- ‌حضانة الأب:

- ‌إِذا بلغ الصّبي سنَّ التمييز خُيِّر بين أبويه:

- ‌الاقتراع على الولد:

- ‌ضابط باب الحضانة:

الفصل: ‌الطلاق الرجعي وأحكامه

‌الطلاق الرجعي وأحكامه

الطلاق الرجعي: هو الذي يكون فيه الزوج مخيّراً ما دامت زوجته في العدّة بين تركها لا يراجعها حتى تنقضي عدتها، فتملك أمرها، فلا يراجعها إِلا بولي ورضاها، وصَداق، وبين أن يُشهد على ارتجاعها فقط؛ فتكون زوجته -أحبّت أم كرهت- بلا ولي ولا صَداق، لكن بإِشهاد فقط؛ ولو مات أحدهما قبل تمام العدة وقبل الراجعة ورثه الباقي منهما- وهذا لا خلاف فيه من أحد من الأئمة (1).

وجاء في "سبل السلام"(3/ 347): "وقد أجمع العلماء على أنّ الزوج يملك رجعة زوجته في الطلاق الرجعي؛ ما دامت في العدة من غير اعتبار رضاها ورضا وليّها إِذا كان الطلاق بعد المسيس".

[والرجعة] ثابتة بالكتاب والسّنة والإِجماع، أمّا الكتاب فقول الله -سبحانه-:{والمطلقات يتربصنَ بأنفسهنّ ثلاثة قروء} إِلى قوله: {وبعولَتُهُنَّ أحقُّ بردِّهنّ في ذلك إِن أرادوا إِصلاحاً} (2) والمراد به الرجعة عند جماعة العلماء وأهل التفسير، وقال -تعالى-:{وإِذا طلَّقتم النساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهن بمعروف} (3). أي بالرَّجعة ومعناه إِذا قاربن بلوغ أجلهن أي: انقضاء عدتهنّ" (4).

(1) انظر "المحلَّى"(11/ 550)، و"الفتاوى"(33/ 9).

(2)

البقرة: 228.

(3)

البقرة: 231.

(4)

انظر "المغني"(8/ 470).

ص: 313

وقال -تعالى-: {الطلاق مرَّتان فإِمساكٌ بمعروف أو تسريح بإِحسان} (1).

*أي: أنَّ الطلاق الذي شرَعَه الله يكون مرة بعد مرة، وأنه يجوز للزوج أن يمسك زوجته، بعد الطلقة الأولى بالمعروف، كما يجوز له ذلك بعد الطلقة الثانية، والإِمساك بالمعروف معناه مراجعتها وردّها إِلى النكاح، ومعاشرتها بالحسنى، ولا يكون له هذا الحق، إِلا إِذا كان الطلاق رجعياً* (2).

وأمّا السّنة فما روى ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مُرْه فليراجعها" متفق عليه (3).

وروى أبو داود عن عمر: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طلَّق حفصة ثمّ راجعَها"(4).

وعن عمران بن حصين أنه سئل عن الرجل يطلق امرأته، ثم يقع بها، ولم يُشهِد على طلاقها، ولا على رجعتها، فقال:"طلّقت لغير سنة، وراجعت لغير سُنة، أشهد على طلاقها، وعلى رجعتها، ولا تَعُد"(5).

(1) البقرة: 229.

(2)

ما بين نجمتين عن "فقه السّنة"(3/ 93).

(3)

أخرجه البخاري: 5251، ومسلم: 1471، وتقدّم.

(4)

أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1998)، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(3332)، وغيرهما، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(2077).

(5)

أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1915)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1645) وغيرهما، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(2078) وتقدّم.

ص: 314

وتستثنى بعض الحالات من الطلاق الرجعي:

كأن يكون الطلاق مكمّلاً للثلاث؛ فهو *يُبينُ المرأة، ويُحرِّمها على الزوج، ولا يحل له مراجعتها، حتى تنكح زوجاً آخر، نكاحاً لا يقصد به التحليل؛ قال الله -تعالى-:{فإِنْ طلَّقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره} (1) أي: فإِن طلقها الطلقة الثالثة، بعد طلقتين، فلا تحل له من بعد الطلاق المكمل للثلاث، حتى تتزوج غيره زواجاً صحيحاً.

والطلاق قبل الدخول يُبِينُهَا كذلك؛ لأن المطلقة في هذه الحالة لا عدة عليها، والمراجعة إِنما تكون في العدة، وحيث انتفت العدة، انتفت المراجعة؛ قال الله -تعالى-:{يا أيها الذين آمنوا إِذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلقتموهنّ من قبل أن تمسوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّة تعتدونها فمتعوهنّ وسرّحوهنّ سراحاً جميلاً} (2) * (3).

والطلاق الرجعي لا يمنع الاستمتاع بالزوجة (4) لأنه لا يرفع عقد الزواج، ولا يزيل الملك، ولا يؤثر في الحل، فهو وإن انعقد سبباً للفرقة، إِلا أنه لا يترتب عليه أثره، ما دامت المطلقة في العدة، وإنما يظهر أثره بعد انقضاء العدة دون مراجعة، فإِذا انقضت العدة ولم يراجعها، بانت منه، وإذا كان ذلك كذلك،

(1) البقرة: 230.

(2)

الأحزاب: 49.

(3)

ما بين نجمتين من "فقه السّنة"(3/ 39).

(4)

مع التَّنبيه إِلى أنَّ بعض العلماء يرى أنَّ جِماع الزوجة إِعادة لها، وانظر -إِن شئت- بعد صفحتين.

ص: 315

فإِنَّ الطلاق الرجعي لا يمنع من الاستمتاع بالزوجة، وإِذا مات أحدهما ورثه الآخر، ما دامت العدة لم تَنْقَضِ، ونفقتها واجبة عليه (1).

ومن قال لامرأته: أنت طالق طلقة لا رجعة لي فيها عليك، بل تملكين بها نفسك، فإِن الناس اختلفوا في ذلك.

قال ابن حزم رحمه الله في "المحلَّى"(11/ 550): "قال أبو حنيفة، والشافعي، وأصحابهما، وابن وهب -صاحب مالك-: هي طلقة يملك فيها زوجها رجعتها، وقوله بخلاف ذلك لغو. وقالت طائفة: هي ثلاث، وهو قول ابن الماجشون -صاحب مالك-. وقالت طائفة: هي كما قال، وهو قول ابن القاسم صاحب مالك.

والذي نقول به: أنه كلام فاسد لا يقع به طلاق أصلاً، لأنه لم يطلق كما أمَره الله عز وجل ولا طلاق إِلا كما أمَر الله -تعالى-.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"(2).

ولا بُدّ من الإِشهاد على الرجعة لقوله -تعالى-: {أشهدوا ذَوَي عدْلٍ منكم} (3).

ولحديث عمران بن الحصين رضي الله عنه المتقدّم. "أشهد على طلاقها وعلى رجعتها".

وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في "نيل الأوطار"(7/ 42) -بحذف-:

(1) انظر "فقه السنَّة"(3/ 40).

(2)

أخرجه البخاري: 2697، ومسلم: 1718 واللفظ له، وتقدّم.

(3)

الطلاق: 2.

ص: 316

"واختلف السلف فيما يكون به الرجل مراجعاً فقال الأوزاعي: إِذا جامعَها فقد راجعَها، ومثله أيضاً روى عن بعض التابعين. وبه قال مالك وإسحاق بشرط أن ينوي به الرجعة. وقال الكوفيون كالأوزاعى وزادوا: ولو لمسها شهوة أو نظر إِلى فرجها لشهوة، وقال الشافعي: لا تكون الرجعة إِلا بالكلام.

وحُجَّة الشافعي أن الطلاق يزيل النكاح.

وإِلى ذلك ذهب الإِمام يحيى والظاهر ما ذهب إِليه الأولون؛ لأن العدة مدة خيار والاختيار يصح بالقول والفعل.

وأيضاً ظاهر قوله -تعالى-: {وبعولتهن أحق بردهنّ} (1)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:"مره فليراجعها": أنها تجوز المراجعة بالفعل؛ لأنه لم يخصَّ قولاً مِنْ فِعْلٍ، ومن ادعى الاختصاص فعليه الدليل، وقد حكى في "البحر" عن العترة ومالك أن الرجعة بالوطء ومقدماته محظورة وإن صحت، ثم قال: قلت: إِن لم يَنوِ بِهِ الرجعة فنعم لعزمه على قبيح وإلا فلا لما مرَّ، وقال أحمد بن حنبل: بل مباح لقوله -تعالى-: {إلَاّ على أزواجهم} (2) والرجعية زوجة بدليل صحة الإِيلاء". انتهى.

وجاء في "الفتاوى"(20/ 381): "

ومسألة الرجعة بالفِعْل، كما إِذا طلّقها: فهل يكون الوطء رجعة؟ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: يكون رجعة كقول أبي حنيفة. والثاني: لا يكون كقول الشافعي. والثالث. يكون رجعة مع النية وهو المشهور عند مالك، وهو أعدل الأقوال الثلاثة في مذهب أحمد".

(1) البقرة: 228.

(2)

المؤمنون: 6.

ص: 317