الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تريد فراقه فتعطيه الصداق أو بعضه فداء نفسها؛ كما يفتدي الأسير (1).
مشروعيته:
قال الله -تعالى-: {ولا يحلّ لكم أن تأخذوا مما آتيتموهنّ شيئاً إِلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإِنْ خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} (2).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أنّ امرأة ثابت بن قيس أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتِبُ عليه في خُلقٍ ولا دين، ولكنّي أكره الكُفر في الإِسلام (3). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترُدّين عليه حديقته؟ قالت: نعم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبَل الحديقة وطلّقها تطليقة"(4).
اشتراط النشوز (5) فيه وعدم إِقامة حدود الله -تعالى-:
جاء في "السيل الجرار"(2/ 364): "وأمّا اشتراط النشوز منها فلقوله
(1) انظر "الفتاوى"(32/ 282).
(2)
البقرة: 229.
(3)
قال الحافظ في "الفتح"(9/ 400): يحتمل أن تريد بالكفر كفران العشير إِذ هو تقصير المرأة في حق الزوج. وقال الطيبي: المعنى أخاف على نفسي في الإِسلام ما ينافي حكمه من نشوز وفَرك وغيره؛ مما يتوقع من الشابة الجميلة المبغضة لزوجها إذا كان بالضد منها، فأطلقت على ما ينافي مقتضى الإسلام الكفر. ويحتمل أن يكون في كلامها إِضمار، أي: أكره لوازم الكفر من المعاداة والشقاق والخصومة.
(4)
أخرجه البخاري: 5273.
(5)
النُّشوز: هو الارتفاع والمرأة النَّاشِزة: هي المرتفعة على زوجها، التَّاركة =
-عز وجل: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيمتوهنّ شيئاً إِلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإِنْ خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} (1) فقيَّد -سبحانه- حلّ الافتداء بمخافتهما ألا يقيما حدود الله.
وظاهر الآية أن الخُلع لا يجوز إِلا بحصول المخالفة منهما جميعاً، بأن يخاف الزوج أن لا يمسكها بالمعروف، وتخاف الزوجة أن لا تطيعه كما يجب عليها.
ولكنّه لمّا ثبتَ حديث ابن عباس عند البخاري وغيره (2)
…
دلّ ذلك على أنّ المخافة لعدم إِقامة حدود الله من طريقها كافية في جواز الاختلاع".
وقال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره": "ثمّ قد قال طائفة كثيرة من السلف، وأئمة الخلف: إِنه لا يجوز الخُلع إِلا أنْ يكون الشقاق والنشوز من جانب المرأة، فيجوز للرجل حينئذ قَبول الفدية، واحتجوا بقوله -تعالى-: {ولا يحِلُّ لكم أن تأخذوا مما آتيتموهنّ شيئاً إِلا أن يخافا ألا يُقيما حُدود الله
…
} الآية، قالوا: فلم يشرع الخُلع إِلا في هذه الحالة، فلا يجوز في غيرها إِلا بدليل، والأصل عدمه.
وممن ذهب إِلى هذا ابن عباس، وطاوس، وإبراهيم، وعطاء، والحسن، والجمهور؛ حتى قال مالك والأوزاعي: لو أخذ منها شيئاً وهو مضارّ لها وجب ردّه إِليها، وكان الطلاق رجعياً؛ قال مالك: وهو الأمر الذي أدركتُ الناس عليه.
وذهب الشافعي رحمه الله إِلى أنه يجوز الخُلع في حالة الشقاق، وعند
= لأمره المعرضة عنه المبغضة له -وسيأتي إِنْ شاء الله تعالى-.
(1)
البقرة: 229.
(2)
ثمّ ساق الحديث بتمامه.