الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب: يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف؛ وهو من أوكد حقها عليه: أعظم من إِطعامها.
والوطء الواجب قيل: إِنه واجب في كل أربعة أشهر مرة. وقيل: بقدر حاجتها وقدرته؛ كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين. والله أعلم".
حقّ الزوج على زوجته:
من حقّ الرجل على زوجته أن تطيعه في غير معصية الله -سبحانه-، فللرجل القوامة، وعليها الاستجابة والطاعة.
قال الله -تعالى-: {الرِّجال قوّامون على النساء بما فضّل اللهُ بعضَهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم (1) فالصَّالحات قانتاتٌ (2) حافظات للغيب (3) بما حفظ الله} (4).
وعن قيس بن سعد أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد؛ لأمرتُ النساء أن يسجدن لأزواجهنّ؛ لِما جعل الله لهم عليهنّ من الحقّ"(5).
(1) قال ابن كثير رحمه الله: "قال الشعبي في هذه الآية: الصَّداق الذي أعطاها. ألا ترى أنه لو قذَفها لاعَنَها، ولو قذفتْهُ جُلِدَت".
(2)
أي: مطيعات لأزواجهنّ.
(3)
قال السدي وغيره: "أي: تحفظ زوجها في غيبته؛ في نفسها وماله".
(4)
النساء: 34.
(5)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1873)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(926)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1503)، وانظر "الإِرواء"(1998).
وتقدّم أنّ خير النساء: التي تسر زوجها إِذا نظرَ إِليها، وتطيعه إِذا أمرها، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ قال: التي تسرّه إِذا نظر، وتطيعه إِذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره"(1).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "أتى رجل بابنته إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إِنّ ابنتي هذه أبت أن تتزوّج؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطيعي أباك.
فقالت: والذي بعثك بالحق؛ لا أتزوّج حتى تخبرني ما حقّ الزوج على زوجته؟ قال: حق الزوج على زوجته؛ لو كانت به قُرْحة، فلحستها، أو انتثر منخراه صديداً أو دماً، ثمّ ابتلعته؛ ما أدّت حقّه. قالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوّج أبداً! فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لا تنْكِحُوهنَّ إِلا بِإِذْنِهِنَّ" (2).
وجاء في "الفتاوى"(32/ 271 - 277) -بحذف-: "وسئل -رحمه الله تعالى- عمن له زوجة لا تصلّي: هل يجب عليه أن يأمرها بالصلاة؟ وإذا لم تفعل: هل يجب عليه أن يفارقها، أم لا؟
فأجاب: نعم، عليه أن يأمرها بالصلاة، ويجب عليه ذلك؛ بل يجب عليه
(1) أخرجه أحمد، والحاكم، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(3030)، وانظر "الصحيحة"(1838)، وتقدّم.
(2)
أخرجه البزار بإِسناد جيد، رواته ثقات مشهورون، وابن حبان في "صحيحه"، وقال شيخنا رحمه الله في "صحيح الترغيب والترهيب" (1934):"حسن صحيح".
أن يأمر بذلك كل من يقدر على أمره به إِذا لم يقم غيره بذلك، وقد قال -تعالى-:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصَّلاة وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} (1)، وقال -تعالى-:{يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفُسَكم وأهلِيكُم ناراً وَقُودُهَا الناس والحجارة} (2).
وينبغي مع ذلك الأمر أن يَحُضَّها على ذلك بالرغبة، كما يَحُضُّها على ما يحتاج إِليها، فإِن أصرّت على ترْك الصلاة؛ فعليه أن يطلّقها، وذلك واجب في الصحيح. وتارك الصلاة مستحق للعقوبة حتى يصلّي -باتفاق المسلمين-؛ بل إِذا لم يصلِّ قُتِل، وهل يُقْتَل كافراً مرتداً؟ على قولين مشهورين. والله أعلم".
ويجب عليها أن تلبّي دعوته إِلى الفراش حين يطلبها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إِذا دعا الرجل امرأته إِلى فراشه، فأبت أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تصبح"(3).
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذا دعا الرجل زوجته لحاجته؛ فلتأته وإن كانت على التنّور"(4).
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده؛ لا تؤدّي المرأة حقّ ربّها حتى تؤدّي حقّ زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه"(5).
(1) طه: 132.
(2)
التحريم: 6.
(3)
أخرجه البخاري: 5193، ومسلم:1436.
(4)
أخرجه الترمذي، والنسائي، وقال الترمذي:"حديث حسن صحيح".
(5)
أخرجه أحمد، وابن ماجه، وابن حبان، وانظر "آداب الزفاف"(ص 283).
جاء في "الفتاوى"(32/ 203 - 204): "وسئل رحمه الله عن رجل تزوّج امرأة، وكتب كتابها، ودفع لها المال بكماله؛ وبقي المقسّط من ذلك، ولم تستحق عليه شيئاً؛ وطلبها للدخول فامتنعت؛ ولها خالة تمنعها: فهل تجبر على الدخول؟ ويلزم خالتها المذكورة تسليمها إِليه؟
فأجاب: ليس لها أن تمتنع من تسليم نفسها -والحالُ هذه- باتفاق الأئمة، ولا لخالتها ولا غير خالتها أن يمنعها؛ بل تعزَّر الخالة على منعها من فعل ما أوجب الله عليها، وتُجْبر المرأة على تسليم نفسها للزّوج".
ومن حقّه ألا تصوم بحضوره إِلا بإِذنه.
"لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إِلا بإِذنه [غير رمضان]، ولا تأذن في بيته إِلا بإِذنه"(1).
ولا تأذن في بيته إِلا بإِذنه؛ للحديث السابق، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"ألا إِنّ لكم على نسائكم حقّاً، ولنسائكم عليكم حقّاً. فأمّا حقّكم على نسائكم؛ فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقّهُنّ عليكم أن تُحسنوا إِليهنَّ في كسوتهنّ وطعامهنّ"(2).
(1) أخرجه البخاري: 5195، ومسلم: 1026، وانظر "آداب الزفاف"(ص 282) لأجل الزيادة.
(2)
أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي"(929)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1501)، وانظر "الإرواء"(2030).