الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخِطبة
(1)
الخِطبة: فِعْلة، كقِعدة وجِلسة، يقال: خَطب المرأة يَخْطُبها، خَطْباً وخِطْبَةً، أي: طلبها للزواج بالوسيلة المعروفة بين الناس، ورجل خطّاب: كثير التصرّف في الخطبة، والخطيب، والخاطب، والخطب؛ الذي يخطب المرأة، وهي خطبة، وخطبته، وخطب يخطب: قال كلاماً يعظ به، أو يمدح غيره، ونحو ذلك.
والخِطبة من مقدمات الزواج، وقد شرعها الله قبل الارتباط بعقد الزوجية؛ ليتعرّف كلّ من الزوجين صاحبه، ويكون الإِقدام على الزواج على هدى وبصيرة.
ماذا يقول إِذا دُعي ليزوِّج
؟
عن أبي بكر بن حفص قال: "كان ابن عمر إِذا دعي إِلى تزويج قال: لا تفضِّضوا (وفي نسخة: تعضضوا) علينا الناس، الحمد لله، وصلّى الله على محمد، إِن فلاناً خطب إِليكم فلانة، إِنْ أَنكحتموه فالحمد لله، وإنْ رددتموه فسبحان الله"(2).
خِطبة معتدَّة الغير
(3):
تحرُم خِطبة المعتدَّة؛ سواء أكانت عدتها عدة وفاة، أم عدة طلاق، وسواء أكان الطلاق طلاقاً رجعياً أم بائناً، فإِن كانت معتدة من طلاق رجعي، حرمت
(1) عن كتاب "فقه السّنة"(2/ 343).
(2)
أخرجه البيهقي، وصحّح شيخنا رحمه الله إِسناده في "الإِرواء"(1822).
(3)
عن "فقه السّنة"(2/ 344) بتصرّف.
خطبتها؛ لأنها لم تخرج عن عصمة زوجها، وله مراجعتها في أي وقت شاء.
وإِن كانت معتدة من طلاق بائن، حرُمت خطبتها بطريق التصريح، إِذ حقّ الزوج لا يزال متعلّقاً بها، وله حقّ إِعادتها بعقد جديد، ففي تقدُّم رجل آخر لخطبتها اعتداء عليه.
واختلف العلماء في التعريض بخطبتها، والصحيح جوازه.
وإن كانت معتدة من وفاة، فإِنه يجوز التعريض لخطبتها أثناء العدة دون التصريح (1)؛ قال الله -تعالى-:{ولا جناح عليكم فيما عرّضتم به من خِطبة النّساء أو أكننتم في أنفسكم عَلِم الله أنَّكم ستذكُرُونهنّ ولكن لا تُواعدوهنّ سرّاً إِلاّ أن تقولوا قولاً معروفاً ولا تعزِمُوا عُقْدة النّكاح حتّى يبلغ الكتاب أَجَلَه واعلموا أنّ الله يَعْلَم ما في أنفسكُم فاحذَروه} (2).
والمراد بالنساء المعتدات لوفاة أزواجهن؛ لأن الكلام في هذا السياق، ومعنى التعريض؛ أن يذكر المتكلم شيئاً؛ يدل به على شيء لم يذكره، مِثل أن يقول: إِني أريد التزوج، أو: لَودِدْتُ أن يُيسّر الله لي امرأة صالحة، أو يقول: إِن
(1) سألت شيخنا عن قول الشيخ السيد سابق -رحمهما الله تعالى-: وإن كانت معتدة من وفاة فإِنه يجوز التعريض لخطبتها أثناء العدة دون التصريح؛ لأن صلة الزوجية قد انقطعت بالوفاة، فلم يبق للزوج حق يتعلق بزوجته التي مات عنها.
وإنما حرمت خطبتها بطريق التصريح؛ رعاية لحزن الزوجة وإحدادها من جانب، ومحافظة على شعور أهل الميت وورثته من جانب آخر؟
فقال رحمه الله: لا أرى صحّة هذا التعليل!
(2)
البقرة: 235.
الله لسائق لكِ خيراً.
عن ابن عباس رضي الله عنهما: " {فيما عرّضتم به من خِطبة النساء} يقول: إِني أريد التزويج، ولوددت أنه ييسر لي امرأة صالحة. وقال القاسم: يقول: إِنك عليّ كريمة، وإني فيك لراغب، وإنّ الله لسائق إِليك خيراً، أو نحو هذا. وقال عطاء: يُعرّض ولا يبوح، يقول: إِنّ لي حاجة، وأبشري، وأنتِ بحمد الله نافقة"(1).
وخلاصة الآراء: أن التصريح بالخطبة حرام لجميع المعتدات، والتعريض مباح للبائن، وللمعتدة من الوفاة، وحرام في المعتدة من طلاق رجعي.
وإذا صرَّح بالخِطبة في العدة، ولكن لم يعقد عليها إلَاّ بعد انقضاء عدتها، فقد اختلف العلماء في ذلك؛ قال مالك: يفارقها؛ دخَل بها أم لم يدخل. وقال الشافعي: صح العقد، وإن ارتكب النهي الصريح المذكور؛ لاختلاف الجهة.
واتفقوا على أنه يُفرّق بينهما لو وقع العقد في العدة، ودخل بها.
وهل تحل له بعد، أم لا؟ قال مالك والليث والأوزاعي: لا يحل له زواجها بعد.
وقال جمهور العلماء: بل يحلّ له إِذا انقضت العدة أن يتزوجها، إِذا شاء.
وسألت شيخنا رحمه الله: "إِذا صرّح بالخِطبة في العدّة، ولكن لم يعقد عليها إِلا بعد انقضاء عدّتها، فهل أنتم مع من قال بصحّة العقد، وإن ارتكب النهي الصريح؟
(1) انظر "صحيح البخاري"(5124).