الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه، فهو عاصٍ ولا ولاية له عليه، بل كل من لم يقم بالواجب في ولايته، فلا ولاية له، بل إِمّا أن تُرفع يده عن الولاية ويقام من يفعل الواجب، وإمَّا أن يُضمّ إِليه من يقوم معه بالواجب، إِذ المقصود طاعة الله ورسوله بحسب الإِمكان".
الاقتراع على الولد:
عن هلال بن أسامة: أنَّ أبا ميمونة سليم (1) مولى مِن أهل المدينة -رجلُ صِدْقٍ- قال: بينما أنا جالس مع أبي هريرة، جاءته امرأة فارسية، معها ابن لها، فادعياه، وقد طلَّقها زوجها، فقالت: يا أبا هريرة رضي الله عنه ورطنت له بالفارسية - زوجي يريد أن يذهب بابني، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: استهِما (2) عليه -ورطن لها بذلك- فجاء زوجها فقال: من يُحاقّني (3) في ولدي؟ فقال أبو هريرة: اللهمّ! إِني لا أقول هذا، إِلا أنّي سمعتُ امرأةً جاءت إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا قاعد عنده، فقالت: يا رسول الله، إِنّ زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عِنبة، وقد نفَعَني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استهِما عليه" فقال زوجها: من يحاقّني في ولدي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا أبوك، وهذه أمّك، فخذ بيد أيّهما شئت فأخذ بيد أمّه، فانطلَقَت به" (4).
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد"(5/ 468) -ناقلاً أقوال العلماء-:
(1) أي: اقترعا عليه.
(2)
أي: ينازعني.
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1992)، والنسائي، والدارمي، وغيرهم، وانظر "الإِرواء"(2192)، وتقدم مختصراً غير بعيد.
(4)
قال في "تهذيب التهذيب": "قيل اسمه: سليم؛ وقيل: سلمان؛ وقيل: أسامه".
"قد ثبَت التخيير عن النبي صلى الله عليه وسلم في الغلام من حديث أبي هريرة، وثبت عن الخلفاء الراشدين، وأبي هريرة، ولا يعرف لهم مخالف في الصحابة ألبتة، ولا أنكَره مُنكِر. قالوا: وهذا غاية في العدل الممكن، فإِنّ الأمّ إِنما قُدِّمت في حال الصغر لحاجة الولد إِلى التربية والحمل والرضاع والمداراة التي لا تتهيأ لغير النساء، وإِلا فالأمّ أحد الأبوين، فكيف تُقدّم عليه؟ فاذا بلغ الغلام حدّاً يُعرِب فيه عن نفسه، ويستغني عن الحمل والوضع وما تعانيه النساء، تساوى الأبوان، وزال السبب الموجب لتقديم الأمّ، الأبوان متساويان فيه، فلا يُقدَّم أحدهما إِلا بمرجِّح، والمرجِّح إِمّا من خارج، وهو القرعة، وإمّا من جهة الولد، وهو اختياره.
وقد جاءت السُّنة بهذا وهذا، وقد جمَعَهما حديث أبي هريرة، فاعتبرناهما جميعاً، ولم ندفع أحدهما بالآخر، وقدَّمنا ما قدَّمه النبي صلى الله عليه وسلم، وأخَّرنا ما أخَّره، فقدّم التخيير، لأنَّ القرعة إِنما يصار إِليها إِذا تساوت الحقوق من كل وجه، ولم يبق مُرجِّح سواها، وهكذا فَعَلْنا ها هنا؛ قدَّمنا أحدهما بالاختيار، فإِن لم يختر، أو اختارهما جميعاً، عَدَلْنا إِلى القرعة، فهذا لو لم يكن فيه موافقة السنة، لكان مِن أحسن الأحكام، وأعدلها، وأقطعها للنزاع بتراضي المتنازعين.
وفيه وجه آخر في مذهب أحمد والشافعي: أنه إِذا لم يختر واحداً منهما كان عند الأمِّ بلا قرعة، لأن الحضانة كانت لها، وإنما ننقله عنها باختياره، فإِذا لم يختر، بقي عندها على ما كان. انتهى.
وعن رافع بن سنان: "أنه أسلم، وأبت امرأته أن تسلم، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: ابنتي وهي فطيم -أو شبهه- وقال رافع: ابنتي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اقعدْ ناحية، وقال لها: اقعدي ناحية، قال: وأقعَد الصبيَّة بينهما، ثم قال: